للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشُّرْبِ، وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ، أَوْ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الشُّرْبِ وَوُجُوبَ الْحَدِّ مِنْ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا يُجْهَلُ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَدْ ظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَفَشَا، فَلَا يُعْذَرُ جَاهِلٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ

. (ص) لَا مُسَاحَقَةٌ وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا كَبَهِيمَةٍ، وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ، وَالْأَكْلِ وَمَنْ حُرِّمَ لِعَارِضٍ كَحَائِضٍ، أَوْ مُشْتَرَكَةٍ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَا تُعْتَقُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ شِرَارَ النِّسَاءِ إذَا فَعَلَ بَعْضُهُنَّ بِبَعْضٍ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْفِعْلِ الْأَدَبُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا إيلَاجَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ وَاطِئُ الْبَهِيمَةِ، وَكَذَا سَائِرُ مَنْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُحَدُّ مِنْ مَجْبُوبٍ وَمَقْطُوعِ ذَكَرٍ، وَصَبِيٍّ، وَصَبِيَّةٍ مُمَيِّزَيْنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْغَصْبِ، وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ تُدْخِلُ فِي فَرْجِهَا ذَكَرَ بَهِيمٍ حَيٍّ، أَوْ مَيِّتٍ، أَوْ ذَكَرَ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ، وَلَيْسَ بِزِنًا، وَيَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ، وَلَا تُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا تُؤْكَلُ أُكِلَتْ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ بِقَتْلِهَا، وَهَلْ لِخَوْفِ الْإِتْيَانِ بِوَلَدٍ مُشَوَّهٍ، أَوْ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُذَكِّرُ الْفَاحِشَةَ فَيُعَيَّرُ بِهَا؟ . قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ فِي حَالِ حَيْضِهَا، أَوْ إحْرَامِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ وَطْئِهَا عَلَيْهِ لَمْ تَكُنْ أَصْلِيَّةً، وَإِنَّمَا هُوَ لِعَارِضٍ وَيَزُولُ، وَلَا يَشْمَلُ ذَلِكَ حَدَّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، أَوْ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَهُ فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِلْكٌ قَوِيٌّ وَالشُّبْهَةُ إذَا قَوِيَتْ تَدْرَأُ الْحَدَّ أَيْ: تُسْقِطُهُ وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ كَعَمَّتِهِ، وَابْنَةِ أَخِيهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ وَطِئَهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ لِعَدَمِ انْطِبَاقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَتُبَاعُ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعُودَ إلَى وَطْئِهَا ثَانِيَةً. (ص) ، أَوْ مُعْتَدَّةٍ. (ش) يَحْتَمِلُ أَمَةً مُعْتَدَّةً أَيْ: أَنَّ السَّيِّدَ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ امْرَأَةً مُعْتَدَّةً أَيْ: إذَا عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَوَطِئَهَا عَالِمًا، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مَعَ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا صَادِقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً فَقَدْ تَقَدَّمَتْ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَبْتُوتَةٍ بِأَنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، أَوْ بَائِنًا بِغَيْرِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَنَوَى بِوَطْئِهِ الرَّجْعَةَ، أَوْ غَيْرَ رَجْعِيَّةٍ، وَنَكَحَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، فَلَا حَدَّ وَلَا أَدَبَ، وَلَا حَرَجَ، وَإِنْ وَطِئَ الرَّجْعِيَّةَ، أَوْ الْبَائِنَ وَلَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ فِي الرَّجْعِيَّةِ، وَبِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فِي الْبَائِنِ فَفِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ حُرْمَةَ الشُّرْبِ وَوُجُوبَ الْحَدِّ مِنْ الْوَاضِحِ) أَيْ: فَحُرْمَةُ الزِّنَا لَيْسَتْ مِنْ الْوَاضِحِ بِخِلَافِ حُرْمَةِ الشُّرْبِ فَمِنْ الْوَاضِحِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْذَرُ جَاهِلٌ فِي شَيْءٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الزِّنَا أَوْ غَيْرَهُ أَيْ: وَيَكُونُ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ: لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ، وَهُوَ جَاهِلٌ لِلْحُكْمِ إلَخْ وَجَهْلُ الْحُكْمِ لَا يُفِيدُ حَيْثُ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا أَفَادَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إنْ جَهِلَ مِثْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ الزِّنَا لِمَنْ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا الْوَاضِحَ فَرْضُهُ فِي دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ حِلُّ وَطْءِ الْمُرْتَهِنَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَ، وَمُفَادُ النَّقْلِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ أَيْ: فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحُكْمُ أَيْ: فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا الْوَاضِحَ هُوَ جَهْلُ تَحْرِيمِ الزِّنَا

. (قَوْلُهُ: لَا مُسَاحَقَةٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى (وَطْءُ) مِنْ قَوْلِهِ: الزِّنَا وَطْءُ مُكَلَّفٍ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مُكَلَّفٍ أَيْ: لَا وَطْءُ مُسَاحَقَةٍ، فِي الْقَامُوسِ أَسْحَقَ الضَّرْعُ ذَهَبَ لَبَنُهُ وَبَلِيَ وَلَصِقَ بِالْبَطْنِ وَفُلَانًا أَبْعَدَهُ وَأَسْحَقَ اتَّسَعَ. اهـ.، وَحِينَئِذٍ سُمِّيَ مُسَاحَقَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تُلْصِقُ فَرْجَهَا بِفَرْجِ الْأُخْرَى، أَوْ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا يُبْعِدُهُمَا عَنْ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ وَالسِّمَاتِ الْحَسَنَةِ، أَوْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تُوَسِّعُ نَفْسَهَا لِلْأُخْرَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: كَحَائِضٍ) أَيْ: وَكَذَا الْمُعْتَكِفَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْتَرَكَةٍ) وَمِثْلُهَا الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ أَيْ: وَلِذَا يُؤَدِّينَ إلَّا أَنْ لَا يَقْدِرْنَ عَلَى الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ: جَمِيعُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمُسَاحَقَةِ وَمَا بَعْدَهَا بِشَاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا وَلَا مَالٍ وَلَا آيِلَ إلَيْهِ، وَكَذَا فِي الثُّبُوتِ وَالْأَدَبِ مِنْ لَفِّ خِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ، أَوْ غَيْبٍ فِي هَوَاءِ الْفَرَجِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِلشَّافِعِيِّ إلَخْ) أَيْ: تُقْتَلُ بِلَا ذَبْحٍ وَتُحْرَقُ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ لِخَوْفِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَحْصُلُ بِالذَّبْحِ وَالْأَكْلِ فَلَا مُوجِبَ لِلْقَتْلِ وَالْحَرْقِ، ثُمَّ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِالنِّتَاجِ بَيْنَ جِنْسَيْنِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ فَقَطْ الْبَغْلِ، وَالسِّمْعِ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَهُوَ وَلَدُ الذِّئْبِ مَعَ الضَّبُعِ وَمِمَّا يَتَوَلَّدُ مِنْ جِنْسَيْنِ أَيْضًا الْعُقَابُ فَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْعُقَابَ جَمِيعَهُ أُنْثَى، وَأَنَّ الَّذِي يُسَافِدُهُ طَائِرٌ آخَرُ غَيْرُ جِنْسِهِ، وَقِيلَ: إنَّ الثَّعْلَبَ يُسَافِدُهُ قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وَهَذَا مِنْ الْعَجَائِبِ، وَأَمَّا الزَّرَافَةُ فَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ ثَلَاثِ حَيَوَانَاتٍ النَّاقَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَالضِّبْعَانِ وَهُوَ الذَّكَرُ مِنْ الضِّبَاعِ فَيَقَعُ الضِّبْعَانُ عَلَى النَّاقَةِ فَتَأْتِي بِوَلَدٍ بَيْنَ النَّاقَةِ وَالضَّبُعِ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَقَعَ عَلَى الْبَقَرَةِ فَتَأْتِي الزَّرَافَةُ، وَذَلِكَ فِي بِلَادِ الْحَبَشَةِ وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا الزَّرَافَةُ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْجَمَاعَةُ فَلَمَّا تَوَلَّدَتْ مِنْ جَمَاعَةٍ قِيلَ لَهَا ذَلِكَ أَقُولُ: وَكَذَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْبِرْذَوْنَ مِنْ الْخَيْلِ وَالْبَقَرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ) أَيْ: وَالْمَرْأَةُ وَالْحَائِضُ لِزَوْجِهَا مِلْكٌ لَهُ فِيهَا أَيْ: تَسَلُّطٌ شَرْعِيٌّ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّمَتُّعُ بِدُونِ الْوَطْءِ فِيمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْطِبَاقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا مِلْكَ لَهُ مَعْنَاهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ شَرْعًا فَيَشْمَلُ الْعَمَّةَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ شَرْعًا وَلَا شُبْهَةَ وَهُنَا وُجِدَتْ الشُّبْهَةُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ صَارَ لَهُ شُبْهَةُ تَسَلُّطٍ شَرْعِيٍّ، فَحِينَئِذٍ تَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ الْأَمَةُ الْمَمْلُوكَةُ كَمَا تَخْرُجُ الْحَائِضُ. (قَوْلُهُ: إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ) وَكَذَا أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا صَادِقٌ عَلَيْهِ) أَيْ: فَالْمَشْهُورُ مُشْكِلٌ، وَيُجَابُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَذْفِ وَلَا شُبْهَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ عَلَيْهَا وُجِدَتْ الشُّبْهَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>