للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ لَا لِإِمْرَةٍ، وَلَا نَائِرَةٍ، وَلَا عَدَاوَةٍ، فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا: وَالْخَنَّاقُونَ الَّذِينَ يَسْقُونَ النَّاسَ السَّيْكُرَانَ لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَهُمْ مُحَارِبُونَ. فَقَوْلُهُ: الْخُرُوجُ مُنَاسِبٌ لِلْمَحْدُودِ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ. قَوْلِهِ لِإِخَافَةِ سَبِيلٍ أَخْرَجَ بِهِ الْخُرُوجَ لِغَيْرِ إخَافَةِ السَّبِيلِ أَيْ: الطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ: لِأَخْذِ مَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْإِخَافَةَ لَا لِأَخْذِ مَالٍ، بَلْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ عَدُوٍّ كَافِرٍ. قَوْلُهُ: بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ يَتَعَلَّقُ بِأَخْذِ مَالٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَتْلٍ خِفْيَةً لِيَدْخُلَ فِيهِ قَتْلُ الْغِيلَةِ. قَوْلُهُ: أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَنْ قَالَ: لَا أَدَعُ هَؤُلَاءِ يَمْشُونَ إلَى الشَّامِ مَثَلًا مِمَّا قَصَدَ مُجَرَّدَ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الْمُحَارِبَ الْمَفْهُومَ مِنْهُ الْحِرَابَةَ بِقَوْلِهِ: (ص) الْمُحَارِبُ قَاطِعُ طَرِيقٍ لِمَنْعِ سُلُوكٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ، وَمَنَعَهُمْ مِنْ السُّلُوكِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ الْمَالِ فَقَوْلُهُ: لِمَنْعٍ أَيْ: لِأَجْلِ مَنْعِ سُلُوكٍ أَيْ: لِأَجْلِ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ بِهَا أَيْ: مَنْعِ الطَّرِيقِ لِأَجْلِ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْقَطْعِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ مُشْعِرٌ بِعَلِيَّتِهِ أَيْ: بِعَلِيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيُفِيدُنَا هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ، وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهَا لِإِمْرَةٍ، أَوْ نَائِرَةٍ، أَوْ عَدَاوَةٍ فَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا، فَفِي كَلَامِهِ مَا يُخْرِجُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّعْرِيفِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَمْ يُعَرِّفْ الْمُؤَلِّفُ الْحِرَابَةَ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَهَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُحَارِبِ، وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الرِّدَّةَ فِيمَا سَبَقَ، وَلَمْ يُعَرِّفْ الْمُرْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِهَا، فَهُوَ تَارَةً يَكْتَفِي بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، وَتَارَةً يَكْتَفِي بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ عَنْ تَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، لَكِنَّ الِاكْتِفَاءَ بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ أَوْلَى مِنْهُ بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْمُشْتَقِّ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ. (ص) أَوْ أَخْذِ مَالِ مُسْلِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ. (ش) هَذَا هُوَ الْفَرْدُ الثَّانِي الدَّاخِلُ فِي عُمُومِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ مَنَعَ مِنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ لِأَجْلِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ، أَوْ لِمُعَاهَدٍ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، فَهُوَ مُحَارِبٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَارِبِ التَّعَدُّدُ، بَلْ، وَلَوْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ مِنْ الْمَدَنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحَارِبًا، فَلَوْ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُحَارِبًا، بَلْ هُوَ غَاصِبٌ، وَلَوْ كَانَ سُلْطَانًا؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ، وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهِ، وَبِعِبَارَةِ أَوْ آخِذٌ بِالْمَدِّ اسْمُ فَاعِلٍ عَطْفٌ عَلَى قَاطِعٍ، فَيُفِيدُ أَنَّ آخِذَ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَارِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَطْعُ طَرِيقٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا جَعْلُهُ مَصْدَرًا مَعْطُوفًا عَلَى مَنْعٍ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ، أَوْ لِأَخْذِ مَالِ مُسْلِمٍ، فَلَا يَشْمَلُ مَسْقِيَّ السَّيْكُرَانِ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ

ــ

[حاشية العدوي]

مَعْطُوفٌ عَلَى الْخُرُوجِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِإِخَافَةِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ الْخُرُوجُ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ أَيْ مُجَرَّدٌ عَنْ أَخْذِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ لَا لِإِمْرَةٍ أَيْ لَا لِأَجْلِ أَنْ يَجْعَلُوهُ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ فَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا وَيَكُونُ بَاغِيًا فَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْبَاغِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا لِأَمَرَةٍ كَاَلَّذِينَ يَخْرُجُونَ لِأَجْلِ أَخْذِ الْعُشْرِ وَقَوْلُهُ وَلَا عَدَاوَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِنَائِرَةٍ وَالْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ لِأَنَّ النَّائِرَةَ هِيَ الْعَدَاوَةُ أَيْ كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَهْلِ بَلَدَيْنِ قِتَالٌ فَيَمْنَعُ أَهْلُ إحْدَاهُمَا أَهْلَ الْأُخْرَى مِنْ الْمُرُورِ.

(قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ إذْهَابُ عَقْلٍ. (قَوْلُهُ: السَّيْكُرَانَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَصُوِّبَ الْأَوَّلُ (قَوْلُ لِيَدْخُلَ فِيهِ قَاتِلُ الْغِيلَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَعْنَى يَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ الْغِيلَةِ كَمَا يَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ غَيْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى قَتْلِ الْغِيلَةِ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ: لِمَنْعِ سُلُوكٍ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ الْمَالِ كَانَ الْمَمْنُوعُ خَاصًّا كَفُلَانٍ أَوْ مِصْرِيٍّ مَثَلًا أَوْ عَامًّا كَقَوْلِهِ لَا أَدْعُ أَحَدًا يَمُرُّ لِلشَّامِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُمْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَطَعَ الطَّرِيقَ أَيْ مَنَعَهُمْ مِنْ السُّلُوكِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحَكَمِ إلَخْ) فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ قَطْعٌ وَالْوَصْفُ هُوَ مَنْعٌ وَأَنَّ الْعَلِيَّةَ أُخِذَتْ مِنْ التَّعْلِيقِ لَا صَرَاحَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعِلَّةُ صَرِيحَةٌ لِدُخُولِ اللَّامِ عَلَى مَنَعَ وَإِنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ وَصْفًا بَلْ الْوَصْفُ قَاطِعٌ فَلَا ظُهُورَ لِمَا قَالَهُ شَارِحُنَا بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَطْعَ الطَّرِيقِ هُوَ مَنْعُ السُّلُوكِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ أَحَدِهِمَا عِلَّةً لِلْآخَرِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ وَمَنَعَهُمْ فَيُفِيدَانِ، الْمَنْعُ هُوَ الْقَطْعُ فَقَوْلُهُ أَيْ لِأَجْلِ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْعَهُ السُّلُوكَ فِي الطَّرِيقِ هُوَ مَنْعُهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا فَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ فِيهِ تَعْلِيلَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهَا لِإِمْرَةٍ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ الِانْتِفَاعِ بِهَا مَعَ أَنَّهُ قَاصِدٌ قَطْعًا عَدَمَ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِأَجْلِ أَنْ يُجْعَلَ أَمِيرًا فَإِنْ قُلْتَ مَا الَّذِي يُفْهَمُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ قُلْت يُفْهَمُ بِتَقْدِيرٍ فِي الْعِبَارَةِ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ الْمُحَارِبُ قَاطِعٌ لِمُجَرَّدِ الْمَنْعِ مِنْ السُّلُوكِ أَوْ لِأَخْذِ مَالٍ إلَخْ أَيْ أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ مَنْ يَمْنَعُ مِنْ السُّلُوكِ لِمُجَرَّدِهِ أَوْ لِأَخْذِ مَالٍ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَالْبِضْعُ أَحْرَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَدَاوَةٍ) عَطْفُهُ الْعَدَاوَةَ عَلَى النَّائِرَةِ بِأَوْ يُفِيدُ الْمُغَايِرَةَ مَعَ أَنَّ النَّائِرَةَ وَالْعَدَاوَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يَتَعَذَّرَ مَعَهُ الْغَوْثُ حَصَلَ غَوْثٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ إلَخْ) مُبَالَغَتَانِ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَنْفَرِدُ بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ هَذَا إذَا كَانَ بَقَرِيَّةٍ بَلْ وَإِنْ بِمَدِينَةٍ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْفَرْدُ الثَّانِي الدَّاخِلُ فِي عُمُومِ قَطْعِ الطَّرِيقِ) هَذَا يُفِيدُ قِرَاءَةَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَخْذِ مَصْدَرًا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَشْمَلُ مَسْقِيَّ السَّيْكَرَانِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْثِيلٌ لَا تَشْبِيهٌ بِالْمُحَارِبِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا سَقَاهُ يَمُوتُ بِهِ وَالْبَنْجُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَدَخَلَ بِالْكَافِ بَعْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>