قَتْلٌ، وَأَمَّا إنْ صَدَرَ مِنْهُ قَتْلٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وُجُوبًا، وَلَوْ كَانَ الَّذِي قَتَلَهُ كَافِرًا، أَوْ عَبْدًا وَلَا يُشْتَرَطُ مُبَاشَرَتُهُ لِلْقَتْلِ، بَلْ وَلَوْ شَارَكَهُ فِيهِ بِإِعَانَةٍ كَضَرْبٍ، أَوْ إمْسَاكٍ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يَعْنِ بِمَا ذَكَرَ بَلْ بِمُمَالَأَةٍ بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُعِينَ بِهِ لَأَعَانَ، وَلَا تُعْتَبَرُ تَوْبَتُهُ، وَلَوْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَمَا يَأْتِي، وَبِعِبَارَةِ (وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ إلَخْ) أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُقْتَلُ حِينَئِذٍ إلَّا قِصَاصًا، فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُكَافِئٍ لَهُ فَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ فِي الْعَبْدِ، أَوْ الدِّيَةَ فِي الذِّمِّيِّ، وَإِنْ كَانَ مُكَافِئًا لَهُ، فَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ إذَا لَمْ يَأْتِ تَائِبًا، وَأَمَّا مَا أَفَادَتْهُ الْمُبَالَغَةُ مِنْ تَحَتُّمِ الْقَتْلِ الْمُرَادِ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ جَبْرًا عَلَى الْقَتْلِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ
. (ص) وَنُدِبَ لِذِي التَّدْبِيرِ الْقَتْلُ وَالْبَطْشُ وَالْقَطْعُ، وَلِغَيْرِهِمَا وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةً النَّفْيُ وَالضَّرْبُ وَالتَّعْيِينُ لِلْإِمَامِ لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَارِبَ الَّذِي لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَتْلٌ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِهِ فَمَنْ كَانَ لَهُ تَدْبِيرٌ فِي الْحُرُوبِ، وَفِي الْخَلَاصِ مِنْهَا تَعَيَّنَ لَهُ الْقَتْلُ لَا الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْفَعُ ضَرَرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُحَارِبُ مِنْ أَهْلِ الْبَطْشِ وَالشُّجَاعَةِ، فَيَتَعَيَّنُ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ تَدْبِيرٌ وَلَا بَطْشٌ، بَلْ اتَّصَفَ بِغَيْرِهِمَا، أَوْ وَقَعَتْ مِنْهُ الْحِرَابَةُ فَلْتَةً مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ حَالِهِ، وَمُوَافِقَةً لِغَيْرِهِ تَعَيَّنَ لَهُ الضَّرْبُ، وَالنَّفْيُ أَيْ: يَضْرِبُهُ وَيَنْفِيهِ، ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يُعَيِّنُ مَا يَفْعَلُ بِالْمُحَارِبِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، وَنَحْوُهَا، فَلَا تَعْيِينَ لَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِالْمُحَارِبِ لَيْسَ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ جَمِيعِ مَا يَفْعَلُهُ فِي حِرَابَتِهِ مِنْ إخَافَةٍ، وَأَخْذِ مَالٍ وَجُرْحٍ. (ص) وَغُرْمُ كُلٍّ عَنْ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ. (ش) الْمُحَارِبُونَ كَالْحُمَلَاءِ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَخَذَهُ أَصْحَابُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
أَخْبَرَ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْمُقَاتَلَةِ يُصْلَبُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّرْتِيبَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الصَّلْبَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْمُقَاتَلَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا تَكُونُ مُقَاتَلَةً. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وُجُوبًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إطْلَاقِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ لَا يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَوْ عَظُمَ فَسَادُهُ وَطَالَ أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ قَتْلُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَخْ فَإِنْ قُلْتَ هَلْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ الْعِبَارَةَ الْأُولَى قُلْت لَا مُخَالَفَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَيْ وَلَا تُعْتَبَرُ تَوْبَتُهُ أَيْ إذَا جَاءَ تَائِبًا مَعْنَاهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَيْ بِحَيْثُ نَقُولُ أَنَّهُ وَلَوْ قَتَلَ مُكَافِئًا وَتَابَ لَا يُقْتَلُ فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا تَابَ وَجَاءَ تَائِبًا وَقَتَلَ مُكَافِئًا لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْقَتْلُ وَيَدُلُّك عَلَى هَذَا قَوْلُهُ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا مُبَالَغَةٌ فِي تَحَتُّمِ الْقَتْلِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ جَاءَ تَائِبًا أَوْ لَمْ يَجِئْ تَائِبًا لَكِنْ إذَا لَمْ يَجِئْ تَائِبًا لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ وَأَمَّا إذَا جَاءَ تَائِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ بِمَعْنَى لَيْسَ لِلْوَلِيِّ الدِّيَةُ جَبْرًا عَلَى الْجَانِي فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ الْعَفْوَ فَاخْتَلَفَ مَعْنَى تَحَتُّمِ الْقَتْلِ بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ فَتَدَبَّرْ (تَنْبِيهٌ) حُكْمُ الْمُحَارِبِ أَنَّهُ يُنَزَّلُ مِنْ الْخَشَبَةِ قَبْلَ التَّغْيِيرِ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا قَتَلَ الْمُحَارِبُ شَخْصًا مِنْ وَرَثَتِهِ فَقِيلَ يَرِثُهُ وَقِيلَ لَا يَرِثُهُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ
. (قَوْلُهُ: فَلْتَةً) مَنْصُوصٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ وُقُوعَ فَلْتَةٍ بِأَنْ أَخَذَهُ بِفَوْرِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالَهُ. (قَوْلُهُ: يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذَا التَّدْبِيرِ يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ الْقَتْلُ وَيَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا عَدَاهُ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ ذَا التَّدْبِيرِ يَجِبُ فِي حَقِّهِ الْقَتْلُ وَأَنَّ ذَا الْبَطْشِ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الْقَطْعُ وَأَنَّ غَيْرَهُمَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ النَّفْيُ وَالضَّرْبُ فَأَرَادَ شَارِحُنَا الْجَوَابَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ النَّدْبَ لَمْ يَتَوَجَّهْ لِمَا ذَكَرَ مِنْ الْقَتْلِ بِالنِّسْبَةِ لِذِي التَّدْبِيرِ وَالْقَطْعِ بِالنِّسْبَةِ لِذِي الْبَطْشِ وَهَكَذَا بَلْ إنَّمَا النَّدْبُ مُتَوَجِّهٌ لِلنَّظَرِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي حَالِ الْمُحَارِبِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ ذُو تَدْبِيرٍ وَجَبَ فِي حَقِّهِ الْقَتْلُ وَهَكَذَا أَقُولُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَجَّهَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ إلَى أَنَّ قَطْعَ ذَا التَّدْبِيرِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَتَوَجَّهَ إلَى الْقَتْلِ فِي ذِي الْبَطْشِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَتَوَجَّهَ لِمَنْ وَقَعَ فَلْتَةً وَقَتَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ إنَّمَا خَالَفَ النَّدْبَ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ بَلْ يَتَعَيَّنُ النَّظَرُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي أَحْوَالِ الْمُحَارِبِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ ذُو تَدْبِيرٍ قَتَلَهُ وَهَكَذَا ثُمَّ لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْحَالَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْقَتْلُ وَأَمَّا إنْ قَتَلَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ اتَّصَفَ بِغَيْرِهِمَا) أَيْ كَثُرَتْ مُحَارَبَتُهُ وَلَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَدْبِيرٌ وَلَا بَطْشٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ يَضْرِبُهُ وَيَنْفِيهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنَّفِ مِنْ كَوْنِ النَّفْيِ مُقَدَّمًا عَلَى الضَّرْبِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ بَلْ الضَّرْبُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ فَقِيلَ يُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الضَّرْبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الضَّرْبُ عَلَى النَّفْيِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ إذَا اتَّفَقَ أَنَّهُ نَفْيٌ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ يُعْتَبَرُ وَهَلْ تَقْدِيمُ الضَّرْبِ عَلَى النَّفْيِ عَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدُ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ ظَاهِرِ الْكَلَامِ الْوُجُوبُ.
(قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ) أَيْ فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِمَجِيئِهِ تَائِبًا غَرِمَ مُطْلَقًا وَإِنْ قَطَعَ أَوْ قَتَلَ اسْتِقْلَالًا أَوْ مَعَ الصَّلْبِ أُغْرِمَ إنْ أَيْسَرَ مِنْ الْأَخْذِ إلَى الْقَطْعِ أَوْ الْقَتْلِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَالضَّرْبُ وَالنَّفْيُ كَالْقَطْعِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ النَّفْيَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِهِ وَقِيلَ كَسُقُوطِ الْحَدِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute