للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَوْلِهِ: وَالْمَرْأَةُ وَإِذَا أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُجْعَلَ فِي قُفَّةٍ، وَيُجْعَلَ تَحْتَهَا تُرَابٌ، وَيُبَلَّ بِالْمَاءِ لِأَجْلِ السَّتْرِ، وَيُوَالِي الضَّرْبَ عَلَيْهَا، وَلَا يُفَرِّقُ إلَّا أَنْ يَخْشَى مِنْ تَوَالِيهِ الْهَلَاكَ فَيُفَرِّقَ

. (ص) وَعَزَّرَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ حَبْسًا وَلَوْمًا وَبِالْإِقَامَةِ وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ، أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَضَمِنَ مَا سَرَى. (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْحُدُودِ الَّتِي جَعَلَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا لِكُلِّ أَحَدٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعُقُوبَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مَعْلُومٌ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَأَقْوَالِهِمْ، وَأَفْعَالِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ يُعَزِّرُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْأَكْلِ فِي رَمَضَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَشَتْمِ آخَرَ، أَوْ ضَرْبِهِ، أَوْ أَذَاهُ بِوَجْهٍ، وَالتَّعَازِيرُ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ بِاعْتِبَارِ الْقَائِلِ، وَالْمَقُولِ لَهُ، وَالْمَقُولِ، وَلَا يَخْلُو عَنْ حَقِّ اللَّهِ إذْ مِنْ حَقِّهِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ تَرْكُ أَذَاهُ لِغَيْرِهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ هَذَا الْقِسْمُ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْآدَمِيِّ جُعِلَ قَسِيمًا لِلْأَوَّلِ، وَبِعِبَارَةِ الْمُرَادِ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ مَا لَهُ إسْقَاطُهُ، وَبِمَعْصِيَةِ اللَّهِ مَا لَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ، وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا حَقَّ الْآدَمِيِّ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا مَعْصِيَةٌ يَتَمَحَّضُ فِيهَا حَقُّ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِيهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ نَهْيُهُ، وَلِذَا قِيلَ: مَا مِنْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ، ثُمَّ إنَّ مَا تَمَحَّضَ الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ إذَا جَاءَ تَائِبًا، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّعْزِيرُ، وَالتَّعْزِيرُ يَكُونُ بِالْحَبْسِ، وَاللَّوْمِ وَبِالْإِقَامَةِ مِنْ الْمَجْلِسِ، وَالْمَحَافِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلُّ إزَارُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَ الْإِقَامَةَ بِأَنْ يَقِفَ عَلَى قَدَمَيْهِ، ثُمَّ يَقْعُدَ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَإِلَّا كَأَنْ يَقُولَ: وَبِالْقِيَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَعْزِيرُهُ بِالضَّرْبِ بِالدِّرَّةِ، وَالْقَضِيبِ وَالْعَصَا، وَضَرْبِ الْقَفَا بِالْأَكُفِّ مُجَرَّدًا، وَإِذَا أَدَّى اجْتِهَادُ الْإِمَامِ إلَى أَنْ يُعَزِّرَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى الْحَدِّ، أَوْ يَأْتِي عَلَى هَلَاكِ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْهَلَاكَ ابْتِدَاءً، بَلْ ظَنَّ السَّلَامَةَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا سَرَى إلَى هَلَاكِ النَّفْسِ بِسَبَبِ التَّعْزِيرِ، وَبِعِبَارَةِ وَلَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ السَّرَيَانِ، وَقَوْلُهُ: وَضَمِنَ مَا سَرَى أَيْ: إذَا أَخْطَأَ ظَنُّهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ السَّلَامَةَ فَلَهُ التَّعْزِيرُ، وَلَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ، لَكِنَّهُ إذَا أَتَى عَلَى النَّفْسِ يَضْمَنُ لِتَبَيُّنِ خَطَأِ ظَنِّهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْإِمَامُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.

(ص) كَطَبِيبٍ جَهِلَ، أَوْ قَصَّرَ. (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّبِيبَ إذَا فَعَلَ طِبَّهُ عَلَى جَهْلٍ مِنْهُ بِعِلْمِ الطِّبِّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَيُوَالِي الضَّرْبَ عَلَيْهَا وَلَا يُفَرِّقُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَرْأَةِ بِذَلِكَ

. (قَوْلُهُ: حَبْسًا وَلَوْمًا) الْمُرَادُ بِاللَّوْمِ تَوْبِيخُهُ بِالْكَلَامِ وَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ يُحْبَسُ حَبْسًا وَيُلَامُ لَوْمًا لَا بِنَزْعِ الْخَافِضِ لِأَنَّهُ سَمَاعِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِالْإِقَامَةِ) أَيْ وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ فِي الْمَلَا وَقَوْلُهُ وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ أَيْ إذَا كَانَ مَا ذَكَرَ زَجْرًا لَهُ وَقَوْلُهُ وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ وَهُوَ لُغَةً جِلْدٌ مَضْفُورٌ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ بِخِلَافِ الْحُدُودِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِسَوْطٍ. (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ النَّاسِ) أَيْ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَحَافِلِ) هِيَ الْمَجَالِسُ وَيَكُونُ التَّعْزِيرُ بِالنَّفْيِ فِيمَنْ يُزَوِّرُ الْوَثَائِقَ وَبِالْمَالِ كَأَخْذِ أُجْرَةِ الْعَوْنِ مِنْ الْمَطْلُوبِ الظَّالِمِ وَبِالْإِخْرَاجِ عَنْ الْمِلْكِ كَتَعْزِيرِ الْفَاسِقِ بِبَيْعِ دَارِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْعَصَا) الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضِيبِ الْعَصَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَظُنَّهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ السَّلَامَةِ أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِ السَّلَامَةِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ لَا قِصَاصَ فِي كُلِّ هَذِهِ بَلْ مَا فِيهِ إلَّا دِيَتُهُ وَسَكَتَ عَنْ جَوَازِ الْإِقْدَامِ فَهَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ بِشَرْطِ ظَنِّ السَّلَامَةِ أَوْ الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ ظَنِّ السَّرَيَانِ فَيَصْدُقُ بِالتَّرَدُّدِ وَلَكِنَّ مُقْتَضَى مَا قَالَ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ ظَنِّ السَّلَامَةِ وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ عَدَمِهِ الصَّادِقِ بِصُورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ إلَى هَلَاكِ النَّفْسِ أَيْ أَوْ إتْلَافِ عُضْوٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا قِصَاصَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَقَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ السَّرَيَانِ صَادِقٌ بِظَنِّ السَّلَامَةِ وَالتَّرَدُّدِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَخَالَفَتْ مَا قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَضَمِنَ مَا سَرَى أَيْ إذَا أَخْطَأَ ظَنُّهُ وَأَوْلَى صُورَةُ التَّرَدُّدِ فَظَهَرَ أَيْضًا الْمُخَالَفَةُ لِمَا قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَهَذَا إذَا ظَنَّ السَّلَامَةَ فَلَهُ التَّعْزِيرُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِنْدَ التَّرَدُّدِ لَيْسَ لَهُ التَّعْزِيرُ فَخَالَفَ قَوْلَهُ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ السَّرَيَانِ وَوَافَقَ الْعِبَارَةَ الْأُولَى وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ إذَا أَتَى عَلَى النَّفْسِ يَضْمَنُ أَيْ وَلَا قِصَاصَ وَرُبَّمَا يُقَالُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ عِنْدَ التَّرَدُّدِ أَوْ ظَنِّ عَدَمِ السَّلَامَةِ فِيهِ الْقِصَاصُ ولعج عِبَارَةٌ مُفَصَّلَةٌ وَاضِحَةُ الْمَعْنَى فَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَيْهَا وَنَصُّهَا الْمَسَائِلُ ثَلَاثٌ الْأُولَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ مَا فِيهِ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ وَأَمَّا الضَّمَانُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَالَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْ فِعْلِهِ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ لَا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ مَا فِي النَّوَادِرِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي تت الثَّانِيَةُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ ظَنِّ عَدَمِ السَّلَامَةِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ الْهَلَاكُ أَوْ عَيْبٌ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ فَإِنْ فَعَلَ اُقْتُصَّ مِنْهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قَالَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَكَلَامُ تت يَقْتَضِي أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الدِّيَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ

الثَّالِثَةُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ الشَّكِّ فِي السَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا وَيَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ الدِّيَةَ أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْإِمَامُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِالشَّكِّ هَذَا مُلَخَّصٌ مِنْ كَلَامٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ فِي ك. (قَوْلُهُ: عَلَى جَهْلٍ مِنْهُ بِعِلْمِ الطِّبِّ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُدَاوِي وَفِيمَا سَبَقَ الْمُبَاشِرُ لِلْقِصَاصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>