الْحَيَاةِ كَكَثْرَةِ الرَّضْعِ وَالضَّمِيرُ فِي لِعَدَدِهِ يَرْجِعُ لِلْحَمْلِ
(ص) بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَهِيَ الصِّيغَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ كَأَوْصَيْتُ وَتَكُونُ بِلَفْظٍ غَيْرِ صَرِيحٍ يُفْهَمُ مِنْهُ إرَادَةُ الْوَصِيَّةِ كَالْإِشَارَةِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مِنْ الْقَادِرِ عَلَى الْكَلَامِ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ (ص) وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ إذَا كَانَتْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ مَثَلًا، فَإِنَّ قَبُولَهُ لَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا لَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِمْ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِهِمْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِمَّا لَوْ قَبِلَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ شَيْئًا إذْ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ مَا دَامَ حَيًّا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَقْبَلَ بَعْدَهُ قَالَهُ مَالِكٌ، وَإِذَا قَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِقُرْبٍ أَوْ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ، فَإِنَّ الْغَلَّةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ قَوْلُهُ الْمُعَيَّنِ أَيْ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ يَقْبَلُ لَهُ بِخِلَافِ الْحَوْزِ فِي الْوَقْفِ وَالْهِبَةِ فَيَكْفِي حَوْزُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ مَاتَ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَلِوَارِثِهِ الْقَبُولُ مَاتَ قَبْلَ الْعِلْمِ، أَوْ بَعْدَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُوصِي الْمُوصَى لَهُ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ الْقَبُولُ وَقَوْلُهُ: شَرْطٌ أَيْ فِي اللُّزُومِ أَيْ فِي لُزُومِهَا لِلْمُوصِي فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَاشِفٌ لِمِلْكِهِ بِالْمَوْتِ لَا فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لَهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ وَيُدْفَعُ هَذَا بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ إلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ كَمَا قَالَهُ بَعْدُ فَقَوْلُهُ لَهُ بِالْمَوْتِ وَقَوْلُهُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ لَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ
(ص) وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا أَوْصَى بِهِ مِمَّا لَهُ ثَمَرٌ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِمَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ الثَّمَرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ التَّنْفِيذِ، وَأَمَّا مَا حَصَلَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمُوصِي مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَهُ التُّونِسِيُّ وَقَالَ الشَّارِحُ إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ سَحْنُونَ وَهُوَ أَعْدَلُ أَقْوَالِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَهُ أَيْضًا فِيهَا مِثْلُ الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِدُونِ ثَمَرِهِ ثُمَّ تَتْبَعُهُ غَلَّتُهُ انْتَهَى.
فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِحَائِطٍ يُسَاوِي أَلْفًا وَهُوَ ثُلُثُ الْمُوصِي لَكِنْ زَادَ لِأَجْلِ ثَمَرَتِهِ مِائَتَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لَمَّا أَنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ تَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ وَاعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَمِقْدَارُ ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْحَاصِلَتَيْنِ مِنْ الْغَلَّةِ انْتَهَى.
وَأَجَابَ بَعْضٌ عَنْ التَّنْظِيرِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمِائَتَيْنِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَالْوَصِيَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا عُلِمَ لِلْمُوصِي فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ فِيمَا نَشَأَ فِي الْحَائِطِ
(ص) ، وَلَمْ يَحْتَجْ رِقٌّ لِإِذْنٍ فِي قَبُولٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِعَبْدٍ بِشَيْءٍ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ الْمُوصَى بِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي قَبُولِ ذَلِكَ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَهُ قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ فَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَهُ (ص) كَإِيصَائِهِ بِعِتْقِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
كَانَ شَرْطًا فِي أَحَدِهِمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْآخَرِ
(قَوْلُهُ أَوْ إشَارَةٌ) وَمِثْلُهَا الْكِتَابَةُ هِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ) أَيْ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوصِي وَحْدَهُ أَوْ عَيَّنَهُ مَعَ وَصِيَّتِهِ لِلْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي لُزُومِهَا لِلْمُوصِي) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ لَا فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِقَوْلِهِ فَلَا يُنَافِيهِ بِأَنْ يَقُولَ أَيْ فِي لُزُومِهَا لِلْمُوصِي لَا فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ فَالْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَاشِفٌ لِمِلْكِهِ بِالْمَوْتِ فَيَسْقُطُ التَّعْلِيلُ وَيَأْتِي بِهِ عَلَى صُورَةِ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لَهُ) أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ فَتَكُونُ الْحَائِطُ بِتَمَامِهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَأَنَّ بَهْرَامَ يَقُولُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَمْ تَكُنْ الْغَلَّةُ بِتَمَامِهَا لِلْمُوصَى لَهُ فَهَذَا تَخَالُفٌ فِي الْقَوْلِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ بِالْمَوْتِ وَالْعِبْرَةُ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ أَيْ فَيَكُونُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ الْعِبْرَةُ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ لَا ثَمَرَةَ لِكَوْنِ الْمِلْكِ لَهُ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى أَوَّلًا عَلَى قَوْلٍ وَمَشَى ثَانِيًا عَلَى قَوْلٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَثَمَرَتُهُ أَنَّ لَهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَثُلُثَ الْمِائَتَيْنِ وَصَارَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالثُّلُثِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ زَادَ الْمَالُ أَوْ نَقَصَ
(قَوْلُهُ وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ) أَيْ وَالْغَلَّةُ شَامِلَةٌ لِنَسْلِ الْحَيَوَانِ وَغَلَّةِ الثِّمَارِ وَغَلَّةِ الْعَقَارِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَفِي غَلَّةِ الْأُصُولِ كَالثِّمَارِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ كَالنَّسْلِ يُقَوَّمُ مَعَ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ قَوْلِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ الَّذِي هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ أَتَى فِيهِ قَوْلَانِ كَمَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضُ إلَخْ) هُوَ الشَّيْخُ الْبَنَوْفَرِيُّ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَقَالَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ تَكُونُ لِلْوَرَثَةِ كُلُّهَا وَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا الْمُوصَى لَهُ شَيْئًا وَقِيلَ يَأْخُذُ ثُلُثَهَا وَقِيلَ يَأْخُذُهَا كُلَّهَا انْتَهَى وَقَوِيَ بِأَنَّ النَّقْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرَةِ انْتَهَى وَلَكِنْ اعْتَمَدَ مُحَشِّي تت الْقَوْلَ بِأَخْذِ الثُّلُثِ وَمَالَ إلَيْهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَاعْتَمَدَهُ
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْتَجْ رِقٌّ لِإِذْنٍ فِي قَبُولٍ) سَوَاءً كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا وَأَمَّا التَّصَرُّفُ وَعَدَمُهُ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ السَّيِّدِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ وَيَمْلِكُهُ الرَّقِيقُ وَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمُوصِيَ قَصَدَ بِهِ التَّوْسِعَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَمِثْلُهُ الصَّغِيرُ