للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا فَيُؤَذَّنُ لَهَا وَلَا يُؤَذَّنُ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَيْ يُكْرَهُ كَالْأَذَانِ لِلسُّنَّةِ كَمَا اُسْتُظْهِرَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ جُمُعَةً) إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ فِيهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ.

(ص) وَهُوَ مُثَنًّى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَذَانَ بِاعْتِبَارِ جُمَلِهِ السَّبْعَ عَشْرَةَ أَوْ التِّسْعَ عَشْرَةَ فِي الصُّبْحِ مُثَنًّى بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ مَا عَدَا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ فَإِنَّهَا مُفْرَدَةٌ لَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَتَخْفِيفٍ الْمَعْدُولُ عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ الزِّيَادَةَ عَلَى اثْنَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ لِجَمِيعِ الْكَلِمَاتِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) الْمَشْرُوعَةُ فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ خَاصَّةً فَيُثَنِّيهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ فِي إفْرَادِهَا وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهَا فِي الصُّبْحِ صَادِرٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ حِينَ جَاءَ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا كَرِهَ مَالِكٌ التَّلْبِيَةَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ اهـ.

وَاتَّكَلَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى شُهْرَةِ اخْتِصَاصِهَا بِنِدَاءِ الصُّبْحِ فَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مُبْتَدَأُ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ مَحْكِيَّةٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةُ أَيْ وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي يُثَنَّى هَذَا اللَّفْظَ.

(ص) مُرَجِّعُ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَرْفَعَ مِنْ صَوْتِهِ أَوَّلًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُرَجِّعَ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَوَّلًا وَيَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَجِّعَ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا يَحْتَمِلُ لِلشَّهَادَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ لِلتَّكْبِيرِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّكْبِيرِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي الشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ لَهُمَا إسْمَاعًا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا طُلِبَ التَّرْجِيعُ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ أَبَا مَحْذُورَةَ وَحِكْمَةُ ذَلِكَ إغَاظَةُ الْكُفَّارِ أَوْ؛ لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ أَخْفَى صَوْتَهُ بِهِمَا حَيَاءً مِنْ قَوْمِهِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا بَأْسَ بِالْأَذَانِ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ وَأَوَّلُ الْوَقْتِ أَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ كَمَا اُسْتُظْهِرَ) رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ أَيْ قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ وُجُوبِ الْأَذَانِ الثَّانِي فِعْلًا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ مَشْرُوعِيَّةً فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَذَانَيْنِ مَعًا غَيْرُ مُسَلَّمٍ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَذَانَ) أَيْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ أَوَّلًا الْفِعْلُ وَتَرْجِيعُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْكَلِمَاتِ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ جَمَلِهِ) أَيْ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ كَلِمَاتِهِ فَهِيَ ثَمَانٍ وَسِتُّونَ كَلِمَةً فِي غَيْرِ الصُّبْحِ وَسِتٌّ وَسَبْعُونَ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ وَكَلِمَاتُهُ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِكُلِّ كَلِمَاتِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَدْ ذُكِرَ مَرَّتَيْنِ فَهُوَ وِزَانُ قَوْلِك جَاءَ الرِّجَالُ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي التَّرْبِيعَ لَوْ عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى التَّكْبِيرِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ أَوْ شَفَعَ الْإِقَامَةَ وَلَوْ غَلَطًا لَمْ يَجْزِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وِتْرَ أَكْثَرِهِ كَوِتْرِ جَمِيعِهِ وَانْظُرْ لَوْ أَوْتَرَ نِصْفَهُ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يُغْتَفَرُ كَوِتْرِ أَقَلِّهِ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي شَفْعِ الْإِقَامَةِ.

(قَوْلُهُ صَادِرٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ حَيْثُ قَالَهَا بِلَالٌ فَأَمَرَهُ بِجَعْلِهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ لَا مِنْ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الْمَشْرُوعِيَّةَ مِنْ عُمَرَ (قَوْلُهُ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ) أَيْ لَا تَشْرِيعٌ لَهَا بِجَعْلِهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ بِحَيْثُ يَكُونُ هُوَ الْمُشَرِّعُ.

(قَوْلُهُ مُرْجَعُ إلَخْ) بِفَتْحِ الْجِيمِ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ وَهُوَ مُرْجَعُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا اسْمَ فَاعِلٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْأَذَانِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِ سُنَّ الْأَذَانُ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُؤَذِّنِ مُرْجَعَ الشَّهَادَتَيْنِ أَيْ الْفَاعِلُ اللُّغَوِيُّ لَكِنْ فِي جَعْلِهِ حَالًا شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا فَيَقْتَضِي أَنَّ السُّنَّةَ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّرْجِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَالَ بَعْضٌ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّرْجِيعَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يُرَجِّعُ الْأُولَى قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ يُرَجِّعُ الثَّانِيَةَ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا (قَوْلُهُ بِأَرْفَعَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَرْفَعُ أَوَّلًا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ دُونَ رَفْعِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَمَعْنَى أَرْفَعَ أَعْلَى مِنْ الِارْتِفَاعِ وَهُوَ الْعُلُوُّ لَا مِنْ الرِّفْعَةِ وَهِيَ الرِّقَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي خَفْضَ صَوْتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْأَذَانُ بِتَرْكِهِ فَقَوْلُ الْأَبِيِّ مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا كَوْنُهُ رُكْنًا يَبْطُلُ الْأَذَانُ بِتَرْكِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

(قَوْلُهُ أَنْ يُرَجِّعَ إلَخْ) أَيْ إنَّ التَّرْجِيعَ سُنَّةٌ وَلَوْ مِنْ الْمُؤَذِّنِ الْمُنْفَرِدِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرْجِيعَ اسْمٌ لِلْعَوْدِ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَهُوَ صَرِيحُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ ظَاهِرٌ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَأْتِي بِهِ أَوْ لِلْمَجْمُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَعْلَى أَيْ فَيَرْفَعُ أَوَّلًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِمُنْتَهَاهُ ثُمَّ يَخْفِضُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ دُونَ التَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ النَّاسَ ثُمَّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِمَا بِحَيْثُ يُسَاوِي رَفْعَهُ بِالتَّكْبِيرِ أَوْ أَعْلَى كَمَا فِي ك.

(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَجِّعَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ لَا قَوْلٌ وَقَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَوْلٌ وَهُوَ الْحَقُّ بَلْ هُمَا قَوْلَانِ يَحْتَمِلُهَا الْمُصَنِّفُ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ) أَيْ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ.

(قَوْلُهُ يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ أَيْ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيعَ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ حَقِيقَةِ الْأَذَانِ فَيَنُوبُ عَنْ الَّذِي أَخْفَاهُ أَوَّلًا فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِسُنَّةِ التَّرْجِيعِ وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَكْفِي مَعَ أَنَّهُ مُلَاحَظٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَصْلِ الْأَذَانِ بَلْ مِنْ كَمَالِهِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ لَا تَضُرُّ فِي كَوْنِهِ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ الْأَذَانِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ: وَرُبَّمَا غَلِطَ بَعْضُ الْعَوَامّ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ فَيُخْفِي صَوْتَهُ حَتَّى لَا يُسْمَعُ وَهَذَا غَلَطٌ اهـ.

(قَوْلُهُ إغَاظَةُ الْكُفَّارِ) أَيْ بِإِظْهَارِ تَوْحِيدِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>