للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ انْتَفَى النَّقْصُ بِجَمِيعِ صُوَرِهِ مِنْ تَيَقُّنٍ أَوْ شَكٍّ انْفِرَادًا أَوْ اجْتِمَاعًا بَلْ تَمَحَّضَتْ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ وَتَحَقَّقَتْ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنِّيِّ فَيَشْمَلُ تَسْلِيمَ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الزِّيَادَةَ بِالْيَسِيرَةِ احْتِرَازًا مِنْ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهَا مُبْطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَقْوَالِ غَيْرِ الصَّلَاةِ كَالْكَلَامِ نِسْيَانًا وَيَطُولُ أَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِثْلُ أَنْ يَنْسَى أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ أَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالْكَثِيرَةُ مِنْهُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَقَوْلُنَا فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْ غَيْرِ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ أَقْوَالِهَا كَالسُّورَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَالسُّورَةِ مَعَ السُّورَةِ الَّتِي مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ (ش) هَذَا تَمْثِيلٌ لِلزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكَةِ فَأَحْرَى الْمُحَقَّقَةُ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْمُصَلِّي إذَا شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا وَلَمْ يَكُنْ مُوَسْوِسًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ الْمُحَقَّقِ وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الْمَأْتِيِّ بِهِ.

وَسَيَأْتِي مَا إذَا كَانَ مُسْتَنْكَحًا وَمَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ سَلَامَةَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ تَرْكِ قِرَاءَتِهِمَا وَالْجُلُوسِ بَعْدَهُمَا وَإِلَّا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ أَيْ: نَقْصِ السُّورَةِ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوِتْرٍ فَيَشْمَلُ الْوَهْمَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَهْمَ مُعْتَبَرٌ فِي الْفَرَائِضِ دُونَ غَيْرِهَا فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَمِلَ عَلَى الْوَهْمِ، وَإِذَا تَوَهَّمَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَمْ يَسْجُدْ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لِشَكٍّ لَيْسَ ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِمُتِمٍّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُتِمُّ شَكَّهُ أَيْ: يَزِيدُ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُتِمٍّ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِتْمَامُهُ لِأَجْلِ دَفْعِ شَكٍّ أَوْ يُؤَوَّلُ شَكٌّ بِمَشْكُوكٍ أَيْ كَمُتِمٍّ لِفِعْلٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ عَلَى نَظَرٍ فِيهِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ.

وَوَجْهُ تَنْظِيرِهِ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الرَّكْعَةُ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا الشَّكُّ وَالْإِتْمَامُ إنَّمَا هُوَ وَاقِعٌ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِمُتِمٍّ تَكُونُ اللَّامُ صِلَةً مُتَعَدِّيَةً لِمُتِمٍّ وَالْأَوْلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى مَعَ وَمِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ مَنْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ

ــ

[حاشية العدوي]

مَا يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَكُونُ سِتًّا وَيَكُونُ ثَمَانِيًا قَالَ عج وَأَشَارَ لَهُ بَعْضُ حُذَّاقِ أَشْيَاخِي بِقَوْلِهِ إنَّ تَأْخِيرَ الثَّانِي عَنْ مَحَلِّهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ تَرْكِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ السُّجُودَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ وَهِيَ تَأْخِيرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى سَلَّمَ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِقُرْبِ السَّلَامِ رَجَعَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ كَمَا قَالَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ السَّلَامَ يَفُوتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَانِعٌ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ سَلَّمَ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ عَقِبَ السَّلَامِ أَوْ بِقُرْبِهِ وَلَا بُدَّ فِي هَذَا الْجَوَابِ مِنْ دَعْوَى أَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ حَتَّى يَكُونَ السُّجُودُ لِتَرْكِ تَشَهُّدَيْنِ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَزِيَادَةِ السَّلَامِ وَالتَّشَهُّدِ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ بَلْ تَمَحَّضَتْ الزِّيَادَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَإِلَّا فَالْمُصَنِّفُ صَادِقٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ السَّهْوُ بِنَقْصِ سُنَّةٍ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ فَرْضٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ) أَيْ: جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْ: فَمَتَى جَمَعَ بَيْنَهُمَا سَهْوًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ سُجُودُهُ، وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ أَحَدَهُمَا نَاسِيًا فَيُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَفِيهَا إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَسْجُدُ خُلَاصَتُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْقَوْلِيَّةَ إذَا وَقَعَتْ سَهْوًا لَا تُوجِبُ سُجُودًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(قَوْلُهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ) هَذَا إذَا شَكَّ قَبْلَ السَّلَامِ وَأَمَّا إذَا شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ فَقَالَ الْهَوَّارِيُّ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُؤَثِّرُ طُرُوُّ الشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ وَقِيلَ يُؤَثِّرُ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

(قَوْلُهُ مِنْ تُرْكِ قِرَاءَتِهِمَا) قُصُورٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَيَقُّنُ سَلَامَتِهِمَا مِنْ تَرْكِ قِرَاءَةِ وَمِنْ تَرْكِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَأَمَّا لَوْ تَيَقَّنَ السَّلَامَةَ كَمَا إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ سَهَا عَنْ سُجُودٍ الْأَوْلَى مَثَلًا أَوْ لَا فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَرْجِعُ أُولَى وَالثَّالِثَةَ تَرْجِعُ ثَانِيَةً وَأَمَّا لَوْ تَيَقَّنَ سَلَامَتَهُمَا مِنْ تَرْكِ الْفَرْضِ إلَّا أَنَّهُ شَكَّ فِي تَرْكِ السُّورَةِ فَإِنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ إلَّا أَنَّهُ لَا انْقِلَابَ.

(قَوْلُهُ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ) ظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا وَجْهُ الِانْقِلَابِ نَعَمْ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ الْجُلُوسَ؛ لِأَنَّهُ لَا انْقِلَابَ مَعَ تَرْكِ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ) أَيْ: فَلَا يَقُولُ بِذَلِكَ الْحَمْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ لُبَابَةَ يَقُولُ يَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ إلَّا إذَا صَلَّى وَشَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِخَبَرِ الْمُوَطَّأِ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ» اهـ. أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَحَقَّقَ سَلَامَةَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ عِنْدَهُ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ مَعَ هَذِهِ الْحَالَةِ مَحْضُ تَعَبُّدٍ (قَوْلُهُ فِي الْفَرَائِضِ) أَيْ: فِي الْأَجْزَاءِ الْفَرَائِضِ.

(قَوْلُهُ أَيْ: يَزِيدُ فِيهِ) أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِتْمَامِهِ أَنَّ لَهُ حَدًّا مَخْصُوصًا وَقَدْ كَانَ نَقَصَ عَنْهُ فَيُطَالَبُ بِإِتْمَامِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَحْذُوفٍ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِتْمَامِهِ وَتَقْدِيرُ دَفْعٍ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَّقْته بِمُتِمٍّ أَوْ بِإِتْمَامٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ إلَخْ) أَيْ الْمَحْكُومُ بِصِحَّتِهِ بِتَأْوِيلِ شَكٍّ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ: أَنَّ الِاعْتِرَاضَ وَإِنْ انْدَفَعَ بِالتَّأْوِيلِ يَنْدَفِعُ بِكَوْنِ اللَّامِ بِمَعْنَى مَعَ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبَحْثِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ صِحَّةُ التَّعْلِيلِ بِدُونِ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: وَإِنَّ وُجُودَ الشَّكِّ وَتَحَقُّقَهُ مُوجِبٌ لِلْإِتْمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>