للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجُمُعَةِ، وَلَا مَفْهُومَ لِفَرْضٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ كَذَلِكَ وَكَذَا الرَّغِيبَةُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّهَا إذَا تَأَدَّتْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا فَأَوْلَى بِجِنْسِهَا.

(ص) وَبَدْءٌ بِهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ش) أَيْ: وَنُدِبَ بَدْءٌ بِتَحِيَّةِ مَسْجِدِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُسَلِّمُ؛ لِأَنَّ التَّحِيَّةَ حَقُّ اللَّهِ، وَالسَّلَامَ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَالْأَوَّلُ آكَدُ مِنْ الثَّانِي. فَقَوْلُهُ وَبَدْءٌ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نُدِبَ لَا عَلَى فَاعِلِ جَازَ. (ص) وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ بِمُصَلَّاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إيقَاعُ النَّفْلِ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُصَلَّاهُ وَهُوَ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ مَالِكٍ لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْأُسْطُوَانَةَ الْمُخَلَّقَةَ كَانَتْ مُصَلَّاهُ وَكَانَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ يُصَلُّونَ وَيَجْلِسُونَ عِنْدَهَا وَصَلَّى لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تَقَدَّمَ لِمُصَلَّاهُ الْمَعْرُوفِ الْيَوْمَ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ. قُلْت: يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى أَوْ عَلَى مَا صَلَاتُهُ بِمَسْجِدِهِ بِخُصُوصِهِ أَوْلَى كَمُطْلَقِ التَّنَفُّلِ لِلْغُرَبَاءِ. (ص) وَالْفَرْضِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ. (ش) الْفَرْضُ مَخْفُوضٌ عَطْفًا عَلَى نَفْلٍ الْمَخْفُوضِ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ إيقَاعُ الْفَرْضِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مِنْ مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا فِي مُصَلَّاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا زِيدَ فِيهِ لَهُ حُكْمُهُ فَأَوْلَى الصَّفُّ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَنْ لَا يَرَى مُسَاوَاةَ مَا زِيدَ فِيهِ لَهُ فِي الْحُكْمِ يَرَى تَفْضِيلَ مَا فُعِلَ بِمَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَوْ بِآخِرِ صَفٍّ مِنْهُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الزِّيَادَةِ وَإِلَيْهِ نَحَا ابْنُ عَرَفَةَ.

ــ

[حاشية العدوي]

بِذَلِكَ ثَوَابُهَا كَمَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ لَا يَحْصُلُ ثَوَابُهَا لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِ خَلَلِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِهَا. وَفِي ك لَهُ الثَّوَابُ وَالظَّاهِرُ لَا ثَوَابَ فَإِنْ قُلْت: لَا فَائِدَةَ فِي تَأْدِيَةِ التَّحِيَّةِ بِالْفَرْضِ مَعَ عَدَمِ ثَوَابِهَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّحِيَّةَ. قُلْت: لَا بَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهُوَ عَدَمُ اللَّوْمِ عَلَى تَارِكِهَا.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا يَكْفِي عَنْ التَّحِيَّةِ صَلَاةُ جِنَازَةٍ وَلَا سُجُودُ تِلَاوَةٍ وَلَا شُكْرٍ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَنَا.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَكْفِي. وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ مَذْهَبِنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِفَرْضٍ إلَخْ) وَهَلْ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْضِ مِنْ أَنَّ الثَّوَابَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ السُّنِّيَّةِ وَالتَّحِيَّةِ أَوْ نِيَابَةِ السُّنَّةِ عَنْ التَّحِيَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّحِيَّةَ حَقُّ اللَّهِ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ إذَا دَخَلْت مَسْجِدًا وَفِيهِ جَمَاعَةٌ فَلَا تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَأْتِيَ بِالتَّحِيَّةِ كَمَا ذَكَرُوهُ. (قَوْلُهُ: وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِمَسْجِدِ الرَّسُولِ وَقَوْلُهُ: بِمُصَلَّاهُ. بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ وَلِذَا أَعَادَ الْجَارَّ لِلْمُبْدَلِ مِنْهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَبِمُصَلَّاهُ. فَيَأْتِيَ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ) يَصِحُّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لَكِنَّهُ لِلْعَمُودِ الْمُخَلَّقِ وَالْمَعْنَى: لَكِنْ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ أَيْ: إلَى الْمُصَلَّيْ الَّذِي عِنْدَ مَالِكٍ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ، إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَيَانِ تُفِيدُ الْأَوَّلَ وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ: الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ لَيْسَ هُوَ قِبْلَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى مُصَلَّاهُ، خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ أَيْ: بِالزَّعْفَرَانِ هُوَ مُصَلَّاهُ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ مُصَلَّاهُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُصِيبٌ. وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأُسْطُوَانَةَ الْمُخَلَّقَةَ أَيْ: الَّتِي يَقُولُ بِهَا مَالِكٌ وَقَوْلُهُ: بِمُصَلَّاهُ الْمَعْرُوفِ الْيَوْمَ أَيْ: الَّذِي يَقُولُ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَمُودَ الْمُخَلَّقَ غَيْرُ الْأُسْطُوَانَةِ وَتُسَمَّى تِلْكَ الْأُسْطُوَانَةُ أُسْطُوَانَةَ عَائِشَةَ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ الْأُسْطُوَانَةَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً لِلصَّحَابَةِ.

وَعِبَارَةُ اللَّقَانِيِّ تُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ: وَبَدْءٌ بِمُصَلَّاهُ هُوَ مَجْهُولٌ حَتَّى فِي زَمَنِ عَائِشَةَ وَلَمْ تُعْلِمْ النَّاسَ بِالْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهَا خَشْيَةَ الِافْتِتَانِ وَالنِّزَاعِ عَلَيْهَا وَلِذَا قَالَتْ: لَوْ عَرَفَهَا النَّاسُ لَضَرَبُوا عَلَى الصَّلَاةِ عِنْدَهَا السُّهْمَانَ أَيْ: الْقُرْعَةَ، وَالْقُرْعَةُ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَأَيْضًا الْمَسْجِدُ حُرِقَ وَغُيِّرَ وَبُدِّلَ فَعَلَى هَذَا الِاحْتِيَاطُ الْآنَ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ الْبُقْعَةِ الَّتِي هِيَ مُصَلَّاهُ بِالنَّفْلِ. وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعَمُودِ الْمُخَلَّقِ وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى مُصَلَّاهُ أَيْ: بِحَسَبِ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَلِي الْحُجْرَةَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ قَرِيبًا مِنْ حُجْرَتِهِ، وَالْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرُ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ عَائِشَةَ وَإِنَّمَا عَرَفَتْهَا دُونَ النَّاسِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَيْتِ أَدْرَى. (قَوْلُهُ: بِضْعَةَ عَشَرَ) الْبِضْعُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إلَى التِّسْعِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى) أَيْ: وَهُوَ الرَّوَاتِبُ أَوْ النَّوَافِلُ النَّهَارِيَّةُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ فِي بَيْتِهِ صَلَاةُ النَّفْلِ نَهَارًا فَقَدْ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ اسْتِحْبَابَ النَّفْلِ نَهَارًا فِي الْمَسْجِدِ وَلَيْلًا فِي الْبَيْتِ ابْنُ رُشْدٍ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ فِي النَّهَارِ بِأَهْلِهِ فَإِنْ أَمِنَ فَالْبَيْتُ أَفْضَلُ، وَتَنَفُّلُ الْغَرِيبِ بِمَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ، وَغَيْرُهُ بِبَيْتِهِ، وَأَكْرَهُ تَطْوِيلَ سُجُودِ النَّفْلِ بِالْمَسْجِدِ لِلشُّهْرَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمُطْلَقِ التَّنَفُّلِ) أَيْ: رَوَاتِبَ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ نَهَارِيَّةٍ وَلَيْلِيَّةٍ، وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ مُطْلَقُ التَّنَفُّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرَبَاءِ بِالْمَدِينَةِ فَفِي تت وَلِمَالِكٍ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْغُرَبَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهَا فِي بُيُوتِهِمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَصْدَرِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَيْهِ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمُضَافُ. (قَوْلُهُ: لَا فِي مُصَلَّاهُ) الْمُنَاسِبُ لَا مِنْ مُصَلَّاهُ.

(تَنْبِيهٌ) : وَهَلْ النَّفَلُ إذَا صُلِّيَ جَمَاعَةً كَالتَّرَاوِيحِ يَكُونُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ كَالْفَرْضِ؟ نَظَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْفَرْضِ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْفَرْضِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَوْ لَا كَمَا تَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ اسْتِوَاءِ صُفُوفِهَا فِي الْفَضْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>