الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ التَّشَهُّدِ مَا لَمْ يَكُنْ مُعِيدًا؛ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِالدُّخُولِ.
(ص) وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ كَمُصَلٍّ بِصَبِيٍّ لَا امْرَأَةٍ أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا مَأْمُومًا وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ رَكْعَةً أَوْ صَلَّى مَعَهُ صَبِيٌّ أَنْ يَطْلُبَ جَمَاعَةً يُعِيدُ مَعَهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ امْرَأَةٌ فَلَيْسَ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ لِحُصُولِ فَضْلِهَا لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَطْلُوبِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ مَنْ فَاتَتْهُمْ صَلَاةٌ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ مَطْلُوبِيَّتُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ فِي حَقِّ مَنْ صَلَّى فَذًّا؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ مَخْصُوصَةٌ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَنْوِي بِالْمُعَادَةِ الْفَرِيضَةَ وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ إلَى اللَّهِ فِي جَعْلِهِ أَيَّهُمَا شَاءَ فَرْضَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَ إمَامًا بَلْ إنَّمَا يُعِيدُ مَأْمُومًا؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ بِصَلَاتِهِ أَوَّلًا فَأَشْبَهَتْ الْمُعَادَةَ النَّفَلَ، وَلَا يَؤُمُّ مُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ وَيُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ مَعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مَعَ إمَامٍ رَاتِبٍ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ غَيْرِ رَاتِبٍ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَعَهُ صَارَا جَمَاعَةً؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا أُعِيدَتْ لِلْفَضْلِ وَهُوَ يَحْصُلُ مَعَ وَاحِدٍ، وَصَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَ الْقَابِسِيِّ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا لِمَسْجِدٍ. وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُودَ الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ.
وَقَوْلُنَا " فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ " احْتِرَازًا مِمَّا إذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَحَدِهَا فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً وَمَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا مُنْفَرِدًا يُعِيدُ فِيهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَمَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً يُعِيدُ فِيهَا جَمَاعَةً وَلَا يُعِيدُهَا مُنْفَرِدًا. (ص) غَيْرَ مَغْرِبٍ كَعِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْمُنْفَرِدِ مَعَ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ الصَّحِيحِ، أَمَّا هُمَا فَلَا يَجُوزُ أَيْ: يَحْرُمُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِمَا بِالْمَنْعِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ وَصَرَّحَ أَبُو إِسْحَاقَ بِكَرَاهَةِ إعَادَةِ الْمَغْرِبِ وَإِنَّمَا لَمْ تُعَدْ الْمَغْرِبُ لِعِلَّةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ وَصْفَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا إنْ أُعِيدَتْ صَارَتْ شَفْعًا وَهِيَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِتُوتَرَ عَدَدُ رَكَعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ إعَادَتِهَا وَتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إعَادَتِهَا التَّنَفُّلُ بِثَلَاثٍ وَهُوَ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ وَأَمَّا الْعِشَاءُ بَعْدَ الْوِتْرِ فَلِاجْتِمَاعِ وَتْرَيْنِ فِي لَيْلَةٍ إنْ قُلْنَا إنَّهُ يُعِيدُ الْوِتْرَ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يُعِيدُهُ فَقَدْ خَالَفَ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» .
(ص) وَإِنْ أَعَادَ وَلَمْ يَعْقِدْ قَطَعَ وَإِلَّا شَفَعَ وَإِنْ أَتَمَّ وَلَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِالدُّخُولِ) بَلْ يُؤْمَرُ بِعَدَمِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا مَنْ صَلَّاهَا وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ فَرَوَى أَشْهَبُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَا إذَا شَكَّ فَلَا يَدْخُلُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّ مَعَهُ شَيْئًا فَإِنْ اقْتَحَمَ وَدَخَلَ شَفَعَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً وَقَطَعَ بَعْدَهُمَا سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ، وَمَحَلُّ شَفْعِهِ إنْ كَانَ وَقْتَ نَفْلٍ وَإِلَّا قَطَعَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ إلَّا إذَا فَاتَهُ لِعُذْرٍ، وَأَمَّا لَوْ فَاتَهُ وَلَوْ رَكْعَةً اخْتِيَارًا فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَقَيَّدَ الْحَفِيدُ أَيْ: بِأَنْ يَفُوتَهُ اضْطِرَارًا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ لَكِنْ لَهُ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ، وَظَاهِرُ الْمُؤَلِّفِ كَظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ ثُمَّ إنَّ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ يَجْرِي فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ وَكَذَا فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الثُّلَاثِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ) تَحْقِيقًا لَا شَكًّا فِيمَا يَظْهَرُ تَقْدِيمًا لِلْحَظْرِ. (قَوْلُهُ: مَخْصُوصَةٌ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ) وَلَوْ الضَّرُورِيَّ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ. وَأَمَّا بِهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ مُفْرَدًا فَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ مَعَ إمَامِهِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَسَمِعَ الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا وَيُقَيِّدُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِأَنْ يَطْرَأَ لَهُ نِيَّةُ الْإِعَادَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْأُولَى لِجَزْمِهِ بِهَا حِينَ نِيَّتِهِ أَنَّهَا الْفَرْضُ احْتِرَازًا مِنْ نِيَّةِ إعَادَتِهَا جَمَاعَةً قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِهَا مُفْرَدًا مَعَ جَزْمِهِ أَنَّهَا غَيْرُ الْفَرْضِ أَوْ تَرَدُّدٍ أَوْ عَدَمِ نِيَّةٍ فَتَبْطُلُ وَتَكُونُ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ الْفَرْضَ إنْ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ لَا تَفْوِيضًا فَقَطْ فَلَا تُجْزِئُهُ كَالْأُولَى كَذَا فِي عب وَقَوْلُهُ: إنْ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ. غَيْرُ لَازِمٍ إذْ يَكْفِيهِ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي بِالْمُعَادَةِ الْفَرِيضَةَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نِيَّةَ التَّفْوِيضِ مُتَضَمِّنَةٌ لِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ عج الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّفْوِيضِ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ إمَّا عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ أَوْ شَطْرٌ كَمَا عَلَيْهِ مُعْظَمُ مَشَايِخِنَا. وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ بِهَا النَّفْلِيَّةَ سَوَاءٌ نَوَى الْفَرْضِيَّةَ أَوْ لَمْ يَنْوِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الْفَرْضُ بِفِعْلِهَا أَوَّلًا لَمْ تُحْمَلْ نِيَّتُهُ هُنَا عَلَى الْفَرِيضَةِ.
(قَوْلُهُ: وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ) فَإِنْ تَرَكَ نِيَّةَ التَّفْوِيضِ وَنَوَى الْفَرْضَ صَحَّتْ وَإِنْ تَرَكَ نِيَّةَ الْفَرِيضَةِ صَحَّتْ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الثَّانِيَةُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ) حَيْثُ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَا يُعِيدُ مَعَ وَاحِدٍ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا أَعْرِفُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً) وَيُعِيدُ فِي أَحَدِهَا جَمَاعَةً وَلَوْ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا صَلَّى فِيهِ مُنْفَرِدًا. (قَوْلُهُ: لِعِلَّةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ وَصْفَيْنِ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. (قَوْلُهُ: فَلِاجْتِمَاعِ وِتْرَيْنِ) قَالَ الْمَوَّاقُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَحْدَهُ وَأَوْتَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ أَعَادَ فِي جَمَاعَةٍ لَا يَدْرِي أَيَّتُهَا صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الثَّانِيَةُ هِيَ صَلَاتَهُ بَطَلَ وِتْرُهُ فَإِنْ هُوَ أَعَادَهَا فَقَالَ سَحْنُونَ يُعِيدُ الْوِتْرَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يُعِيدُهُ اهـ.
(أَقُولُ) هَذَا النَّصُّ يُفِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ احْتِمَالُ كَوْنِ الْعِشَاءِ تَصِيرُ بِلَا وِتْرٍ لَا مَا قَالَهُ شَارِحُنَا. (أَقُولُ) حَاصِلُ مَا يُقَالُ: إنَّ ذِكْرَ الْقَوْلَيْنِ إنَّمَا يَأْتِي بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ أَيْ: فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَأَعَادَ فَقَوْلَانِ لَا الْعِلَّةُ الْمُرَادَةُ. وَالْمُنَاسِبُ لِمُلَاحَظَةِ الْعِلَّةِ حَذْفُ قَوْلِهِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَعَادَ) أَيْ: شَرَعَ فِي الْإِعَادَةِ. (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَطَعَ) أَيْ: وُجُوبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute