وَبِبَيْتِهِ يُتِمُّهَا. (ش) أَيْ: وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ مَعَ صَبِيٍّ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ: وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا يَلْزَمُ الدُّخُولُ مَعَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا أَصْلًا حَيْثُ كَانَتْ تَلْزَمُهُ بِعَيْنِهَا خَوْفَ الطَّعْنِ عَلَى الْإِمَامِ بِخُرُوجِهِ أَوْ مُكْثِهِ، فَلُزُومُهَا لَهُ لِمَا ذُكِرَ فَلَا يُخَالِفُهُ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ، وَالْإِعَادَةُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ مُسْتَحَبَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً أَوْتَرَ بَعْدَهَا خَرَجَ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِنَا " وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ "، وَقَوْلُنَا " حَيْثُ كَانَتْ تَلْزَمُهُ بِعَيْنِهَا " احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَلْزَمُهُ بِعَيْنِهَا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِإِقَامَتِهَا كَمَا فِي الْمُسَافِرِ وَنَحْوِهِ إذَا حَضَرَ الْجُمُعَةَ، وَأَمَّا لَوْ أُقِيمَتْ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِصَلَاةٍ بِبَيْتِهِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا وُجُوبًا وَلَا يَقْطَعُهَا لِلدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ أَمْ لَا كَانَتْ الْمُقَامَةُ هِيَ الَّتِي هُوَ فِيهَا أَوْ غَيْرَهَا، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ " وَإِلَّا لَزِمَتْهُ " لَفُهِمَ مِنْهُ حُكْمُ قَوْلِهِ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لَكِنْ قَصْدُهُ الْإِيضَاحُ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ. وَالْمُرَادُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ الَّتِي تَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ
. (ص) وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا. (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ بِذِكْرِ مُقَابِلِهَا وَهُوَ حَسَنٌ فِي الِاخْتِصَارِ فَذَكَرَ أَنَّ مَنْ اقْتَدَى بِشَخْصٍ فَبَانَ كَافِرًا بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَيُعِيدُهَا أَبَدًا لِفَقْدِ شَرْطِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَكُونُ بِصَلَاتِهِ مُسْلِمًا وَلَوْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَسْجِدٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُقِمْ الصَّلَاةَ أَوْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ النُّطْقُ فِيهَا بِالشَّهَادَتَيْنِ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُسْلِمًا كَمَا إذَا أَذَّنَ كَمَا مَرَّ فِي الْأَذَانِ. (ص) أَوْ امْرَأَةٍ. (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ بِالْبَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْمَنْصُوبِ، وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى بِقَوْلِهِ " أَوْ مَجْنُونًا إلَخْ " ثُمَّ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَى بِاقْتِدَاءٍ أَعَادَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ " وَبِعَاجِزٍ " وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ سَوَاءً أَمَّتْ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ. (ص) أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا. (ش) أَيْ: وَبَطَلَتْ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ بَانَ خُنْثَى مُشْكِلًا لِفَقْدِ تَحَقُّقِ الذُّكُورَةِ وَلَوْ أَمَّ مِثْلَهُ، وَصَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ. (ص) أَوْ مَجْنُونًا. (ش) أَيْ: وَبَطَلَتْ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ بَانَ مَجْنُونًا مُطْبِقًا أَوْ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَلَوْ أَمَّ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَعَلَّهُ لِاحْتِمَالِ طُرُوِّ الْجُنُونِ لَهُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَنَّهُ مَظِنَّةُ ذَلِكَ، وَحَمَلَ س فِي شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ " أَوْ مَجْنُونًا " حَالَ جُنُونِهِ
. (ص) أَوْ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ. (ش) أَيْ: إنَّ صَلَاةَ مَنْ اقْتَدَى بِفَاسِقٍ بِجَارِحَةٍ بَاطِلَةٌ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ لَمْ تُكَفِّرْ أَوْ صَغِيرَةٍ. لَكِنَّ ابْنَ بَزِيزَةَ التَّابِعُ لَهُ الْمُؤَلِّفُ قَيَّدَ الْبُطْلَانَ بِمَا إذَا كَانَ الْفِسْقُ بِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُسَافِرِ وَنَحْوِهِ) أَيْ: الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إذَا حَضَرَ الْجُمُعَةَ أَيْ: فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِإِقَامَتِهَا كَمَا فِي شب وَانْظُرْهُ فَإِنَّ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ فَالطَّعْنُ حَاصِلٌ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت رَدَّ كَلَامَ الشَّارِحِ قَائِلًا: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اللُّزُومُ بِالْإِقَامَةِ لِلْمُسَافِرِ أَوْ نَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْبَيْتِ) أَيْ: لَا حَقِيقَتُهُ وَإِلَّا كَانَ الْكَلَامُ قَاصِرًا
. (قَوْلُهُ: فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَشَرًا فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وَقَوْلُ الْمَشَذَّالِيِّ لَمْ يُرْسَلْ إلَى الْمَلَائِكَةِ. هَذَا قَوْلٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} [الأنبياء: ٢٩] الْآيَةَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَأْمُورٌ بِتَبْلِيغِ مَا نُزِّلَ عَلَيْهِ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَلَّغَهُمْ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْسَلٌ إلَيْهِمْ لَكِنَّا لَمْ نَعْلَمْ عَيْنَ مَا كُلِّفُوا بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ فِي الِاخْتِصَارِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَشَرْطُ صِحَّتِهِ إسْلَامٌ وَذُكُورَةٌ إلَخْ لَكَانَ اخْتِصَارًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ بِصَلَاتِهِ مُسْلِمًا) وَيُنَكَّلُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ كَانَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْت: مَا فَائِدَةُ كَوْنِهِ بِصَلَاتِهِ مُسْلِمًا. قُلْنَا: فَائِدَتُهُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّ حَيْثُ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَكُونُ مُسْلِمًا) أَيْ: وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ إنْ أَقَامَ لَا إنْ تَحَقَّقَ مِنْهُ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِيهَا لِتَقَدُّمِ جُزْءٍ مِنْهَا حَالَ الْكُفْرِ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا أَذَّنَ) وَكَذَا إذَا كَثُرَتْ مِنْهُ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثْرَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ: كَافِرًا مُتَّفَقًا عَلَى كُفْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي كَحَرُورِيٍّ وَإِعْرَابُهُ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ وَالتَّقْدِيرُ بَانَ كُفْرُهُ أَوْ بَانَ كَوْنُهُ امْرَأَةً وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ؛ لِأَنَّ بَانَ فِعْلٌ لَازِمٌ لَا يَنْصِبُ الْمَفْعُولَ بِهِ وَلَا أَنْ يَكُونَ حَالًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى بَانَ فِي حَالِ كُفْرِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بَانَ أَنَّهُ كَافِرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى بِقَوْلِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: أَوْلَى بِسَبَبِ قَوْلِهِ أَوْ مَجْنُونًا وَأَوْلَى أَيْضًا بِمُنَاسَبَتِهِ لِقَوْلِهِ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَعْطِفَ عَلَى بِاقْتِدَاءٍ) الْأَوْلَى الْعَطْفُ عَلَى بِمَنْ.
(قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ) أَيْ: وَصَلَاتُهَا صَحِيحَةٌ وَلَوْ نَوَتْ الْإِمَامَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَهَلْ يُقَالُ فِي الْخُنْثَى كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا) وَلَوْ اتَّضَحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ ذُكُورَتُهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُشْكِلِ فَلَهُ حُكْمُ مَا اتَّضَحَ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا) قَالَ عج وَلَوْ اسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ خُنْثَى مُشْكِلًا لَا غِنًى عَنْ قَوْلِهِ " امْرَأَةٍ " وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يُسَلَّمُ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَبْحُ الْخُنْثَى وَلَا يُكْرَهُ ذَبْحُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ كَامِلَةٌ فِي جِنْسِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ مَظِنَّةُ ذَلِكَ) أَيْ: مَوْضِعٌ يُظَنُّ فِيهِ وُجُودُهُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ الْمَظِنَّةُ أَقْوَى مِنْ الِاحْتِمَالِ فَمَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ طُرُوِّ الْجُنُونِ لَهُ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَالْجُنُونُ فِيهِ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ حِينَئِذٍ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ س فِي شَرْحِهِ إلَخْ) الْحَقُّ كَلَامُ س وَأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الِاقْتِدَاءِ إذَا كَانَ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعُقَلَاءِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute