للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا لَا سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا جَاءَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَخَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ بِرَفْعِ رَأْسِهِ إنْ تَمَادَى إلَى الصَّفِّ فَلْيَرْكَعْ بِقُرْبِ الصَّفِّ حَيْثُ يَطْمَعُ إذَا دَبَّ رَاكِعًا وَصَلَ إلَى الصَّفِّ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الرَّكْعَةِ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهَا عَلَى الصَّفِّ، أَمَّا إنْ كَانَ إذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ لَا يُدْرِكُ الْوُصُولَ إلَيْهِ رَاكِعًا حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَعَ دُونَ الصَّفِّ وَيَتَمَادَى إلَيْهِ وَإِنْ فَاتَتْ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا، فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَتْهُ رَكْعَتُهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ وَإِلَّا رَكَعَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقِيلَ: يُحْرِمُ مَكَانَهُ تَرْجِيحًا لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ. وَقِيلَ: لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَأْخُذَ مَكَانَهُ مِنْ الصَّفِّ أَوْ يُقَارِبَهُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ، يَدِبُّ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْفُرَجُ دَبَّ لِآخِرِ فُرْجَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى جِهَةِ الدَّاخِلِ وَهِيَ الَّتِي بِالنِّسْبَةِ إلَى جِهَةِ الْإِمَامِ أَوْلَى سَوَاءٌ كَانَتْ أَمَامَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ، وَإِذَا أَخْطَأَ ظَنُّهُ فَلَمْ يُدْرِكْ الصَّفَّ فِي دَبِيبِهِ رَاكِعًا دَبَّ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَدِبُّ فِي قِيَامِ رُكُوعِهِ هَذَا الْمَسْبُوقِ فِيهِ كَمَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ خِلَافًا لِمَا فِي الْجَلَّابِ وَيَدِبُّ رَاكِعًا فِي أُولَاهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا إذْ لَوْ فَعَلَ تَجَافَتْ يَدَاهُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ وَأَمَّا سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا فَلَا يَدِبُّ لِقُبْحِ الْهَيْئَةِ.

(فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ يُتَصَوَّرُ فِيمَنْ يَظُنُّ إدْرَاكَ الصَّفِّ قَبْلَ الرَّفْعِ أَنْ يَظُنَّ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ إنْ تَمَادَى لِلصَّفِّ. (قُلْت) أُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا: وَعَلَيْهِ نَقْتَصِرُ أَنْ يَظُنَّ إدْرَاكَ الصَّفِّ قَبْلَ الرَّفْعِ إنْ خَبَّ وَيَظُنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إنْ تَمَادَى إلَى الصَّفِّ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فَيَرْكَعَ قَبْلَ الصَّفِّ؛ لِأَنَّ الْخَبَبَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ إذْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَجِبُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ لِيُدْرِكَ الرَّكْعَةَ قَبْلَ الرَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ خَبَبٌ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ

. (ص) وَإِنْ شَكَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: رَاكِعًا فَقَائِمًا. فَيَأْتِي بِالْفَاءِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّعْقِيبِ أَيْ: رَاكِعًا فِي الْأُولَى فَقَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَخَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ) أَيْ: غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: فَلْيَرْكَعْ) أَيْ: نَدْبًا. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْهَا عَلَى الصَّفِّ) فِيهِ أَنَّهُ يُحَصِّلُ الصَّفَّ وَالرَّكْعَةَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِمَا أَحْسَنُ مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا الَّذِي هُوَ الصَّفُّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ: يُكْرَهُ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَاتَتْ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا) أَيْ: اتِّفَاقًا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَإِلَّا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَقِيلَ: يُحْرِمُ مَكَانَهُ فَهَذَا مُقَابِلُهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَقِيلَ: لَا يُحْرِمُ. هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا إذَا ظَنَّ إدْرَاكَهُ لَا فِي ضِدِّهِ فَلَمْ يُقَابِلْ الَّذِي قَبْلَهُ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَسَاءَ) أَيْ: ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ) فَلَوْ شَكَّ أَهِيَ الْأَخِيرَةُ أَمْ لَا فَيَحْتَاطُ بِجَعْلِهَا الْأَخِيرَةَ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَأْخُذَ مَكَانَهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَأْخُذَ مَقَامَهُ مِنْ الصَّفِّ. (قَوْلُهُ: يَدِبُّ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةَ) الْكَافُ فِي الْمُصَنِّفِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ فَلَمْ تُدْخِلْ شَيْئًا فَقَوْلُهُ: وَالثَّلَاثَةَ. الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدِبُّ فِي قِيَامِ رُكُوعِهِ) وَانْظُرْ لَوْ دَبَّ فِي رَفْعِهِ الْمَذْكُورِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُرَاعَاةً لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ أَنَّ الدَّبَّ مَظِنَّةُ الطُّولِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي الْقِيَامِ مِنْ الرُّكُوعِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَدِبُّ إلَخْ) ظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَدِبُّ فِي رُكُوعِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ فَيُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ وَيَدِبُّ فِي رُكُوعِ أُولَاهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا. (قَوْلُهُ: وَيَدِبُّ رَاكِعًا فِي أُولَاهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ) عِبَارَةُ بَهْرَامَ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا؛ لِأَنَّ يَدَيْهِ حِينَئِذٍ تُجَافِي رُكْبَتَيْهِ اهـ.

(أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ يَدِبُّ قَائِمًا وَهَلْ فِي الرَّفْعِ أَوْ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ؟ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَشْهَبَ رَوَى لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَأْخُذَ مَقَامَهُ مِنْ الصَّفِّ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ فَيُوَافِقَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَأْخُذَ إلَخْ. وَيُجَابُ عَنْ الْمُخَالَفَةِ الْقَرِيبَةِ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَدِبُّ لِقُبْحِ الْهَيْئَةِ) وَانْظُرْ هَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ نَقْتَصِرُ إلَخْ) أَيْ: وَمِنْهَا أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الطُّمَأْنِينَةُ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ظَنِّ إدْرَاكِ الصَّفِّ قَبْلَ الرَّفْعِ وَبَيْنَ ظَنِّ إنْ تَمَادَى إلَى الصَّفِّ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ يَحْصُلُ لَهُ الطُّمَأْنِينَةُ فِي حَالِ الدَّبِّ، وَإِذَا تَمَادَى إلَى الصَّفِّ يُدْرِكُ الرُّكُوعَ مِنْ غَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ قَبْلَ الرَّفْعِ، وَمِنْهَا إنْ خَشِيَ بِمَعْنَى تَوَهَّمَ فَهُوَ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ إنْ تَمَادَى إلَى الصَّفِّ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَيَظُنُّ أَنَّهُ إنْ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ وَدَبَّ لَهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَالصَّفَّ قَبْلَ الرَّفْعِ فَلَا إشْكَالَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَلْغَاهَا) الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِلِ لِلظَّنِّ وَالشَّكِّ وَالْوَهْمِ فَهِيَ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ تُضْرَبُ فِي خَمْسَةِ حَالَاتِ الدُّخُولِ وَهِيَ مَا إذَا تَحَقَّقَ الْإِدْرَاكَ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَوْ تَحَقَّقَ عَدَمَ الْإِدْرَاكِ أَوْ ظَنَّهُ وَيُطْلَبُ بِالرَّفْعِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا كَمَا أَفَادَهُ عج وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَ عِنْدَ الدُّخُولِ مُتَرَدِّدًا بِصُوَرِهِ الثَّلَاثِ أَوْ جَازِمًا بِالْإِدْرَاكِ أَوْ جَازِمًا بِعَدَمِ الْإِدْرَاكِ ثُمَّ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْإِدْرَاكِ فَتُجْزِئُ الرَّكْعَةُ قَطْعًا وَيَرْفَعُ بِرَفْعِهِ جَزْمًا، وَأَمَّا إذَا تَحَقَّقَ عَدَمَ الْإِدْرَاكِ آخِرَ الْأَمْرِ فَيَرْفَعُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ حَالَةَ الدُّخُولِ الَّتِي هِيَ: تَحَقَّقَ الْإِدْرَاكَ، تَحَقَّقَ عَدَمَهُ، ظَنَّ الْإِدْرَاكَ، تَوَهَّمَهُ، شَكَّ. وَيُطْلَبُ بِالرَّفْعِ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ لَمْ تَبْطُلْ، وَبِعَدَمِ الرَّفْعِ عِنْدَ زَرُّوقٍ فَإِنْ رَفَعَ بَطَلَتْ وَيُطَالَبُ بِالرَّفْعِ فِي تَحَقُّقِ الْإِدْرَاكِ وَظَنِّهِ فَقَطْ عِنْدَ الْهَوَّارِيِّ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ لَا بُطْلَانَ لَا إنْ تَحَقَّقَ الْعَدَمَ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا يَرْفَعُ فَإِنْ رَفَعَ بَطَلَتْ. الرَّابِعُ إنْ جَزَمَ حَالَ انْحِنَائِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>