للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُرُوجِهِ وَطَنًا لَهُ وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ لَهُ إقَامَةٌ جَرَى قَصْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَقْصُرُ مِنْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقٍ قَصِيرٍ لَيْسَ فِيهَا مَسَافَةُ قَصْرٍ بِلَا عُذْرٍ إلَى طَرِيقٍ فِيهَا الْمَسَافَةُ أَمَّا إنْ كَانَ عُذْرٌ لِخَوْفٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فَقَوْلُهُ قَصِيرٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَرِيقٍ قَصِيرٍ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ يَبْلُغُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَإِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ وَسَلَكَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ هَلْ يَقْصُرُ فِي زَائِدَةٍ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْرِ اللَّاهِي بِسَفَرِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ قَصْرِهِ أَيْ فِي زَائِدِ الطَّوِيلِ، وَأَمَّا الْهَائِمُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَعْزِمُ عَلَى مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَقْصُرُ كَالْفُقَرَاءِ الْمُتَجَرِّدِينَ فَإِنَّهُمْ يَخْرُجُونَ لِيَدُورُوا فِي الْبُلْدَانِ لَا يَقْصِدُونَ مَكَانًا مَعْلُومًا لَكِنْ كَيْفَمَا طَابَتْ لَهُمْ بَلْدَةٌ يَمْكُثُونَ فِيهَا وَمِثْلُ الْهَائِمِ طَالِبُ رَعْيٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي الرُّعَاةِ يَتَّبِعُونَ الْكَلَأَ بِمَوَاشِيهِمْ أَنَّهُمْ يُتِمُّونَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ كُلٌّ مِنْ الْهَائِمِ وَالرَّاعِي قَطْعَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَبْلَ الْبَلَدِ الَّذِي يَطِيبُ لَهُ الْمُقَامُ بِهِ وَقَبْلَ مَحَلِّ الرَّعْيِ يُرِيدُ وَقَدْ عَزَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ فَيَقْصُرُ حِينَئِذٍ، ثُمَّ إنَّهُ يَصِحُّ رَفْعُ قَوْلِهِ وَلَا رَاجِعٍ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَلَا يَقْصُرُ رَاجِعٌ لِدُونِهَا أَيْ لِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَرُّهُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ عُطِفَ عَلَى مُسَافِرٍ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ أَقَلَّ إذْ التَّقْدِيرُ لَا مُسَافِرٍ أَقَلَّ مِنْهَا وَلَا مُسَافِرٍ رَاجِعٍ لِدُونِهَا ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَلَا عَادِلٍ وَمَا بَعْدَهُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَكْسَ عُذْرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا لَهُ بَالٌ

(ص) وَلَا مُنْفَصِلٍ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ بَرَزَ عَنْ الْبَلَدِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ إلَّا أَنَّهُ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً لِيُسَافِرَ مَعَهُمْ فَإِنْ كَانَ جَازِمًا بِالسَّفَرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسِيرُ إلَّا بِسَيْرِهِمْ فَلَا يَقْصُر حَتَّى يَسِيرُوا وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فَقَوْلَانِ وَالْإِتْمَامُ هُوَ الْأَصْلُ

(ص) وَقَطْعُهُ دُخُولُ بَلَدِهِ وَإِنْ بِرِيحٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي وَقَطْعُهُ رَاجِعٌ لِلْقَصْرِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لَهُ بِقَيْدِ السُّنَّةِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ السُّنَّةَ تَنْقَطِعُ وَيَبْقَى الْجَوَازُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَقَطْعُ حُكْمِ السَّفَرِ مِنْ الْقَصْرِ وَغَيْرِهِ كَفِطْرِ رَمَضَانَ دُخُولُ بَلَدِهِ الْأَعَمِّ مِنْ وَطَنِهِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَقَدَّمَتْ فِيهِ إقَامَةٌ طَوِيلَةٌ تُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَانَتْ إقَامَتُهُ فِيهِ عَلَى نِيَّةِ الِانْتِقَالِ أَوْ عَدَمِهِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِنَّمَا قَطَعَ دُخُولَهُ السَّفَرَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِقَامَةِ وَإِذَا كَفَتْ نِيَّتُهَا فَفِعْلُهَا الْمَظْنُونُ أَحْرَى وَسَوَاءٌ رَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ إذَا دَخَلَهُ، وَأَمَّا إتْمَامُهُ أَوْ قَصْرُهُ فِي رُجُوعِهِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ سَفَرًا بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا وَلَا فَرْقَ فِي قَطْعِ حُكْمِ السَّفَرِ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ الْبَلَدَ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً كَمَا لَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ رَدَّهُ غَاصِبٌ لَكَانَ عَلَى الْقَصْرِ فِي رُجُوعِهِ وَإِقَامَتِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ اهـ. أَيْ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهُ بِخِلَافِ الرِّيحِ وَمِثْلُ الرِّيحِ الدَّابَّةُ إذَا جَمَحَتْ بِهِ وَرَدَّتْهُ

(ص) إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ رَفَضَ سُكْنَاهَا وَرَجَعَ نَاوِيًا السَّفَرَ (ش) أَيْ أَنَّ مَنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي كَمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ اتِّخَاذِهَا وَطَنًا بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا سُكْنَاهَا وَرَجَعَ إلَيْهَا بَعْدَ بُلُوغِ مَسَافَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِعَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ: جَرَى قَصْرُهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي) الْخِلَافُ الْآتِي إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الدُّخُولِ فِي الْبَلَدِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الذَّهَابِ فَيَقْصُرُ بِلَا خِلَافٍ لِمَا يَتَبَيَّنُ أَقُولُ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعَمَّ فَيُقَالُ قَوْلُهُ: وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا شَامِلٌ حَتَّى لِمَا إذَا نَوَى إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّهُ الْأَرْجَحُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيلُهُمْ) أَيْ بِعَدَمِ الْقَصْرِ فِي الطَّرِيقِ الْقَصِيرَةِ (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْرِ اللَّاهِي. . . إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّاهِيَ إذَا قَصَرَ الرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مَعَ أَنَّ نَقْلَ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّ الْعَادِلَ عَنْ التَّقْصِيرِ بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ حُرْمَةُ قَصْرِ اللَّاهِي (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ. . . إلَخْ) بِأَنْ يَجْزِمَ الْفَقِيرُ الْمُتَجَرِّدُ بِأَنَّهُ مِنْ مَبْدَإِ سَفَرِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لَا يَتَيَسَّرُ فِيهِ طِيبُ الْعَيْشِ (قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ بَالٌ) أَيْ بِحَسَبِ الْأَمْتِعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا) أَيْ قَبْلَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ تَعَدِّيهِ مَحَلَّ بَدْءِ الْقَصْرِ وَكَذَا إنْ تَحَقَّقَ مَجِيئُهَا لَهُ قَبْلَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَأَمَّا لَوْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ دُونَهَا لَكِنْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ شَكَّ هَلْ يَلْحَقُونَهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ لَا أَتَمَّ (قَوْلُهُ وَالْإِتْمَامُ هُوَ الْأَصْلُ) فِي ك مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ.

(قَوْلُهُ: الْأَعَمِّ مِنْ وَطَنِهِ) مُفَادُهُ أَنْ يُرَادَ بِالْبَلَدِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ الْوَطَنُ وَهُوَ مَا اتَّخَذَ فِيهِ الْإِقَامَةَ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ، الثَّانِي مَا مَكَثَ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِنِيَّةِ عَدَمِ التَّأْيِيدِ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا مُتَوَطِّنٌ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامٌّ لِصِدْقِهِ بِصُورَتَيْنِ وَالْمُسْتَثْنَى إحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْبَلَدِ مَا يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ: بَلَدُهُ الْأَصْلِيَّةَ وَاَلَّتِي لَمْ تَكُنْ أَصْلًا لَهُ إلَّا أَنَّهُ نَوَى الْإِقَامَةَ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَا نَوَى إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ دُونَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ، (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَفَتْهُ نِيَّتُهَا) أَيْ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ: وَنِيَّةُ دُخُولِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ رَجَعَ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ لَا) أَقُولُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ يُتِمُّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدُّخُولِ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَلَا رَاجِعٍ لِدُونِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ) وَبَالَغَ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى سَحْنُونَ الْقَائِلِ بِجَوَازِ قَصْرِ مَغْلُوبِ الرِّيحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهُ) أَيْ بِحِيلَةٍ كَأَنْ يَتَشَفَّعَ بِآخَرَ أَوْ يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِأَعْلَى مِنْهُ فَهُوَ بِمَظِنَّةِ عَدَمِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، بِخِلَافِ الرِّيحِ فَإِنَّهُ لَا حِيلَةَ تُفْعَلُ مَعَهُ إلَّا إذَا كَانَ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ وَادَّعَى شب أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ يُفِيدُ عَكْسَ الْمَقْصُودِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَدْخُولٍ غَيْرِ الَّذِي هُوَ اتِّخَاذُهَا وَطَنًا أَيْ أَنَّ اتِّخَاذَ الْوَطَنِ يَتَحَقَّقُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَرَفَضَ سُكْنَاهَا) وَالْحَالُ أَنَّهُ نَوَى بِسَفَرِهِ الْقَصْرَ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَيْهَا بَعْدَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَلَوْ رَجَعَ قَبْلَ بُلُوغِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>