أَسْبَابِ الْجَمْعِ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْجَمْعُ الصُّورِيُّ وَلَيْسَ الْحُكْمُ مَخْصُوصًا بِالْمَبْطُونِ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ مَنْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ بِالْوُضُوءِ أَوْ الْقِيَامِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ لِلْمَرِيضِ أَرْفَقَ بِهِ لِشِدَّةِ مَرَضٍ أَوْ بَطْنٍ مُنْخَرِقٍ مِنْ غَيْرِ مَخَافَةٍ عَلَى عَقْلٍ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ حَمَلَ جَمَاعَةٌ قَوْلَهَا وَسَطَ الْوَقْتِ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَهُوَ آخِرُ الْقَامَةِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِرُبُعِ الْقَامَةِ وَقِيلَ يَجْمَعُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ وَكَالْمَبْطُونِ أَيْ الَّذِي لَا يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ بَلْ إمَّا أَنْ يُقَدِّمَ أَوْ يُؤَخِّرَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ
(ص) وَلِلصَّحِيحِ فِعْلُهُ (ش) يَعْنِي وَلِلصَّحِيحِ الْمُقِيمِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعًا صُورِيًّا فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ عَنْ وَقْتِهَا بَلْ أَوْقَعَ كُلًّا مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا إلَّا أَنَّ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ تَفُوتُهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ وَذِي الْعُذْرِ فَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْوَقْتِ (ص) وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَتَخْيِيرٍ فَيَنْزِلُ الْفَجْرُ مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ وَالثُّلُثُ الْأَوَّلُ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَمَا بَعْدَهُ لِلْفَجْرِ بِمَنْزِلَةِ الِاصْفِرَارِ فَإِذَا غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ جَمَعَ الْعِشَاءَ مَعَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ الِارْتِحَالِ وَإِنْ نَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَخَّرَ الْعِشَاءَ وُجُوبًا إلَى نُزُولِهِ وَإِنْ نَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ بَيْنَهُمَا خُيِّرَ فِي الْعِشَاءِ إنْ شَاءَ قَدَّمَهَا مَعَ الْمَغْرِبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَى نُزُولِهِ وَالْمُعَادِلُ لِهَلْ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوَّلًا أَيْ لَيْسَا كَالظُّهْرَيْنِ وَإِنَّمَا يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ لِأَنَّ وَقْتَيْهِمَا لَيْسَ وَقْتَ رَحِيلٍ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ لِأَنَّ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ رَاكِبٌ لَا خِلَافَ أَنَّ حُكْمَهُ فِيهِمَا كَالظُّهْرَيْنِ فَيُؤَخِّرُهُمَا إنْ نَوَى الثُّلُثَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ أَوْ قَبْلَهُمَا وَإِنْ نَوَى بَعْدَ الْفَجْرِ فَفِي وَقْتَيْهِمَا جَمْعًا صُورِيًّا وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ هُوَ التَّأْوِيلُ الْمُصَرَّحُ بِهِ لَا الْمَطْوِيُّ
(ص) وَقَدَّمَ خَائِفُ الْإِغْمَاءِ وَالنَّافِضُ وَالْمَيْدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا خَافَ الْإِغْمَاءَ، أَوْ الْحُمَّى النَّافِضَةَ أَيْ الْمُرْعِدَةَ أَوْ الدَّوْخَةَ عِنْدَ الْعَصْرِ أَوْ الْعِشَاءِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْعَصْرَ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ أَوَّلِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ وَقَدَّمَ أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَجَوَازًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَارْتَضَاهُ ق وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْحُمَّى بِالنَّافِضَةِ لِأَنَّ الْحُمَّى غَيْرَ النَّافِضَةِ يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ الصَّلَاةِ
(ص) وَإِنْ سَلَّمَ، أَوْ قَدَّمَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ أَوْ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَزَلَ عِنْدَهُ فَجَمَعَ أَعَادَ الثَّانِيَةَ بِالْوَقْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ خَائِفَ الْإِغْمَاءِ وَمَنْ مَعَهُ إذَا قَدَّمَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى ثُمَّ لَمْ يَحْصُلْ مَا خَافَهُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ، أَوْ قَدَّمَ الْمُسَافِرُ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَ تَقْدِيمُهَا وَاجِبًا
ــ
[حاشية العدوي]
وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كُلُّ مَنْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ. . . إلَخْ) أَيْ إذَا صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَلَا تَحْصُلُ لَهُ إذَا صَلَّاهُمَا مُجْتَمِعِينَ (قَوْلُهُ: بِرُبْعِ الْقَامَةِ) أَيْ يَحْصُلُ مِنْ الظِّلِّ رُبْعُ الْقَامَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ) أَيْ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمَبْطُونَ يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ لَك أَنْ تَقُولَ أَنَّ قَوْلَهُ كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَكَالْمَبْطُونِ أَيْ الَّذِي لَا يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ وَالْمُغَايَرَةُ حَاصِلَةٌ تَحْقِيقًا.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ بِمَرْجُوحِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ. . . إلَخْ) وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ تَصْرِيحِهِ بِهِ وَحَذْفِ مُقَابِلِهِ.
(قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدِّمَ: عَلَى الْمَشْهُورِ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ مُتَعَلِّقٌ بِيُقَدِّمَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ أَيْ فَالتَّقْدِيمُ مَشْهُورٌ ثُمَّ يُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابًا وَيُحْتَمَلُ جَوَازًا أَيْ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا فَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَاسْتُظْهِرَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِغْمَاءِ فَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى الْجَمْعِ، وَكَمَا إذَا خَافَتْ أَنْ تَحِيضَ أَوْ تَمُوتَ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهَا الْجَمْعُ ذَكَرَ ذَلِكَ بَهْرَامُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالْإِغْمَاءِ بِأَنَّ الْحَيْضَ يُسْقِطُ الصَّلَاةَ قَطْعًا بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا، أَوْ أَنَّ الْحَيْضَ الْغَالِبُ فِيهِ أَنْ يَعُمَّ الْوَقْتُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَهَذَا يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ الْجُنُونِ لَهُ ك (قَوْلُهُ: وَارْتَضَاهُ ق) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (أَقُولُ) ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهُوَ التَّقْدِيمُ اسْتِحْبَابًا فَفِي الْمَوَّاقِ فِيهَا لِمَالِكٍ إذَا خَافَ الْمَرِيضُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ جَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ لَا قَبْلَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ الْغُرُوبِ اهـ. فَإِنَّ صِيغَةَ الْفِعْلِ إنْ لَمْ تُحْمَلْ عَلَى الْوُجُوبِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى النَّدْبِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَيْدِ: جَمْعُهُ عِنْدَ الزَّوَالِ أَحَبُّ إلَيَّ مَنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِهَا قَاعِدًا اهـ. ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْتُ مُحَشِّيَ تت قَالَ: قَالَ تت: لَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَ التَّقْدِيمِ سَبَقَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَعَبَّرَ س وَمَنْ تَبِعَهُ بِالِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ وَخِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمَشْهُورُ جَوَازُهُ.
وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ التَّقْدِيمُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ نَقَلَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ.
وَهُوَ لَا يُعَادِلُ الْأَوَّلَ فَالصَّوَابُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْجَوَازِ وَإِنْ كَانَ تَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ يَنْبُو عَنْ ذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: تَعْبِيرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمَشْهُورُ الْجَوَازُ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْ مَنَعَ وَهَذَا لَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ خُصُوصًا وَقَدْ عَلِمْتَ النَّصَّ الصَّرِيحَ فِي الْمَيْدِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ اقْتَصَرَ بَعْضُ شُيُوخِ الْبَدْرِ عَلَى النَّدْبِ للح.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَوْ قَدَّمَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مِثْلِهِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ قَدَّمَ وَسَلَّمَ أَوْ قَدَّمَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ تَقْدِيمُهَا وَاجِبًا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الرَّحِيلَ وَالنُّزُولَ