ذَاتُ خُطْبَةٍ كَالْعِيدِ، وَكُلُّ صَلَاةٍ لَهَا خُطْبَةٌ فَالْقِرَاءَةُ فِيهَا جَهْرًا إلَّا الْجُمَعَ بِعَرَفَةَ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهَا سِرًّا؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لِلتَّعْلِيمِ لَا لِلصَّلَاةِ. فَقَوْلُهُ سُنَّ، أَيْ: سُنَّةَ عَيْنٍ، وَيُخَاطَبُ بِهَا الذَّكَرُ الْبَالِغُ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ فَيُخَاطَبُ بِهَا نَدْبًا، وَكَذَا الْمُتَجَالَّةُ. (ص) وَكَرَّرَ إنْ تَأَخَّرَ. (ش) كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ. (ص) وَخَرَجُوا ضُحًى مُشَاةً بِبِذْلَةٍ وَتَخَشُّعٍ. (ش) أَيْ: وَخَرَجُوا اسْتِحْبَابًا إلَى الْمُصَلَّى ضُحًى، أَيْ أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُ الْعِيدَيْنِ مِنْ ضَحْوَةٍ إلَى الزَّوَالِ. وَمِنْ سُنَّتِهَا أَنْ تَخْرُجَ النَّاسُ مُشَاةً فِي بِذْلَتِهِمْ، لَا يَلْبَسُونَ ثِيَابَ الْجُمُعَةِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ مُتَوَاضِعِينَ مُتَخَشِّعِينَ وَجِلِينَ إلَى مُصَلَّاهُمْ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ خَرَجَ الْإِمَامُ مَاشِيًا مُتَوَاضِعًا فِي بِذْلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا رَأَى مَخَايِلَ الْعُقُوبَةِ لَمْ يَأْتِ مَوْلَاهُ إلَّا بِصِفَةِ الذُّلِّ، وَالْبِذْلَةُ: مَا يُمْتَهَنُ مِنْ الثِّيَابِ.
(ص) مَشَايِخُ وَمُتَجَالَّةٌ وَصِبْيَةٌ لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْهُمْ، وَبَهِيمَةٌ وَحَائِضٌ، وَلَا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ وَانْفَرَدَ لَا بِيَوْمٍ. (ش) الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ لِلِاسْتِسْقَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَخْرُجُونَ بِاتِّفَاقٍ، وَهُمْ الرِّجَالُ وَالصِّبْيَانُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ الصَّلَاةَ وَالْعَبِيدُ وَالْمُتَجَالَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ. وَقِسْمٌ لَا يَخْرُجُونَ بِاتِّفَاقٍ وَهُنَّ النِّسَاءُ فِي حَالِ حَيْضِهِنَّ وَنِفَاسِهِنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ مَنْجُوسَاتٌ، وَكَذَا الشَّابَّةُ النَّاعِمَةُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا يُنَافِي فِي الْخُشُوعِ. وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِمْ وَهُمْ الْبَهَائِمُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالشَّابَّةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَاعِمَةٍ وَأَهْلُ الْكِتَابِ. انْتَهَى ابْنُ شَاسٍ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ إخْرَاجَ الصِّبْيَانِ وَالْبَهَائِمِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَكَذَلِكَ الشَّابَّةُ الَّتِي لَا يُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةُ. وَأَبَاحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ خُرُوجَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ، ثُمَّ إنَّا إذَا قُلْنَا بِالْإِبَاحَةِ فَهَلْ يَنْفَرِدُونَ بِيَوْمٍ أَوْ يَخْرُجُونَ مَعَ النَّاسِ وَيَكُونُونَ عَلَى جَانِبٍ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَسْبِقَ قَدَرٌ بِسَقْيِهِمْ فَيُفْتَتَنَ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ؟ فِيهِ خِلَافٌ، فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا بَأْسَ بِانْفِرَادِهِمْ بِيَوْمٍ، وَمَنَعَهُمْ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ حَبِيبٍ. وَإِذَا خَرَجُوا فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ التَّطَوُّقِ بِصُلْبَانِهِمْ، وَيَكُونُونَ فِي نَاحِيَةٍ مَفْصُولِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِهَا فِي الْأَسْوَاقِ وَفِي جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَيُخَاطَبُ بِهَا الذَّكَرُ الْبَالِغُ) ظَاهِرُهُ: حُرًّا أَوْ عَبْدًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الصَّغِيرُ. . . إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ - حَيْثُ يُطَالَبُ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ اسْتِنَانًا وَالِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةً - أَنَّ الْكُسُوفَ عَامٌّ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ، بِخِلَافِ الِاسْتِسْقَاءِ قَدْ لَا يَكُونُ عَامًّا. (قَوْلُهُ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ السُّنِّيَّةِ بِسَبَبِ الْمَارِّ فِي أَيَّامٍ لَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ فِيمَا يُنْدَبُ فِيهِ إنْ تَأَخَّرَ حُصُولُ الْمَطْلُوبِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ، أَوْ حَصَلَ دُونَ الْكِفَايَةِ. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ) أَيْ: فَإِنَّهَا قَالَتْ: وَجَائِزٌ أَنْ يَسْتَسْقِيَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا، ثُمَّ أَقُولُ: قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ جَائِزٌ أَيْ: مَأْذُونٌ فِيهِ فَيَصْدُقُ بِالْمَطْلُوبِ الْمُرَادِ، فَلَا يُنَافِي الْمُصَنِّفَ. وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: وَكُرِّرَ سُنَّةً وَنَدْبًا وَجَوَازًا عَلَى أَحْوَالِ الِاسْتِسْقَاءِ الثَّلَاثَةِ. وَكَتَبَ مُحَشِّي تت فَقَالَ: تَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ ظَاهِرٌ فِي مَطْلُوبِيَّتِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَسْتَسْقِيَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ بِهِ أَيَّامًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فَيُحْمَلُ الْمُؤَلَّفُ عَلَى الْجَوَازِ، فَقَوْلُ الْحَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ: وَكَرَّرَ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ خِلَافُ مَا قَالَهُ اهـ. أَقُولُ: كَوْنُ عِبَادَةٍ يَعْقِلُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ مُسْتَوِيَةُ الطَّرَفَيْنِ بَعِيدٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ.
(قَوْلُهُ إلَى الْمُصَلَّى) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ كَالْأَصْحَابِ فِي طَلَبِ الْخُرُوجِ، وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ بِغَيْرِ مَكَّةَ فَإِنَّ أَهْلَهَا يَسْتَسْقُونَ فِي الْمَسْجِدِ كَالْعِيدِ. (قَوْلُهُ مُتَخَشِّعِينَ) وَهُوَ تَكَلُّفُ الْخُشُوعِ وَيَنْشَأُ مِنْهُ ظُهُورُ الْخُشُوعِ، فَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا لَهُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَكَلَّفُونَهُ. (قَوْلُهُ إلَى مُصَلَّاهُمْ) أَيْ: خَائِفِينَ، وَقَوْلُهُ إلَى مُصَلَّاهُمْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْخُرُوجُ (قَوْلُهُ إذَا رَأَى مَخَايِلَ الْعُقُوبَةِ) أَيْ: أَمَارَاتِ الْعُقُوبَةِ، كَاحْتِبَاسِ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ وَالْبِذْلَةُ مَا يُمْتَهَنُ مِنْ الثِّيَابِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ لِحَالِ لَابِسِهِ. قَالَهُ فِي ك.
(تَنْبِيهٌ) : حَكَى السُّيُوطِيّ أَنَّ السُّلْطَانَ الْمُؤَيَّدَ خَرَجَ لِلِاسْتِسْقَاءِ فِي جُبَّةٍ بَيْضَاءَ وَطَاقِيَّةٍ بَيْضَاءَ، وَلَمْ يَرْكَبْ وَلَمْ يَجْلِسْ عَلَى شَيْءٍ، وَأَمَرَ الْإِمَامَ بِعَدَمِ الدُّعَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ لَا مَنْ. . . إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: وَصِبْيَةٌ يَعْقِلُونَ، لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ. وَقَوْلُهُ: لَا بِيَوْمٍ، مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: انْفَرَدَ بِمَوْضِعٍ لَا بِيَوْمٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ) أَيْ: يُكْرَهُ. وَقَوْلُهُ: وَانْفَرَدَ أَيْ نَدْبًا. وَقَوْلُهُ وَلَا بِيَوْمٍ أَيْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ) أَيْ: يَتَعَلَّقُ بِهِمْ الْخُرُوجُ إثْبَاتًا وَنَفْيًا. (قَوْلُهُ وَهُمْ الرِّجَالُ) أَيْ: عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ وَالصِّبْيَانُ وَالْمُتَجَالَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ أَيْ: عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ كَمَا فِي شَرْحِ شب أَيْ: الْمُتَجَالَّاتُ الَّتِي لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهَا، فَلَا تَخْرُجُ أَيْ: لَا تُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ فَإِنْ خَرَجَتْ لَمْ تُمْنَعْ. وَاعْلَمْ أَنَّ النِّسَاءَ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ: مُتَجَالَّةٌ يَحْسُنُ خُرُوجُهَا، وَشَابَّةٌ طَاهِرٌ يُكْرَهُ خُرُوجُهَا وَإِنْ خَرَجَتْ لَمْ تُمْنَعْ، وَحَائِضٌ تُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ اهـ. وَالْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لِلَّخْمِيِّ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ الْخُرُوجُ، وَلَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ إذَا خَرَجَتْ لِلصَّحْرَاءِ، بَلْ الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ. نَعَمْ لَوْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ لِصَلَاةٍ لَكَانَتْ الْحُرْمَةُ ظَاهِرَةً، وَكَذَلِكَ الشَّابَّةُ النَّاعِمَةُ يَحْرُمُ خُرُوجُهَا إنْ كَانَ يُؤَدِّي لِلْفِتْنَةِ.
(قَوْلُهُ فِي حَالِ حَيْضِهِنَّ. . . إلَخْ) أَيْ: حَالِ جَرَيَانِ دَمِهِنَّ، وَكَذَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ، بَلْ هِيَ الْآنَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِاغْتِسَالِ اهـ.
وَأَمَّا الْجُنُبُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إنْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ، أَوْ وَجَدَ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الشَّابَّةُ) أَيْ: يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ وَأَبَاحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) الْمُرَادُ أَنْ يَسُوغَ لَنَا عَدَمُ مَنْعِهِمْ. (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ) أَصْلُ الْمَنْعِ الْحُرْمَةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ وَيَكُونُونَ عَلَى جَانِبٍ) أَيْ: نَدْبًا، وَالتَّعْلِيلُ بِالْمَظِنَّةِ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ وَبِانْفِرَادِهِمْ بِيَوْمٍ) أَيْ بِزَمَنٍ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ فَلَمْ يُرِدْ بِالْيَوْمِ الْيَوْمَ الْمَعْرُوفَ. (قَوْلُهُ مِنْ التَّطَوُّقِ) أَيْ: يَجْعَلُونَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute