للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا مِيمٌ، فَقَالَ: وَالْمُرَادُ جَعْلُ الثِّيَابِ بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَيُدْرَجُ فِيهَا الْمَيِّتُ، وَأَفْضَلُ الثِّيَابِ الْأَبْيَضُ مِنْ الْقُطْنِ أَوْ الْكَتَّانِ، وَالْقُطْنُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَتَّانِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ، وَكُفِّنَ فِيهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَمِنْهَا عَدَمُ تَأْخِيرِ التَّكْفِينِ أَيْ: الْإِدْرَاجُ عَنْ الْغُسْلِ خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ التَّكْفِينِ. وَحُكْمُ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْغُسْلِ مَكْرُوهٌ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُفِيدُ هَذَا كَمَا مَرَّ. وَمِنْهَا الزِّيَادَةُ عَلَى الْكَفَنِ الْوَاحِدِ كَالثَّلَاثَةِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَادِقٌ بِالِاثْنَيْنِ فَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَوِتْرُهُ، أَيْ: غَيْرُ الْوَاحِدِ، فَالْوَاحِدُ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الْمَرَاتِبِ فَالِاثْنَانِ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالثَّلَاثَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّانِ، وَكَذَا الْخَمْسَةُ وَالسَّبْعَةُ لِلزِّيَادَةِ وَالْوِتْرِيَّةِ.

وَلَوْ أَوْصَى أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فَزَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ آخَرَ، لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ فِي الْوَاحِدِ وَصْمًا. وَإِذَا شَحَّ الْوَارِثُ أَوْ الْغَرِيمُ وَمَنَعَ الزَّائِدَ عَلَى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ - هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَوْلُ عِيسَى بِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ضَعِيفٌ، وَإِنْ اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِلْمَوَّاقِ، إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالتَّكْفِينِ فِي أَزْيَدَ مِنْ وَاحِدٍ، فَفِي ثُلُثِهِ الزَّائِدُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ، مَا لَمْ يُوصِ بِسَرَفٍ كَمَا أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ فَالسَّدَادُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ: وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا. وَاخْتُلِفَ هَلْ الْوَاجِبُ فِي كَفَنِ الرَّجُلِ سَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهِ بِخِلَافِ الْحَيِّ - وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَصَحَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ نَفْيَ الْخِلَافِ فِيهِ - أَوْ الْوَاجِبُ إنَّمَا هُوَ سَتْرُ عَوْرَتِهِ فَقَطْ - كَالْحَيِّ - وَسَتْرُ الْبَاقِي سُنَّةٌ - قَالَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَنَسَبَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِلتَّقْيِيدِ وَالتَّقْسِيمِ؟ قَوْلَانِ. وَكَانَ اللَّائِقُ التَّعْبِيرَ بِذَلِكَ لَا (بِخِلَافٌ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُشْهَرَا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُقْضَى بِسَتْرِ جَمِيعِ الْجَسَدِ - كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَقَيَّدْنَا الْخِلَافَ بِالرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَجِبُ سَتْرُ جَمِيعِ جَسَدِهَا - قَوْلًا وَاحِدًا، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: كَالْحَيِّ

(ص) وَوِتْرُهُ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ فِي عَدَدِ الْكَفَنِ أَيْضًا الْوِتْرُ اللَّخْمِيُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا ثَلَاثًا إلَى فَوْقِ سَبْعٍ أَوْ خَمْسٍ، وَلَا يُكَفَّنُ فِي وَاحِدٍ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ، وَالِاثْنَانِ وَإِنْ كَانَا شَفْعًا أَوْلَى مِنْ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ وِتْرًا؛ لِأَنَّهُ يَصِفُ، وَالِاثْنَانِ أَسْتَرُ، وَثَلَاثَةٌ أَوْلَى مِنْ أَرْبَعٍ، وَخَمْسٌ أَوْلَى مِنْ سِتٍّ. وَلَا أَرَى أَنْ يُجَاوِزَ السَّبْعَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّرَفِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَالِاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَالِاثْنَانِ مُقَدَّمَانِ نَدْبًا عَلَى الْوَاحِدِ، وَالثَّلَاثَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ؛ لِحُصُولِ السَّتْرِ وَالْوِتْرِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَكَذَلِكَ الْخَمْسَةُ عَلَى السِّتَّةِ، وَالسَّبْعَةُ عَلَيْهَا. وَقَوْلُهُ: وَوِتْرُهُ، مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَإِيتَارُهُ كَالْكَفَنِ وَأَعَادَهُ لِيَرْبِطَ بِهِ قَوْلَهُ وَالِاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ. . . إلَخْ (ص) وَتَقْمِيصُهُ وَتَعْمِيمُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَأَفْضَلُ. . . إلَخْ) مَحَطُّ الْأَفْضَلِيَّةِ قَوْلُهُ: مِنْ الْقُطْنِ؛ لِأَنَّ الْأَبْيَضِيَّةَ قَدْ تَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُهَا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ) قَالَ عج فِيهِ نَظَرٌ إذْ مِنْ الْكَتَّانِ مَا يَكُونُ كَهُوَ فِي السَّتْرِ أَوْ أَسْتَرَ مِنْهُ فَلَوْ عُلِّلَتْ أَفْضَلِيَّةُ الْقُطْنِ عَلَى الْكَتَّانِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِيهِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ. اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ) فِي ك لَا يُقَالُ: هَذَا مَوْجُودٌ مَعَ عَدَمِ تَأَخُّرِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ نَادِرٌ أَوْ إنَّهُ فِعْلُ مَا هُوَ الْمَقْدُورُ. وَوَجْهُ قَوْلِهِ: هُوَ نَادِرٌ أَنَّهُ إذَا بُودِرَ بِالتَّكْفِينِ يَلْزَمُ مِنْهُ عُرْفًا الْمُبَادَرَةُ بِدَفْنِهِ فَيَقِلُّ خُرُوجُ الْخَارِجِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُبَادِرْ فَيَتَأَخَّرَ عَنْ الدَّفْنِ فَيَحْصُلَ الْخُرُوجُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ فِعْلُ مَا هُوَ الْمَقْدُورُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْدَ التَّكْفِينِ نَجَاسَةٌ لَا تُغَسَّلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَصْمًا) أَيْ: عَيْبًا. (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. . . إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَلَا يُقْضَى عَلَى الْوَرَثَةِ بِالزَّائِدِ فِي الصِّفَةِ عَلَى مَا يَلْبَسُهُ فِي جُمُعَتِهِ وَأَعْيَادِهِ، إنْ شَحَّ الْوُرَّاثُ، وَأَمَّا الزَّائِدُ فِي الْعَدَدِ فَيُقْضَى بِهِ وَلَوْ شَحَّ الْوُرَّاثُ؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ فِي ثَلَاثَةٍ حَقٌّ وَاجِبٌ لِمَخْلُوقٍ كَمَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ قَبْلُ إنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدِ مَنْدُوبٌ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَهَلْ الْوَاجِبُ. . . إلَخْ لِحَمْلِ الْمَحَلَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ، وَهَلْ الْوَاجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ. . . إلَخْ اُنْظُرْ عب. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ كَلَامَ شَارِحِنَا وَضَعَّفَ كَلَامَ عب.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُوصِ بِسَرَفٍ) أَيْ: فَلَا يَكُونُ فِي ثُلُثِهِ الزَّائِدُ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى) بَيَانٌ لِلسَّرَفِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ فَالسَّدَادُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) قَالَ فِي ك وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالسَّدَادِ الْوَاجِبُ وَهُوَ الْوَاحِدُ لِقَوْلِهِمْ: رَأْسِ مَالِهِ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا. (قَوْلُهُ لِلتَّقْيِيدِ وَالتَّقْسِيمِ) اسْمُ كِتَابٍ لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُقْضَى بِسَتْرِ جَمِيعِ الْجَسَدِ) قَالَ ق: الْقَوْلُ بِسَتْرِ الْجَمِيعِ هُوَ الْمَذْهَبُ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ لَمْ يُشْهَرْ وَعَلَيْهِ يُقْضَى، وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ: السُّنَّةُ لَا يُقْضَى بِهَا فِي سُنَّةٍ لَمْ تُشْهَرْ فَرْضِيَّتُهَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: إنْ شَحَّ الْوَارِثُ أَيْ: أَوْ الْغَرِيمُ، أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشِحَّ الْوَارِثُ يُقْضَى بِالزَّائِدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ مُطْلَقًا، وَأَيْضًا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ التَّشَاحُحِ، فَلَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ صَارَ مُشَوَّشًا، وَقَوْلُهُ: فَفِي ثُلُثِهِ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يُوصَى، إذْ الْوَصِيَّةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الثُّلُثِ اهـ.

(قَوْلُهُ سَتْرُ جَمِيعِ جَسَدِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ. (قَوْلُهُ سَبْعٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَرْأَةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ خَمْسٍ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُكَفَّنُ فِي وَاحِدٍ) بَلْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدِ.

(قَوْلُهُ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ) فِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَفْضَلُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاثْنَيْنِ وَأَوْلَى الْوَاحِدُ، وَهَلْ تَفْضُلُ الثَّلَاثَةُ السِّتَّةَ أَيْضًا؟ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ فِيهَا الْوِتْرَ وَالزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاحِدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ لَا وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ: الثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةُ عَلَى السِّتَّةِ كَذَا فِي بَعْضِ شُرُوحِهِ (قَوْلُهُ وَتَقْمِيصُهُ) أَيْ: يُجْعَلُ لَهُ قَمِيصٌ مِنْ جُمْلَةِ أَكْفَانِهِ الْخَمْسَةِ. (قَوْلُهُ وَتَعْمِيمُهُ) وَمَوْضِعُهَا لِلْمَرْأَةِ خِمَارٌ. وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَنَّ هَذَيْنِ مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَيْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>