للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآدَمِيِّ مُحَقَّقَةٌ بِخِلَافِ الْجَنِينِ، لَكِنْ هُنَا فِيهِ إذْهَابُ جُزْءٍ مِنْ الْآدَمِيِّ وَلَيْسَ فِي الْبَقْرِ إلَّا الشَّقُّ فَيُنْظَرُ هَلْ ذَهَابُ الْجُزْءِ مَعَ تَحَقُّقِ الْحَيَاةِ يُوَازِي الشَّقَّ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْحَيَاةِ؟ وَالضَّمِيرُ فِي (أَكْلِهِ) عَائِدٌ عَلَى الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ الْمَفْهُومِ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ. وَأَمَّا الضَّمِيرُ فِي (أَكْلُهُ) الثَّانِي فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا عَلَى مَا عَادَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ، وَيَكُونَ أَيْضًا مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ أَيْ: وَصُحِّحَ أَكْلُ الْمَيِّتِ لِلْمُضْطَرِّ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا عَلَى الْمُضْطَرِّ، وَيَكُونَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ أَيْ: وَصُحِّحَ أَكْلُ الْمُضْطَرِّ الْمَيِّتَ الْآدَمِيَّ.

(ص) وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْرِكَةَ إذَا حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ زَوْجٍ فِيمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ كَيَهُودِيَّةٍ وَنَصْرَانِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَجُوسِيَّةٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ أَسْلَمَ عَنْهَا، فَإِنَّهَا تُدْفَنُ بِمَقْبَرَتِهِمْ، إذْ لَا حُرْمَةَ لِجَنِينِهَا حَتَّى يُولَدَ؛ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْهَا حَتَّى يُزَايِلَهَا. وَحَقُّ قَوْلِهِ (وَلَا يُسْتَقْبَلُ بِهِ قِبْلَتُنَا وَلَا قِبْلَتُهُمْ) أَنْ يَتَّصِلَ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْلِمِ يُوَارِي أَبَاهُ الْكَافِرَ إذَا خَافَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، وَهَذِهِ إنَّمَا يَلِي دَفْنَهَا أَهْلُ دِينِهَا بِمَقْبَرَتِهِمْ وَنَحْنُ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ، فَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ خَرَّجَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ.

(ص) وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُكَفَّنًا إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ (ش) أَيْ: وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُغَسَّلًا مُحَنَّطًا مُكَفَّنًا مُصَلًّى عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ غَيْرَ مُثْقَلٍ. قَالَهُ أَصْبَغُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ. وَعَلَى وَاجِدِهِ دَفْنُهُ بِالْبَرِّ.

وَقَالَ سَحْنُونَ يُثْقَلُ هَذَا إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَدْفِنُوهُ بِالْبَرِّ، وَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: مَيِّتُ الْبَحْرِ، عَلَى مَعْنَى فِي أَيْ: مَيِّتٌ فِي الْبَحْرِ أَيْ: عَلَى ظَهْرِ الْبَحْرِ، وَقَوْلُهُ: بِهِ، أَيْ: فِيهِ.

(ص) وَلَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءٍ لَمْ يُوصِ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ مِنْ رَفْعِ صَوْتٍ أَوْ نَوْحٍ مَثَلًا إلَّا إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَمِثْلُ الْإِيصَاءِ مَا إذَا عُلِمَ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُمْ يَبْكُونَ وَلَمْ يُوصِهِمْ بِتَرْكِهِ. وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ الْبُكَاءِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ مَعْنَى تَعْذِيبِهِ سَمَاعُ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَالرِّقَّةُ لَهُمْ، وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا بِذَلِكَ فِي حَدِيثٍ وَهُوَ أَوْلَى مَا يُقَالُ فِيهِ.

(ص) وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ (ش) أَيْ: لَا يَجُوزُ تَرْكُ الْمُسْلِمِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُؤَنِ تَجْهِيزِهِ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ مِنْ غُسْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، بَلْ يَلِيهِ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُسْلِمُونَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا سَيْرُهُ مَعَهُ وَدُعَاؤُهُ لَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ (ص) وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا كَافِرًا وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُغَسِّلَ أَبَاهُ الْكَافِرَ، وَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ تَطْهِيرٌ وَتَابِعٌ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِمَا. وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ بَلْ يُوكِلُهُ إلَى أَهْلِ دِينِهِ يَلُونَهُ، إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَضِيعَ بِتَرْكِ أَهْلِ مِلَّتِهِ لَهُ فَلْيُوَارِهِ بِالتَّكْفِينِ فِي شَيْءٍ، وَالدَّفْنِ لَكِنْ لَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ قِبْلَتَنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَا قِبْلَتَهُمْ؛ لِأَنَّا لَا نُعَظِّمُ قِبْلَتَهُمْ بَلْ يَقْصِدُ مُوَارَاتَهُ لِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَبِ مَعَ خَوْفِ الضَّيْعَةِ، بَلْ كُلُّ كَافِرٍ يَجِبُ أَنْ يُوَارَى وَتُسْتَرَ عَوْرَتُهُ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ وَلَوْ حَرْبِيًّا. وَقَالَ بَعْضٌ: يُتْرَكُ الْحَرْبِيُّ.

(ص) وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ مِنْ النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ إنْ كَانَ كَجَارٍ أَوْ صَالِحًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَحَبُّ إلَى مَالِكٍ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَقُومَ بِهَا الْغَيْرُ، إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ تَسْقُطُ فَرْضِيَّتُهُ بِقِيَامِ الْغَيْرِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ) أَيْ: كَافِرَةٌ وَذَلِكَ لِمَا قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُشْرِكُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ كَافِرٍ مِنْ عَابِدِ وَثَنٍ وَصَنَمٍ وَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ. وَعَلَى هَذَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى مَنْ قَالَ: لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَدُفِنَتْ كَافِرَةٌ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ عَنْهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ شُمُولَ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِجَعْلِ قَوْلِهِ: الْمُسْلِمِ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ مَآلًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَحَقُّ قَوْلِهِ. . . إلَخْ) وَيُمْكِنُ صِحَّةُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ كَانَ يَلْزَمُ ضَيَاعُهَا، إنْ لَمْ يُوَارِهَا الْمُسْلِمُ أَيْ: وَلَا يُسْتَقْبَلُ بِالْمَذْكُورِ مِنْ الْمَرْأَةِ

. (قَوْلُهُ غَيْرَ مُثْقَلٍ) اسْتَحْسَنَ هَذَا بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ

. (قَوْلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَرَادَ قِيَامَتَهُ فَتَدْخُلُ مُدَّةُ الْقَبْرِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ) أَيْ: بَلْ يَجُوزُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْلَى مَا يُقَالُ فِيهِ) هَذَا مُشْكِلٌ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ النِّيَاحَةَ حَرَامٌ، وَالْإِيصَاءُ بِالْمُحَرَّمِ لَا يَكُونُ إلَّا مُحَرَّمًا وَالْمُحَرَّمُ يُسْتَحَقُّ بِهِ الْعَذَابُ الْحَقِيقِيُّ لَا التَّأَلُّمُ فَتَدَبَّرْ

. (قَوْلُهُ وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ. . . إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَى غُسْلِهِ وَدَفْنِهِ إلَى مَقَابِرِهِمْ أَوْ تَقْبِيلِهِ بِقِبْلَتِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُسْلِمُونَ. . . إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَلِيهِ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ، إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَيَلِيهِ الْمُسْلِمُونَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا سَيْرُهُ. . . إلَخْ) مُفَادُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُ غُسْلَهُ وَلَا تَكْفِينَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ الْحُضُورِ لِغُسْلِهِ أَوْ تَكْفِينِهِ كَأَنْ يُعَاوِنَ بِإِتْيَانِ مَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّقَانِيِّ: قَوْلُهُ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ أَيْ: فَقَطْ، بَلْ يُشَارِكُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ أَيْ أَنَّ وَلِيَّهُ الْمُسْلِمَ يَتَوَلَّى تَغْسِيلَهُ مَثَلًا بِحَضْرَةِ وَلِيِّهِ الْكَافِرِ وَلَا يُمَكَّنُ الْكَافِرُ مِنْ ذَلِكَ. اهـ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَضِيعَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إلَّا أَنْ يَضِيعَ لَا يُؤْخَذُ بِظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ مُوَارَاةٌ بَعْدَ الضَّيْعَةِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ بَلْ يُقْصَدُ مُوَارَاتُهُ لِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ) فِيهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي هَذَا قِبْلَتُهُ وَقِبْلَتُنَا وَذَلِكَ لِأَنَّ فِعْلَ الْفَاعِلِ اخْتِيَارِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضٌ يُتْرَكُ الْحَرْبِيُّ) اُنْظُرْ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَافِرٍ وَكَافِرٍ وَكَوْنُهُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لَا يُوجِبُ تَرْكَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُحْتَرَمًا حَالَ الْحَيَاةِ فَاسْتُصْحِبَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِحَيْثُ تَأْكُلُهُ الْكِلَابُ (قَوْلُهُ تَسْقُطُ فَرْضِيَّتُهُ بِقِيَامِ الْغَيْرِ بِهِ) أَيْ: بِالشُّرُوعِ فِي الْقِيَامِ بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَ الشُّرُوعِ لَمْ يَقُمْ بِهِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ بِسُقُوطِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْ الْغَيْرِ بِالشُّرُوعِ ضَعِيفٌ إذْ الْمَذْهَبُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْإِتْمَامِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>