حَوْلُهُ حَوْلُ أَصْلِهِ وَهَذَا مَشْهُورٌ أَيْضًا وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ يَلْزَمُ مِنْ تَشْهِيرِ الْمَبْنِيِّ تَشْهِيرُ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُبْنَى مَشْهُورٌ عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ وَالرَّجَبِيَّةِ الْآتِيَةِ
. (ص) وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ وَمَعْدِنٍ بِدَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّيْنَ بِإِطْلَاقِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا، أَوْ عَرْضًا، أَوْ مَاشِيَةً أَوْ طَعَامًا لَا يُسْقِطُ زَكَاةَ الْحَرْثِ وَلَا الْمَعْدِنِ وَمِنْهُ الرِّكَازُ إذَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا الْمَاشِيَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا وَلِأَنَّ الْحَرْثَ وَالْمَاشِيَةَ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَهِيَ مَوْكُولَةٌ إلَى الْإِمَامِ لَا إلَى أَرْبَابِهَا فَلَمْ تُؤْتَمَنْ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَهِيَ مَوْكُولَةٌ إلَى أَرْبَابِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إنَّ عَلَيْهِمْ دَيْنًا كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي دَفْعِ زَكَاتِهَا فَكَانَ الدَّيْنُ يُسْقِطُ زَكَاتَهَا كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرَةِ فَلَا تَسْقُطُ بِدَيْنٍ وَلَا فَقْدٍ وَلَا أَسْرٍ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ فَقْدٍ أَوْ أَسْرٍ) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ الْأَسْرَ، أَوْ الْفَقْدَ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ، أَوْ لِرَبِّ الْمَعْدِنِ، أَوْ لِرَبِّ الْحَرْثِ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ زَكَاةِ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ أَمْرُهُمْ عَلَى الْحَيَاةِ لَا عَلَى الْوَفَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْحَرْثِ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ حُرِثَتْ أَمْ لَا.
(ص) وَإِنْ سَاوَى مَا بِيَدِهِ (ش) الْمُبَالَغَةُ فِي عَدَمِ سُقُوطِ الزَّكَاةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الْمَاشِيَةِ، أَوْ الْحَرْثِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُسَاوِي مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَاشِيَةِ، أَوْ الْحَرْثِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِهَا بِعَيْنِ ذَلِكَ، بَلْ، وَلَوْ زَادَ الدَّيْنُ عَلَى مَا بِيَدِهِ مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ زَكَاةِ ذَلِكَ فَمَفْهُومُ الْمُسَاوَاةِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُبَالِغْ عَلَى الزِّيَادَةِ لِتَكُونَ الْمُسَاوَاةُ مَفْهُومَةً بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ قَالَ فِيهَا الْقِيَاسُ سُقُوطُ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ، أَوْ غَارِمٌ (ص) إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ عَلَيْهِ مِثْلُهُ (ش) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ سَلَمٍ وَلَيْسَ لَهُ مَا يُقَابِلُهُ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِ
. (ص) بِخِلَافِ الْعَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّيْنَ مُطْلَقًا، أَوْ الْفَقْدَ أَوْ الْأَسْرَ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ أَيْ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْقَدْرِ الْمُسَاوِي لَهُ مِنْهَا لِأَنَّ الْمَدِينَ لَيْسَ كَامِلَ الْمِلْكِ إذْ هُوَ بِصَدَدِ الِانْتِزَاعِ كَالْعَبْدِ، وَالْمَفْقُودُ وَالْأَسِيرُ مَغْلُوبَانِ عَلَى عَدَمِ التَّنْمِيَةِ فَأَشْبَهَ مَالُهُمْ الْأَمْوَالَ الضَّائِعَةَ وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَكَّى بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَدَخَلَ فِي الْعَيْنِ عَرْضُ التِّجَارَةِ لِأَنَّ الْمُزَكَّى إنَّمَا هُوَ ثَمَنُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ وَكِلَاهُمَا عَيْنٌ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّوْضِيحِ.
(ص) ، وَلَوْ دَيْنَ زَكَاةٍ، أَوْ مُؤَجَّلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ فَإِذَا تَجَمَّدَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حَرْثٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ فَلَا فَرْقَ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ كَوْنِهِ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَوْ كَانَ لَا يُطَالَبُ بِهِ عِنْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ، أَوْ أَفْلَسَ حَلَّ الْمُؤَجَّلُ ابْنُ عَرَفَةَ الدَّيْنُ وَلَوْ مُؤَجَّلًا يُسْقِطُ زَكَاةَ مِقْدَارِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَالْمُعْتَبَرُ عَدَدُهُ لَا قِيمَتُهُ فَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَعَلَيْهِ دِينَارَانِ مُؤَجَّلَانِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ عَنْهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا دِينَارًا وَاحِدًا
. (ص) أَوْ كَمَهْرٍ (ش) الْمَشْهُورُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَهْرَ الزَّوْجَةِ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ عَنْ زَوْجِهَا فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا تَمَّ حَوْلُهَا وَعَلَيْهِ لِامْرَأَتِهِ دِينَارٌ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ كَمَهْرٍ، وَلَوْ مُؤَجَّلًا لِمَوْتٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَك. . . إلَخْ) قَالَهُ اللَّقَانِيِّ فِي الذَّخِيرَةِ مَا يَشْهَدُ لِظَاهِرِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَيْهِ
. (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّكَاةِ) إضَافَةُ حَقٍّ لِمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْحَرْثَ. . . إلَخْ هَذِهِ الْعِلَّةُ كَالْمَنْشَأِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ فَقْدٍ أَوْ أَسْرٍ) اُنْظُرْ لَوْ أُخْرِجَتْ زَكَاةُ مَاشِيَتِهِ، أَوْ حَرْثِهِ وَهُوَ مَفْقُودٌ، أَوْ مَأْسُورٌ هَلْ تُجْزِئُهُ أَمْ لَا لِفَقْدِ نِيَّةِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فَحُمِلَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْحَيَاةِ. (قَوْلُهُ بَلْ، وَلَوْ زَادَ. . . إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسَاوَاةِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ قَدْرُ مَا بِيَدِهِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ إنَّمَا الْمُرَادُ بِالْمُسَاوَاةِ كَوْنُهُ مِنْ صِنْفِهِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ صِفَتِهَا إنَّمَا قَالَ، بَلْ. . . إلَخْ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَمَفْهُومُ الْمُسَاوَاةِ) أَيْ فَمَفْهُومٌ هُوَ الْمُسَاوَاةُ مَفْهُومَةٌ بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ أَيْ مِنْ الزِّيَادَةِ فَوَرَدَ أَنْ يُقَالَ إذَنْ لَا يَنْبَغِي الْمُبَالَغَةُ عَلَيْهَا فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: إنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْمُسَاوَاةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ. . . إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَكَّى بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ) خَالَفَهُ غَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ جَاءَ الْمَفْقُودُ وَتَخَلَّصَ الْأَسِيرُ فَلَا يُطَالَبُ مُدَّةَ فَقْدِهِ أَوْ أَسْرِهِ وَلَا يُزَكِّيهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيلُ سُقُوطِهَا مُدَّةً بِأَنَّ رَبَّهَا مَغْلُوبٌ عَلَى عَدَمِ تَنْمِيَتِهَا فَهِيَ كَالضَّائِعَةِ يَقْتَضِي زَكَاتَهَا لِسَنَةٍ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الضَّائِعَةِ وَنَحْوِهَا بِأَنَّ رَبَّ الضَّائِعَةِ وَنَحْوِهَا عِنْدَهُ مِنْ التَّفْرِيطِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمَفْقُودِ وَالْمَأْسُورِ وَكُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ
، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت التَّزْكِيَةُ لِكُلِّ عَامٍ ذَاكِرًا لِلنَّصِّ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ وَانْظُرْ لَوْ أَعْطَيْت بِزَكَاةِ عَيْنِ الْمَفْقُودِ وَالْمَأْسُورِ هَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الدَّافِعِ أَوْ الْآخِذِ إنْ كَانَتْ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ.
(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ. . . إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ قَالَ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِكُلِّ دَيْنٍ إلَّا مُهُورَ النِّسَاءِ إذْ لَيْسَ شَأْنُهُنَّ الْقِيَامَ إلَّا فِي مَوْتٍ، أَوْ فِرَاقٍ، أَوْ عِنْدَمَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقُوَّةِ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُؤَجَّلًا. . . إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ بِصَدَدِ الْحُلُولِ فَهِيَ أَقْرَبُ لِلْإِسْقَاطِ فَالْأَوْلَى الْمُبَالَغَةُ عَلَى غَيْرِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفِرَاقِ وَشَأْنُ ابْنِ آدَمَ أَمَلُ الْحَيَاةِ. (أَقُولُ) أَوْ لِمَنْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ قَدْ يُقَالُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِمَنْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ وَيُجَابُ بِالتَّغَايُرِ بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ الْعُنْوَانِيِّ وَالتَّأْجِيلُ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لَا مَذْهَبُنَا