للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا عَطْفٌ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مِنْ قَوْلِهِ: عَنْهُ أَيْ: يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ صَاعٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَصَاعٌ عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ أَيْ: تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ شَرْعًا بِجِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالصَّاعِ الْجِنْسَ، لَا يَرِدُ أَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الصَّاعَ الْوَاحِدَ يُخْرِجُهُ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُسْلِمِ عَمَّنْ يَمُونُهُ مِنْ الْكُفَّارِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ: كَزَوْجَةٍ، أَوْ أَبٍ، أَوْ وَلَدٍ، أَوْ عَبِيدٍ كُفَّارٍ وَانْظُرْ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ عَمَّنْ يَمُونُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؟ مِثْلَ: أَنْ يَمْلِكَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَيَهُلُّ شَوَّالٌ قَبْلَ نَزْعِهِ مِنْهُ، أَوْ تُسْلِمُ أُمُّ وَلَدِهِ، أَوْ يَكُونُ لَهُ قَرَابَةٌ مُسْلِمُونَ فِي نَفَقَتِهِ كَأَبَوَيْهِ قَالَ سَنَدٌ: وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى الْكُفَّارِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَحْمَدُ: يَجِبُ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُوَافِقُ مَا لِأَحْمَدَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ.

ثُمَّ عَدَّدَ جِهَاتِ النَّفَقَةِ الثَّلَاثِ لِإِخْرَاجِ مَا عَدَاهَا مُشِيرًا لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: (بِقَرَابَةٍ) وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِيَمُونُهُ فَدَخَلَ الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ الذُّكُورُ حَتَّى يَحْتَلِمُوا قَادِرِينَ عَلَى الْكَسْبِ وَالْإِنَاثُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهِنَّ الْأَزْوَاجُ أَوْ يَدْعُوا إلَى الدُّخُولِ، وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ: (أَوْ زَوْجِيَّةٍ) أَيْ:، وَلَوْ أَمَةً دَخَلَ بِهَا، أَوْ دَعَا إلَى الدُّخُولِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَنِيَّةً أَوْ فَقِيرَةً أَوْ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً لَا بَائِنًا، وَلَوْ حَامِلًا وَلِهَذَا جَعَلَهَا سَبَبًا مُسْتَقِلًّا وَلَمْ يُلْحِقْهَا بِالْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَسَقَطَتْ بِيُسْرِهَا، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ بَالَغَ فِي الزَّوْجِيَّةِ فَقَالَ: (وَإِنْ لِأَبٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ زَوْجَةِ أَبِيهِ يُرِيدُ إذَا كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: (وَخَادِمِهَا) لِلْجِهَةِ الَّتِي وَجَبَتْ بِهَا النَّفَقَةُ فَيَشْمَلُ: الْقَرَابَةَ، وَالزَّوْجِيَّةَ وَلَا تَتَعَدَّدُ نَفَقَةُ خَادِمِ الزَّوْجَةِ، وَكَذَا فِطْرَتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ قَدْرٍ، وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ: (أَوْ رِقٍّ وَلَوْ مُكَاتَبًا) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرَةِ عَنْ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ: كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ رَجَعَ رِقًّا لِسَيِّدِهِ، وَلَا بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لِلْقِنْيَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَانَتْ قِيمَتُهُمْ نِصَابًا أَوْ دُونَهُ أَصِحَّاءَ أَوْ مَرْضَى أَوْ زَمْنَى أَوْ ذَوِي شَائِبَةٍ، وَخَصَّ الْمُكَاتَبَ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ قَالَ فِيهَا: وَلَا زَكَاةَ عَلَى عَبِيدِ الْعَبِيدِ أَيْ: لَا يُزَكِّي عَنْهُمْ سَيِّدُهُمْ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَلَا سَيِّدُ سَيِّدِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَبِيدًا لَهُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُمْ بِالِانْتِزَاعِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ.

(ص) وَآبِقًا رُجِيَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ لَوْ مُشَارِكَهُ فِي الْخِلَافِ فَإِنْ لَمْ يُرْجَ لَمْ تَجِبْ، وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ كَذَلِكَ أَيْ: فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى وَمَنْ لَا يُرْجَى قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَمَّا فِي حَالَةِ كَوْنِهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ

ــ

[حاشية العدوي]

اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا مُتَعَدِّدًا مِنْ غَيْرِ غَلَبَةِ شَيْءٍ مِنْهُ فَيُخَيَّرُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ بِالْمُعَشَّرِ خُصُوصُ الثَّمَانِيَةِ

(قَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ) مِنْ بَابِ الْكُلِّ الْجَمِيعِيِّ أَيْ: عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ لَا مِنْ بَابِ الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ: يَمُونُهُ) صِفَةٌ لِمُسْلِمٍ أَيْ: مُسْلِمٍ مَمُونٍ لَهُ وَكَانَ الْوَاجِبُ إبْرَازَ الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ فَلَعَلَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ وَاللَّبْسُ مَأْمُونٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِي يَمُونُ أَيْ: يَقُومُ بِالْإِنْفَاقِ إنَّمَا هُوَ الْمُخْرِجُ لَا الْمُخْرَجُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ سَنَدٌ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ وُجُوبِهَا) أَيْ: بِالنَّظَرِ لِعِبَارَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى خِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَ الْوُجُوبَ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ عَنْهُ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ عَنْهُ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ إلَخْ، كَانَ ظَاهِرُهُ عَدَمَ الْوُجُوبِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ تَوَهُّمِ الْمُنَافَاةِ وَأَيْنَ تُتَوَهَّمُ الْمُنَافَاةُ مَعَ انْضِمَامِ الْكَلَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَوَهَّمَ الْمُنَافَاةَ مِنْ كَوْنِ الْكَافِرِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَتَأَمَّلْ، (قَوْلُهُ: بِقَرَابَةٍ إلَخْ) كَالْأَوْلَادِ وَالْآبَاءِ الْفُقَرَاءِ وَخَرَجَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفَقَتِهِ وَمَنْ يَمُونُهُ بِالْتِزَامٍ أَوْ بِحَمْلٍ كَمَنْ طَلُقَتْ بَائِنًا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجِيَّةٍ) وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ الْأَمَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِلزَّوْجِ الْعَبْدِ فَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ حُرَّةً عَلَيْهِ لِوُجُوبِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ، وَلَيْسَتْ عَلَى سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ: وَلِهَذَا التَّعْمِيمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَنِيَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْقَرَابَةَ إلَخْ) أَيْ: فَيَشْمَلُ كَلَامُهُ خَادِمَ الْأَوْلَادِ وَالْأَبَ وَالْأُمَّ وَخَادِمَ زَوْجَةِ الْأَبِ، وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ: فِي التَّبْصِرَةِ لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ أَبَوَيْهِ خَادِمٌ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا وَهُمَا فَقِيرَانِ أَدَّى عَنْهُمَا وَعَنْ خَادِمِهِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ فِي عِصْمَةِ الْأَبِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَكَانَا يَسْتَغْنِيَانِ بِخَادِمِ الْأَبِ عَنْ خَادِمِ الْأُمِّ أَدَّاهَا عَنْ الْجَمِيعِ لَا خَادِمِ الْأُمِّ، وَإِنْ اسْتَغْنَيَا بِخَادِمِ الْأُمِّ لَمْ يُؤَدِّ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِيُسْرِ الْأَبِ بِخَادِمِهِ فَعَلَيْهِ بَيْعُهَا وَيُؤَدِّي مِنْ ثَمَنِهَا عَنْهُ وَعَنْ زَوْجَتِهِ وَعَنْ خَادِمِهَا، وَالْوَلَدُ يَكُونُ لَهُ الْخَادِمُ كَذَلِكَ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : يُخْرِجُ الْأَبُ عَنْ ابْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا إنْ صَغُرَ فَإِنْ بَلَغَ أَيْ: قَادِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الزَّكَاةِ مِنْ النِّيَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ، وَإِعْلَامُهُ قَائِمٌ مَقَامَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَعَدَّدُ نَفَقَةُ إلَخْ) يُوَافِقُهُ قَوْلُ غَيْرِهِ وَيُخْرِجُ عَنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ لِزَوْجَتِهِ إذَا كَانَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أَخْرَجَ عَنْ ذَلِكَ اهـ.

وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِذَلِكَ بِخَادِمِ الزَّوْجَةِ بَلْ خَادِمِ الْقَرَابَةِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا) اسْمُ كَانَ عَائِدٌ عَلَى الرَّقِيقِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ يَمُونُهُ، وَفِي كِتَابَةٍ أُخْرَى فَإِنَّ النَّفَقَةَ وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْهُ حَالًا فَهِيَ مُتَوَقَّعَةٌ مَآلًا قُلْت: وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ) أَيْ: مُبَاشَرَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>