للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ، أَوْ قَتْلٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَضَى، وَلَوْ تَطَوُّعًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَوْجَبُوا الْقَضَاءَ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى مَنْ طَرَأَ لَهُ السَّفَرُ وَهُوَ صَائِمٌ مُتَطَوِّعٌ فَأَفْطَرَ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يُفْطِرَ لِأَجْلِ السَّفَرِ فَغَيْرُهُ مِمَّا لَيْسَ بِرَمَضَانَ أَوْلَى، وَأَيْضًا فِطْرُ الْمُسَافِرِ فِي رَمَضَانَ رُخْصَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَنْ يَصِلَ إلَى مَحَلِّ بَدْءِ الْقَصْرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ إلَخْ فَإِذَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ وَلَمْ يُسَافِرْ بِالْفِعْلِ أَوْ سَافَرَ لَكِنَّهُ لَمْ يَصِلْ لِمَحَلِّ بَدْءِ الْقَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ فَهَذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي الصُّورَتَيْنِ

. (ص) وَبِمَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَهُ، أَوْ تَمَادِيهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِسَفَرِ قَصْرٍ، وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: وَجَازَ الْفِطْرُ بِسَبَبِ مَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَهُ وَمِنْهُ حُدُوثُ عِلَّةٍ، أَوْ تَمَادِيهِ بِالصَّوْمِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ: زِيَادَةَ نَوْعِهِ بِأَنْ تَحْدُثَ لَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ، أَوْ أَنْ يَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِفْطَارُ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:.

(ص) وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى (ش) أَيْ: مَشَقَّةً عَظِيمَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] فَمُجَرَّدُ الْخَوْفِ كَافٍ فِي وُجُوبِ الْفِطْرِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَخُوفِ مِنْهُ وَهُوَ الْهَلَاكُ، أَوْ شَدِيدُ الْأَذَى

. (ص) كَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ، أَوْ غَيْرُهُ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْحَامِلَ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ وَإِنْ خَافَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ، أَوْ مَرَضٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهَا الْفِطْرُ حَيْثُ خَشِيَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إنْ خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ وَإِنْ خَشِيَتْ عَلَيْهِ مَرَضًا، أَوْ حُدُوثَ عِلَّةٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا، أَوْ يَقْبَلُ وَلَكِنْ لَا تَجِدُ مَنْ تَسْتَأْجِرُهُ، أَوْ تَجِدُ وَلَكِنْ لَا مَالَ هُنَاكَ وَلَا تَجِدُ مَنْ يُرْضِعُهُ مَجَّانًا وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَنَّ خَوْفَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَبِمَرَضٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَرَضٌ وَالرَّضَاعَ فِي حُكْمِهِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُمْكِنْهَا صِفَةٌ لِمُرْضِعٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ أَيْ: غَيْرُ الِاسْتِئْجَارِ وَهُوَ رَضَاعُهَا بِنَفْسِهَا، أَوْ مَجَّانًا أَيْ: لَا يُمْكِنُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] أَيْ: لَا تُطِعْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ: خَافَتَا إلَخْ صِفَةٌ لَهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُمَا الْفِطْرُ لِمُجَرَّدِ الْجَهْدِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِجَوَازِهِ لَهُمَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَامِلَ لَا إطْعَامَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ.

(ص) وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ، ثُمَّ هَلْ مَالُ الْأَبِ، أَوْ مَالُهَا؟ تَأْوِيلَانِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: سَابِقًا لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ وَهِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهَا الصَّوْمُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مَالِ الْوَلَدِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَفَقَتِهِ حَيْثُ سَقَطَ رَضَاعُهُ عَنْ أُمِّهِ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لَهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الرَّضَاعُ وَاجِبًا عَلَيْهَا لَوْلَا الصَّوْمُ ثُمَّ إنْ عَدِمَ مَالَهُ وَوَجَدَ مَالَ الْأَبَوَيْنِ فَهَلْ تَكُونُ فِي مَالِ الْأَبِ: قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ التُّونُسِيُّ، أَوْ مَالِهَا حَيْثُ يَجِبُ رَضَاعُهُ عَلَيْهَا وَهَذَا بَدَلُهُ قَالَهُ سَنَدٌ تَأْوِيلَانِ، وَيُفْهَمُ مِنْ النَّقْلِ هُنَا أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ يَجِبُ الرَّضَاعُ عَلَى الْأُمِّ وَإِلَّا فَيَتَّفِقُ عَلَى أَنَّهُ فِي مَالِ الْأَبِ

. (ص) وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ الْمُسْتَتِرِ لِطُولِ الْفَصْلِ وَمَصَبُّ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: بِالْعَدَدِ أَيْ: وَوَجَبَ الْفِطْرُ إنْ خَافَ هَلَاكًا إلَخْ وَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ بِالْعَدَدِ سَوَاءٌ صَامَ بِالْهِلَالِ أَوْ بِغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ ذَلِكَ إنْ صَامَ بِالْعَدَدِ وَإِنْ صَامَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ تَخَلَّفَتْ الشُّرُوطُ، أَوْ بَعْضُهَا قَضَى وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَازِمٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَخَلَّفَتْ الشُّرُوطُ، أَوْ بَعْضُهَا، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا لَكِنْ أَتَى بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ الْمُبَالَغُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ صَادِقًا عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِطْرٍ الْمُرَادُ بِهِ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَلَا كَفَّارَةَ وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: فُهِمَ مِنْهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا فِي الْفِطْرِ بِالْفِعْلِ فَلَا يُمْنَعُ أَنْ يُقَالَ الْفِطْرُ فِي الْكَفَّارَةِ بِمَعْنَى التَّبْيِيتِ جَائِزٌ وَقَوْلُهُ: وَأَيْضًا فِطْرُ رَمَضَانَ إلَخْ هَذَا يَظْهَرُ فِي الْفِطْرِ بِمَعْنَى التَّبْيِيتِ

(قَوْلُهُ: خَافَ زِيَادَتَهُ) إمَّا بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَارِفٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ، أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ بِتَجْرِبَةٍ، أَوْ مِمَّنْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْمِزَاجِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ إذَا خَافَ بِصَوْمِهِ الْهَلَاكَ، أَوْ شِدَّةَ الْأَذَى يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَالْجَهْدُ يُبِيحُ الْفِطْرَ وَلَوْ لِلصَّحِيحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَطَّابِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يُبِيحُ ذَلِكَ لِلْمَرِيضِ (ثُمَّ أَقُولُ) : وَلَمْ أَرَ فِيمَا بِيَدَيَّ مِنْ الْمَوَادِّ مَا الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ هَلْ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ وَالظَّنَّ، أَوْ الظَّنَّ فَمَا فَوْقَهُ؟ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الظَّنُّ فَمَا فَوْقَهُ (قَوْلُهُ: زِيَادَةَ نَوْعِهِ) أَيَّ صِنْفٍ مِنْ نَوْعِهِ وَأَقُولُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ، بَلْ يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ حَتَّى يَشْمَلَ اشْتِدَادَ ذَلِكَ الضَّعْفِ، أَوْ حُدُوثَ صِنْفٍ آخَرَ مِنْ نَوْعِهِ.

(تَنْبِيهٌ) : أَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِمَرَضٍ أَنَّ خَوْفَ أَصْلِ الْمَرَضِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَنْزِلُ بِهِ وَالْآخَرُ يَجُوزُ اهـ.

(أَقُولُ) : حَيْثُ كَانَ يَرْجِعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَظْهَرُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: حُدُوثَ عِلَّةٍ) كَزَمَانَةٍ فَهِيَ غَيْرُ الْمَرَضِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَامِلَ لَا إطْعَامَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ مَرِيضَةٌ بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي ذِكْرِ التَّأْوِيلَيْنِ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ قَدْ قَالَ: إذَا كَانَ الْحُكْمُ الْإِجَارَةَ فَيَبْدَأُ بِمَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَالُ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَالُ الْأُمِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرَهُ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَالرَّاجِحُ أَنَّ مَالَ الْأَبِ مُقَدَّمٌ، الَّذِي هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>