للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعْتِكَافَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَطْءُ الْمُكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ كَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الِاحْتِلَامِ، قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ وَطْءٍ أَيْ مُبَاحٍ لَيْلًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ أَوْ نَهَارًا فَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ، وَقَوْلُهُ: شَهْوَةٍ يَنْبَغِي فِي غَيْرِ الْفَمِ وَإِلَّا فَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْسٍ وَمُبَاشَرَةٍ أَيْ لَمْسِ شَهْوَةٍ وَمُبَاشَرَةِ شَهْوَةٍ فَقَدْ حَذَفَ شَهْوَةً مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ أَنَزَلَ أَمْ لَا عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا وَهَذِهِ تَرُدُّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ سَهْوُ غَيْرِ الْأَكْلِ كَالْأَكْلِ (ص) ، وَإِنْ لِحَائِضٍ نَاسِيَةٍ (ش) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ لِحَائِضٍ نَاسِيَةٍ لِعُكُوفِهَا الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ وَلَا مَفْهُومَ لِلْحَيْضِ، بَلْ الْمَرَضُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَانِعَةِ مِنْ الصَّوْمِ أَوْ الِاعْتِكَافِ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ نَاسِيَةٍ أَحْرَوِيٌّ، ثُمَّ أَنَّ اللَّامَ لَامُ الْمُلَابَسَةِ أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُلَابَسَةُ لِحَائِضٍ كَانَتْ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى مِنْ.

(ص) وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ، أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ فَلَا مَنْعَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ السَّيِّدَ أَوْ الزَّوْجَ إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الَّذِي تَضُرُّ عِبَادَتُهُ بِعَمَلِهِ، أَوْ امْرَأَتِهِ الَّتِي يَحْتَاجُ زَوْجُهَا لَهَا فِي نَذْرِ عِبَادَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ، أَوْ صِيَامٍ، أَوْ إحْرَامٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذَرَاهَا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعُ الْوَفَاءِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَهُ الْمَنْعُ وَلَوْ دَخَلَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَمَّا لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ، أَوْ الزَّوْجُ لِعَبْدِهِ، أَوْ لِامْرَأَتِهِ فِي الْفِعْلِ خَاصَّةً دُونَ نَذْرٍ فَلَا يَقْطَعُهُ عَلَيْهِمَا إنْ دَخَلَا فِيهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (كَغَيْرِهِ إنْ دَخَلَا) أَيْ كَإِذْنِهِ فِي غَيْرِ النَّذْرِ، بَلْ فِي الْفِعْلِ خَاصَّةً إنْ دَخَلَا أَيْ فِي النَّذْرِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي الِاعْتِكَافِ فِي الثَّانِي، وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ النَّذْر فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ الْعَبْدُ وَقَعَ مِنِّي النَّذْرُ وَخَالَفَ السَّيِّدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَكَذَا الزَّوْجَةُ.

(ص) وَأَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ أَوْ عِدَّةً (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مُعْتَكِفَةً، أَوْ مُحْرِمَةً، ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَمْضِي عَلَى اعْتِكَافِهَا أَوْ إحْرَامِهَا وَلَا تُخَاطَبُ بِالْمُكْثِ بِمَنْزِلِ الْعِدَّةِ فَلَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ، ثُمَّ نَذَرَتْ الِاعْتِكَافَ فَإِنَّهَا تَمْضِي عَلَى عِدَّتِهَا فَإِذَا أَتَمَّتْهَا اعْتَكَفَتْ إنْ كَانَ مَضْمُونًا، أَوْ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَإِنْ فَاتَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا فِيهِ فَقَوْلُهُ مَا سَبَقَ أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي سَبَقَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الِاعْتِكَافِ، أَوْ الْإِحْرَامِ وَقَوْلُهُ، أَوْ عِدَّةٍ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء: ١] أَيْ: أَوْ مَا سَبَقَ مِنْ عِدَّةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ تُحْرِمَ، وَإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ وَيَبْطُلُ) إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ، ثُمَّ أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ فَإِنَّ إحْرَامَهَا بِالْحَجِّ يَنْفُذُ وَتَذْهَبُ إلَيْهِ وَيَبْطُلُ إنْ كَانَ بِالتَّحْتِيَّةِ فَضَمِيرُهُ لِلْمَبِيتِ أَيْ وَيَبْطُلُ حَقُّهَا فِي الْمَبِيتِ، وَإِنْ كَانَ بِالْفَوْقِيَّةِ فَضَمِيرُهُ يَرْجِعُ لِلْعِدَّةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ يَبْطُلُ مَبِيتُ عِدَّتِهَا وَمِنْ تَقْيِيدِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَطْءُ النَّائِمَةِ وَالْمُكْرَهَةِ إلَخْ) أَيْ: فَيُبْطِلُ اعْتِكَافَهُمَا فَفِي ك عَنْ الْحَطَّابِ وَإِنَّ الْمَوْطُوءَةَ نَائِمَةً وَالْمُكْرَهَةَ يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُمَا، وَأَمَّا تَقْبِيلُهَا وَاللَّمْسُ بِهَا مُكْرَهَةً فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعَى وُجُودُ اللَّذَّةِ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَمَا فِي ك، وَبِهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ وَطْءَ الْمُكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُمَا يُظْهِرُ سِرَّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَبِعَدَمِ وَطْءٍ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ: وَلَمْسٍ وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ فَلَا يُقَالُ يُسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ وَبِعَدَمِ وَطْءٍ (قَوْلُهُ فَقَدْ دَخَلَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُبَاحِ لَيْلًا (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي فِي غَيْرِ الْفَمِ وَإِلَّا فَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ) زَادَ فِي ك وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الشَّهْوَةَ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ هَذَا بَحْثٌ لِلزَّرْقَانِيِّ رَدَّهُ عج وَجَعَلَهُ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ النَّقْلِ.

(قَوْلُهُ الْمَانِعَةِ مِنْ الصَّوْمِ) أَيْ: كَالْعِيدِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الِاعْتِكَافِ كَالْجُنُونِ (قَوْلُهُ أَيْ: وَإِنْ كَانَتْ الْمُلَابَسَةُ لِحَائِضٍ كَانَتْ فَاعِلًا، أَوْ مَفْعُولًا) أَيْ: وَقَوْلُهُ: نَاسِيَةً لَا يُعَيَّنُ أَنَّهَا فَاعِلَةٌ لِإِمْكَانِ كَوْنِ الْمُقَبِّلِ، أَوْ اللَّامِسِ أَوْ الْمُبَاشِرِ لَهَا غَيْرُهَا وَهِيَ نَاسِيَةٌ وَبَالَغَ الْمُصَنِّفُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ نَاسِيَةً كَانَتْ مَعْذُورَةً؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا الْتَذَّتْ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ النَّذْرِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ: الْإِذْنُ فِي الْمُعَيَّنِ فَلَا مَنْعَ مُطْلَقًا: الْإِذْنُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لَهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا: الْإِذْنُ فِي الْفِعْلِ فَقَطْ لَهُ إنْ لَمْ يَدْخُلَا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ

. (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّتْ مَا سَبَقَ إلَخْ) أَيْ: فِعْلًا لَا نَذْرًا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا نَذَرَتْ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَطَلُقَتْ، أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الشَّهْرُ فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّتِهَا وَلَا تَقْضِي الِاعْتِكَافَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ فِي الْفِعْلِ لَكِنْ تَصُومُ الشَّهْرَ عِنْدَ مَجِيئِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عِدَّةً) فَإِذَا أَتَمَّتْهَا فَإِنْ كَانَ نَذْرُهَا مُطْلَقًا فَعَلَتْهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَمَضَى وَقْتُهُ لَمْ تَقْضِهِ عِنْدَ سَحْنُونَ قَالَهُ فِي النُّكَتِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ) بَالَغَ عَلَيْهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الشِّدَّةِ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِالْإِحْدَادِ (قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ) أَيْ: مَعَ الْعِصْيَانِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ الشَّارِحِ تَقَدَّمَ الْإِحْرَامُ عَلَى الْعِدَّةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ طُرُوُّ إحْرَامٍ عَلَى عِدَّةٍ وَعَكْسُهُ، وَطُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى عِدَّةٍ وَعَكْسُهُ، وَطُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى إحْرَامٍ وَعَكْسُهُ فَتُتِمُّ السَّابِقَ إلَّا فِي طُرُوِّ إحْرَامٍ عَلَى عِدَّةٍ وَإِذَا طَرَأَ إحْرَامٌ عَلَى اعْتِكَافٍ فَتُتِمُّ الِاعْتِكَافَ إلَّا أَنْ تَخْشَى فَوَاتَ الْحَجِّ فَتُقَدِّمُهُ إنْ كَانَا فَرْضَيْنِ، أَوْ نَفْلَيْنِ، أَوْ الْإِحْرَامُ فَرْضًا وَالِاعْتِكَافُ نَفْلًا، فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ فَرْضًا وَالْإِحْرَامُ نَفْلًا تَمَّمَتْ الِاعْتِكَافَ هَذَا مَا اسْتَظْهَرَ عج وَلَكِنَّ إطْلَاقَ أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي عِمْرَانَ كَمَا قَالَ مُحَشِّي تت يُنَافِيه فَإِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمَا أَنَّهَا تُتِمُّ الِاعْتِكَافَ مُطْلَقًا أَيْ: خَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ، أَوْ لَا وَلَك أَنْ تَجْعَلَ الصُّوَرَ سِتَّةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إمَّا مِنْ طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ وَطَرَأَ عَلَيْهَا اعْتِكَافٌ، أَوْ عَكْسُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَالْإِحْرَامُ إمَّا بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَطَرَأَ عَلَى عِدَّةٍ بِصُورَتَيْهَا أَوْ تَطْرَأُ هِيَ بِصُورَتَيْهَا عَلَيْهِ، أَوْ يَطْرَأُ اعْتِكَافٌ عَلَى إحْرَامٍ بِصُورَتَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ، وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُ كُلٍّ.

وَانْظُرْ لَوْ تَقَارَنَ أَمْرَانِ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ السَّابِقُ لَوْ تَرَتَّبَا كَمَا إذَا قَارَنَتْ الْعِدَّةُ، أَوْ الْإِحْرَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>