قَالَ: وَحَجَّ عَلَى مَا فَهِمَ فَيَحُجُّ فِي عَامٍ آخَرَ، أَوْ يَدْفَعُ الْمَالَ.
(ص) وَالْبَلَاغُ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ إجَارَةَ الْبَلَاغِ هِيَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُسْتَأْجِرُ - بِكَسْرِ الْجِيمِ - قَدْرًا مِنْ الْمَالِ لِلْأَجِيرِ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَإِذَا رَجَعَ رَدَّ مَا فَضَلَ مِنْ النَّفَقَةِ وَيَرُدُّ الثِّيَابَ أَيْضًا الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (بَدْءًا وَعَوْدًا) وَهُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَتَكُونُ تِلْكَ النَّفَقَةُ بِالْعُرْفِ فَلَا يُوَسِّعُ كَثِيرًا وَلَا يُقَتِّرُ قَلِيلًا، بَلْ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (بِالْعُرْفِ) ، وَهُوَ ضِدُّ النُّكْرِ يُقَالُ قَدْ أَوْلَاهُ عُرْفًا أَيْ: مَعْرُوفًا وَالْعُرْفُ أَيْضًا الِاسْمُ مِنْ الِاعْتِرَافِ وَالْعُرْفُ عُرْفُ النَّاسِ (ص) وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا (ش) مَعْطُوفَانِ عَلَى مُقَدَّرٍ مَعْمُولٍ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَا أَخَذَهُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا أَيْ: سَبَبَهُمَا، وَتَقْدِيرُ الشَّرْطِ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ إجَارَةِ الْبَلَاغِ، بَلْ هُوَ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا بِالْعُرْفِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ مُتَعَلِّقٍ بِقَوْلِهِ: يُنْفِقُهُ أَيْ: إعْطَاءَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ تت؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مُسَمَّى الْبَلَاغِ مَا يَصْرِفُهُ فِي الْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا أَيْ: لَمْ يَفْعَلْهُمَا اخْتِيَارًا بِأَنْ فَعَلَهُمَا نَاسِيًا، أَوْ مُضْطَرًّا أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ مُوجِبَهُمَا بِأَنَّهُ فَعَلَهُمَا مُخْتَارًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ.
(ص) وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالسَّرَفِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ إجَارَةَ الْبَلَاغِ هِيَ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ الْأَجِيرُ فِي ذَهَابِهِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَفِي إيَابِهِ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ فَلَوْ أَنْفَقَ الْأَجِيرُ غَيْرَ الْعُرْفِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا زَادَ عَلَى الْعُرْفِ وَالْمُرَادُ بِالسَّرَفِ مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ لَا مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُوصِي (ص) وَاسْتَمَرَّ إنْ فَرَغَ (ش) الضَّمِيرُ فِي اسْتَمَرَّ يَرْجِعُ لِأَجِيرِ الْبَلَاغِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ أَجِيرَ الْبَلَاغِ إذَا فَرَغَتْ نَفَقَتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لَا عَلَى الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِهِ إجَارَةَ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ.
(ص) أَوْ أَحْرَمَ وَمَرِضَ (ش) أَيْ: أَوْ أَحْرَمَ أَجِيرُ الْبَلَاغِ وَمَرِضَ، أَوْ صُدَّ أَوْ فَاتَهُ لِخَطَأٍ عَدَدٌ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَإِلَّا فَتَنْفَسِخُ فِيهِ الْإِجَارَةُ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَتَسْقُطُ أُجْرَتُهُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَرِضَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ يَرْجِعُ وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي إقَامَتِهِ مَرِيضًا وَرُجُوعِهِ لَا فِي ذَهَابِهِ إلَى مَكَّةَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ.
(ص) ، وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ (ش) أَيْ: وَإِنْ ضَاعَتْ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمَشْيِ حَيْثُ فُهِمَ مِنْ الْمَيِّتِ خِلَافُ الْمَشْيِ، وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا لَمْ يُفْهَمْ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ مُخَالِفًا لِمُرَادِهِ، أَوْ مُوَافِقًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يُجِزْ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ
. (قَوْلُهُ: إعْطَاءً) أَيْ: ذَاتَ إعْطَاءٍ إلَخْ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعْطَاءِ بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ النَّفَقَةِ، أَوْ بَعْضَهَا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بَلَاغًا جَائِزًا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ فِيهِ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ وَسَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا فَلَا تَصِحُّ تِلْكَ الْإِجَارَةُ.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُرَاعَى فِيمَا يُنْفِقُهُ الْعُرْفُ ابْتِدَاءً وَقَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُهُ بِالْعُرْفِ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا أَوَّلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ النَّفَقَةَ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَتَكُونُ تِلْكَ النَّفَقَةُ إلَخْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُرْفِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِمَّا يُصْلِحُهُ كَمَا فِي الشَّارِحِ، وَفِي الْحَطَّابِ أَنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: عُرْفًا أَيْ: مَعْرُوفًا) أَيْ: إحْسَانًا وَقَوْلُهُ: وَالْعُرْفُ أَيْضًا الِاسْمُ أَيْ: وَحَيْثُ كَانَ مَأْخُوذًا مِنْ الِاعْتِرَافِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا اُعْتُرِفَ بِهِ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ وَالْعُرْفُ عُرْفُ النَّاسِ (قَوْلُهُ: مَعْمُولٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ) أَيْ: لِمُتَعَلِّقِ جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ إجَارَةِ الْبَلَاغِ) هَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: بَعْدُ وَلَا يَصْلُحُ جَعْلُهُ عَطْفًا عَلَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إلَخْ) وَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الرُّجُوعَ بِمَا يَصْرِفُهُ فِي الْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ إنَّمَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَرْجِعُ بِهِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ مُوجِبَهُمَا وَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ، وَالْمُرَادُ بِتَعَمُّدِ مُوجِبِهِمَا فِعْلُهُ اخْتِيَارًا فَفَعَلَهُ عَمْدًا لِعُذْرٍ كَالْإِكْرَاهِ كَفِعْلِهِ نَاسِيًا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِهِ حَتَّى يَثْبُتَ عَلَيْهِ التَّعَمُّدُ قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) نَقُولُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّارِعُ نَظَرَ لِمَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا غَالِبًا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ أَقَلَّ مِمَّا يَكْفِيهِ
(قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ أُجْرَتُهُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ) أَمَّا مَنْ صُدَّ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّحَلُّلُ حَيْثُ كَانَ وَأَمَّا الْمَرِيضُ، وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُمَا التَّحَلُّلُ حَتَّى يَذْهَبَا إلَى مَكَّةَ لِفِعْلِ عَمْرَةٍ فَإِنَّ الْعَامَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ وَإِنَّمَا تَمَادِيًا لِحَقِّ اللَّهِ فِيمَا يَتَحَلَّلَانِ بِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ فَكَأَنَّ ذَلِكَ مُصِيبَةٌ وَقَعَتْ بِهِمَا قَالَ مَعْنَاهُ اللَّخْمِيُّ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَبْسَهُ لِحَقٍّ كَالْمَرِيضِ وَحَيْثُ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّمَا هِيَ قَدْرُ مَا كَانَ يَصْرِفُهُ وَالزَّائِدُ لِدَوَاءٍ فِي مَالِ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ فِيمَنْ مَرِضَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَرِضَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ فَالتَّفْصِيلُ الَّذِي فِي الْمُصَنِّفِ مَعَ الشَّارِحِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا مَرِضَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي إقَامَتِهِ مَرِيضًا) أَيْ: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ مَرِيضًا وَيُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ، بَلْ فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ
. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ) أَيْ: إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَهُ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ: رَجَعَ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فَيَسْتَمِرُّ إلَى