أَنْ لَا يَكُونَ صَحِيحًا، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَا تَصِحُّ اسْتِنَابَةُ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ.
(ص) وَالْإِكْرَاهُ (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ، أَوْ كَانَ فِي حَجِّ نَفْلٍ، أَوْ فِي عُمْرَةٍ كُرِهَ، وَلَوْ صَحِيحًا فِيهِمَا، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ، قَوْلُهُ (كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ: يُكْرَهُ لِلْمُسْتَطِيعِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ هُوَ أَيْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (وَإِجَارَةُ نَفْسِهِ) أَيْ: وَكُرِهَ إجَارَةُ نَفْسِهِ فِي عَمَلِ اللَّهِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ كَانَ مُسْتَطِيعًا أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِ مَالِكٍ: لَأَنْ يُؤَاجِرَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ اللَّبِنِ وَالْحَطَبِ وَسَوْقِ الْإِبِلِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لِلَّهِ بِأُجْرَةٍ وَهَذِهِ دَارُ الْهِجْرَةِ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مُنْذُ زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا أَذِنَ فِيهِ، وَالشَّاذُّ جَوَازُهُ.
وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الطَّاعَةِ وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ تَلْزَمُهُ إنْ وَقَعَتْ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَأَفْهَمَ جَوَازُهُ لِلْعَاجِزِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي وَإِلَّا حَرُمَ (ص) وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ضَرُورَةً، أَوْ غَيْرَهُ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلْحَجِّ الْمَكْرُوهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَنْفُذُ بِالْمَمْنُوعِ (ص) وَحُجَّ عَنْهُ حِجَجٌ إنَّ وَسَّعَ وَقَالَ: يَحُجُّ بِهِ لَا مِنْهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمُسْتَنِيبِ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا إذْ لَا فِعْلَ مِنْهُ، وَإِنْ أُرِيدَ فِعْلُ اللِّسَانِ وَهُوَ الْعَقْدُ فَبَعِيدٌ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ خَاصَّةٍ بِالْجَوَازِ إذْ تَكُونُ مَمْنُوعَةً كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ اهـ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ بِمَعْنَى عَنْ وَالْأَحْسَنُ حَذْفُ الْجَوَازِ، وَيَقُولُ صُدُورُ فِعْلٍ عَنْ آخَرَ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنْهُ كَمَا قُلْنَا وَتَفْسِيرُ النِّيَابَةِ بِصُدُورِ فِعْلٍ عَنْ آخَرَ حَيْثُ يَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنْهُ وَاعْتِرَاضُهُ بِقَوْلِهِ: وَأَيْضًا الْفَرْضُ لَا يَصِحُّ هَذَا لَا يَتَوَجَّهُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ تَفْسِيرُ النِّيَابَةِ فِي ذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْوَاقِعِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَسُقُوطُهُ تَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْفَتْحِ مَفْعُولًا مَعَهُ وَتَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالضَّمِّ عَطْفًا عَلَى وُقُوعِهِ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ذَاتُ وُقُوعٍ إلَخْ وَذَاتُ سُقُوطٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) ، وَلَوْ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ بِأُجْرَةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا وَبَدَأَ بِهَا مُسْتَطِيعٌ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ إلَخْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعَاجِزَ لَا فَرْضِيَّةَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا مَا إذَا كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْفَرْضِ مَا كَانَ وَاجِبًا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَإِنْ كَانَ سَاقِطًا لِلضَّعْفِ نَعَمْ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا مَا إذَا كَانَ مَرِيضًا مَرْجُوًّا صِحَّتُهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِي حَقِّهِ لَا يُكْرَهُ وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْلٍ، أَوْ عُمْرَةٍ كُرِهَ.
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ غَيْرَ الصَّحِيحِ فِي الْفَرْضِ حَرَامٌ وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ) مَفْهُومُ بَدْءِ إنْ تَطَوَّعَ مُسْتَطِيعٌ عَنْ شَخْصٍ بَعْدَ سُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْ ذَلِكَ الْمُتَطَوِّعِ لَا يُكْرَهُ حَيْثُ كَانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَمَفْهُومُ مُسْتَطِيعٍ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَطِيعِ حَيْثُ تَكَلَّفَهُ لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَوْلُهُ: بِهِ مُتَعَلِّقٌ بِبَدْءٍ عَائِدٌ عَلَى الْحَجِّ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ مَنْ عَنْهُ حَجٌّ صَرُورَةٌ، أَوْ غَيْرُهَا ثُمَّ أَنَّ مُحَشِّي تت قَالَ قَوْلُهُ كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ غَيْرِ آتٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ النِّيَابَةِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا لَا عَنْ الصَّحِيحِ وَلَا عَنْ الْمَرِيضِ وَلَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهَا إذْ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا فِيهِ، وَإِلَّا كُرِهَتْ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا هَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِهَا وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَنْفَذَ ذَلِكَ وَيَحُجُّ عَنْهُ مَنْ قَدْ حَجَّ أَحَبُّ إلَيَّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ نَفْسِهِ) فِي ك هَذَا فِيمَا عَدَا مَا نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى جَوَازِهِ كَالْأَذَانِ، أَوْ مَعَ الصَّلَاةِ وَكَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ) أَيْ: الْقَوْلُ الشَّاذُّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُ مُرَاعَاةُ الْقَوْلِ الثَّانِي وَأَوْلَى فِي اللُّزُومِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ، بَلْ الْمَكْرُوهُ يَصِحُّ الْحُكْمُ فِيهِ بِاللُّزُومِ، وَلَوْ لَمْ يُرَاعِ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ فَتَدَبَّرْ.
(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ كَوْنِ إجَارَةِ النَّفْسِ مَكْرُوهَةٌ إذَا كَانَ الْعَقْدُ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَأْجِرِ مَكْرُوهًا فَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا فَلَا تَكُونُ إجَارَةُ نَفْسِهِ مَكْرُوهَةً إذْ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُ الْعَقْدِ مِنْ جَانِبٍ مَكْرُوهًا وَمِنْ جَانِبٍ حَرَامًا (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ جَوَازُهُ لِلْعَاجِزِ) هَذَا مَفْهُومُ مُسْتَطِيعٍ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوَصِيَّةِ الْمَكْرُوهَةِ، وَقَدْ تَبِعَ الْحَطَّابَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ يَعْنِي: إذَا قُلْنَا إنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِي الْحَجِّ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنَّ الْمَيِّتَ إذَا أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُبِيحُ الْمَمْنُوعَ قَالَ: وَيَصْرِفُ الْقَدْرَ الْمُوصَى بِهِ فِي الْهَدَايَا انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَانْظُرْ الْمُقَابِلَ فَإِنَّهُ يُعَلَّلُ بِمَا تَرَى فَيُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِاسْتِنَابَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَا الْمَكْرُوهَةِ فَكَلَامُ الْحَطَّابِ وَالشَّارِحِ مُشْكِلٌ، وَلَكِنَّ الْإِشْكَالَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَدْ قَالَ وَلَا اسْتِنَابَةَ لِلْعَاجِزِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي الْوَلَدِ انْتَهَى.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَالْمُؤَلِّفُ حَمَلَ قَوْلَهُ وَلَا اسْتِنَابَةَ لِلْعَاجِزِ عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمُرَادَ الْحُرْمَةُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ إجَارَةِ النِّيَابَةِ فَأَوْصَى بِذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُبِيحُ الْمَمْنُوعَ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ يَحُجُّ بِهِ) الْوَاوُ إمَّا لِلْحَالِ، أَوْ لِلْعَطْفِ وَهَذَا إذَا أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَا أَوْصَى بِهِ يَحُجُّ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَأَمَّا إذَا أَشْبَهَ أَنْ يَحُجَّ بِهِ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْبَاقِي مِيرَاثًا، وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يَحُجَّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لِوُجُودِ مَنْ يُؤَجِّرُهُ بِأَقَلَّ