للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ شَكٌّ فِي الشَّرْطِ وَالذِّمَّةُ عَامِرَةٌ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وُقُوفًا مَعَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] إلَخْ أَيْ يَقِينًا.

(ص) أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ (ش) مُجَاوِرُهُ بِالْهَاءِ وَالتَّاءِ وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ بِهِ تَغَيُّرُ رِيحِهِ فَقَطْ بِحَسَبِ الصُّورَةِ بِرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ كَالْجِيفَةِ أَوْ طَيِّبَةٍ كَنَبْتٍ مُجَاوِرٍ لَهُ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هِيَ فِي الشَّيْءِ الْمُجَاوِرِ لِلْمَاءِ لَا فِيهِ هَذَا إنْ كَانَ الْمُجَاوِرُ مُنْفَصِلًا غَيْرَ مُلَاصِقٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرَ الْمُجَاوَرَةِ (بِدُهْنٍ لَاصَقَ) سَطْحَهُ وَلَمْ يُمَازِجْهُ وَلَاصَقَ فِعْلٌ مَاضٍ يُقَالُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ وَالزَّايِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُجَاوِرَ قِسْمَانِ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ التَّغَيُّرِ فِي الْمُلَاصِقِ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ وَأَقْوَالَهُمْ أَنَّ كُلَّ تَغَيُّرٍ بِحَالٍ مُعْتَبَرٌ، وَإِنْ لَمْ يُمَازِجْ وَبِنَقْلِ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الشَّيْخِ وَالْقَابِسِيِّ مَاءٌ اُسْتُقِيَ بِدَلْوٍ دُهِنَ بِزَيْتٍ غَيْرُ طَهُورٍ اهـ.

(ص) أَوْ بِرَائِحَةِ قَطِرَانِ وِعَاءِ مُسَافِرٍ (ش) أَيْ أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِرَائِحَةِ الْقَطِرَانِ الْبَاقِيَةِ فِي الْوِعَاءِ أَوْ بِإِلْقَاءِ جِرْمِهِ فِي وِعَاءِ مُسَافِرٍ فَظَهَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ وَلَا طَعْمُهُ فَهُوَ طَهُورٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ مُرَاعَاةً لِمُطْلَقِ الِاسْمِ عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ سَنَدٍ فَقَوْلُهُ أَوْ بِرَائِحَةِ قَطِرَانٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِدُهْنٍ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لَا عَلَى مُجَاوِرِهِ إذْ الْقَطِرَانُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُجَاوِرِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ كَانَتْ الْمُجَاوَرَةُ بِسَبَبِ رَائِحَةِ قَطِرَانٍ وَتَقْيِيدُ الْمُؤَلِّفِ بِالْمُسَافِرِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الرِّيحِ مُطْلَقًا وَيَضُرُّ تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ إنْ تَغَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ فَقَطْ مِنْ الْقَطِرَانِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ وَلَا بِالسَّفَرِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لَا فِي الْحَضَرِ وَلَا فِي السَّفَرِ إلَّا عَلَى ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَيَتَقَيَّدُ حِينَئِذٍ بِالسَّفَرِ وَبِالضَّرُورَةِ إلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالتَّقْدِيرُ ظَاهِرٌ لِأَجْلِ الْوُقُوفِ أَيْ هُنَا وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وُقُوفًا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَلَا تَبْرَأُ إلَخْ (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ الْحَقُّ أَنَّ هَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ فَقَطْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُحَقَّقُ الْحُصُولِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ مَانِعُهُ وَقَوْلُهُمْ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ مُؤَثِّرٌ مَعْنَاهُ إذَا شَكَّ هَلْ حَصَّلَهُ أَوْ لَا بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ جَازِمًا بِالطَّهَارَةِ، ثُمَّ شَكَّ فِي حَدَثٍ لَحِقَهُ أَوْ لَا فَهُوَ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَمَنْ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ فَلَا يُخَاطَبُ فَمَا لَنَا حِينَئِذٍ إلَّا مَحْضُ اتِّبَاعِ النَّصِّ فِي النَّقْضِ بِالْحَدَثِ مَعَ كَوْنِهِ شَكًّا فِي الْمَانِعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ الشَّرْطِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ وَالذِّمَّةُ عَامِرَةٌ) الذِّمَّةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالشَّخْصِ وَقَوْلُهُ عَامِرَةٌ أَيْ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِهَا وَقَوْلُهُ فَلَا تَبْرَأُ أَيْ مِنْهُ إلَّا بِيَقِينٍ أَيْ مِنْ تَحْصِيلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ) أَيْ بِدُونِ مُلَاصَقَةٍ (قَوْلُهُ تَغَيَّرَ رِيحُهُ فَقَطْ) بَلْ لَوْ فُرِضَ تَغَيُّرُ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ لَا يَضُرُّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الصُّورَةِ) أَيْ لَا بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوَرَةٍ لَا يَصِحُّ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى امْتِنَاعِ انْتِقَالِ الْأَعْرَاضِ، ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ حُصُولَ التَّغَيُّرِ فِي الْمَاءِ يَضُرُّ عَلَى فَرْضِ حُصُولِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى وُجُودِ التَّغَيُّرِ حَقِيقَةً وَلَا يَرِدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَعْرَاضَ لَا تَنْتَقِلُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَمَا أَنَّ الْعَرَضَ يَبْقَى بِبَقَاءِ أَمْثَالِهِ عَلَى مَا فِيهِ يَنْتَقِلُ مِثْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّ الْجِيفَةَ لَمَّا جَاوَرَتْ الْمَاءَ يَخْلُقُ اللَّهُ فِي الْهَوَاءِ الْمُلَاقِي لِسَطْحِ الْمَاءِ كَيْفِيَّةً مُمَاثِلَةً لِكَيْفِيَّةِ الْجِيفَةِ، ثُمَّ يَخْلُقُ اللَّهُ فِي الْمَاءِ كَيْفِيَّةً مِثْلَ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي فِي الْهَوَاءِ الْمُلَاصِقِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ فِي الْحَقِيقَةِ إلَخْ) بَلْ وَلَوْ فِي الْمَاءِ عَلَى مَا قُلْنَا (قَوْلُهُ بَلْ، وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرَ الْمُجَاوَرَةِ) أَيْ تَغَيَّرَ الرِّيحُ بِسَبَبِ الْمُجَاوَرَةِ الْمُلَاصِقَةِ، وَأَمَّا تَغَيُّرُ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مَازَجَ الْمَاءَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُمَازِجْهُ) وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِ الدُّهْنِ عَنْ وَجْهِ الْمَاءِ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ إنْ كَانَ الدُّهْنُ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ كَالنُّقْطَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلَقْطِهِ قَالَهُ ابْنُ قَدَّاحٍ قَالَ بَعْضٌ الْقَلِيلُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ لِلَقْطِهِ هُوَ مَا لَوْ مَازَجَ الْمَاءَ لَا يُغَيِّرُهُ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ضَعِيفٌ وَصَارَ حَاصِلُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُجَاوِرِ الْمُلَاصِقِ يَضُرُّ مُطْلَقًا لَوْنًا وَطَعْمًا وَرِيحًا (قَوْلُهُ وَبِنَقْلِ عَبْدِ الْحَقِّ إلَخْ) فَرَّقَ صَاحِبُ الْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلْوِ وَالدُّهْنِ الْوَاقِعِ عَلَى سَطْحِ الْمَاءِ بِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ مَازَجَهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الدُّهْنِ فِي الدَّلْوِ؛ لِأَنَّ الدُّهْنَ يَنْشَغُ مِنْ قَعْرِ الدَّلْوِ وَأَجْنَابِهِ بِخِلَافِ الدُّهْنِ الْوَاقِعِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَطْفُو عَلَى وَجْهِهِ وَيَبْقَى مَا تَحْتَهُ سَالِمًا قَالَ الْحَطَّابُ وَصَاحِبُ الْجَمْعِ هَذَا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَقَوْلُهُ يَنْشَغُ بِالنُّونِ وَالشِّينِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ يَرْفَعُ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ طَهُورٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ مُرَاعَاةً لِمُطْلَقِ الِاسْمِ عَلَى الْأَرْجَحِ) هَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي إبْقَاءِ جُرْمِهِ لَا فِي الرَّائِحَةِ فَقَطْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى لَمْ يَبْقَ مِنْ جُرْمِ الْقَطِرَانِ فِي الْوِعَاءِ شَيْءٌ قَالَ ح فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ فَلَا يَسْلُبُ الْمَاءَ الطَّهُورِيَّةَ وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الثَّانِيَةُ مَا إذَا حَصَلَ التَّغَيُّرُ بِرَائِحَةِ الْقَطِرَانِ مَعَ وُجُودِ جُرْمِهِ فِي الْوِعَاءِ قَالَ سَنَدٌ، فَإِنْ رَاعَيْنَا مُطْلَقَ الِاسْمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَهُوَ مَاءٌ مُطْلَقٌ حَتَّى يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَتَثْبُتَ لَهُ صِفَةُ الْإِضَافَةِ، وَإِنْ رَاعَيْنَا مُجَرَّدَ التَّغَيُّرِ مَنَعْنَاهُ وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَرْجَحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْمُجَاوَرَةَ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرُ الرِّيحِ بِسَبَبِ الْمُجَاوَرَةِ (قَوْلُهُ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ بَلْ الْحَاضِرُ وَالْمُسَافِرُ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ الْمُتَغَيِّرِ بِالطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ) قَالَ الْحَطَّابُ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَةَ رَائِحَةَ أَمْكَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>