طُلُوعَ الشَّمْسِ فَإِذَا وَصَلَ قَبْلَ الطُّلُوعِ أَخَّرَ حَتَّى تَطْلُعَ وَيَأْتِي أَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَمْتَدُّ وَقْتُ أَدَائِهَا إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَاللَّيْلِ قَضَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ.
(ص) وَالْمَشْيُ فِي غَيْرِهَا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي غَيْرِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فَيَشْمَلُ الْمَشْيُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ الْعَقَبَةَ وَغَيْرَهَا (ص) وَحَلَّ بِهَا غَيْرَ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ وَكُرِهَ الطِّيبُ (ش) أَيْ: وَحَلَّ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ غَيْرَ قِرْبَانِ نِسَاءٍ بِجِمَاعٍ وَمُقَدَّمَاتِهِ، وَعَقْدِ نِكَاحٍ، وَغَيْرَ صَيْدٍ فَحُرْمَتُهُمَا بَاقِيَةٌ وَسَيَأْتِي الْوَاجِبُ فِيهِمَا وَيُكْرَهُ الطِّيبُ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَوَاتُ وَقْتِهَا فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِهِ غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ، وَكُرِهَ الطِّيبُ، وَالْمُرَادُ بِوَقْتِهَا وَقْتُ أَدَائِهَا.
(ص) وَتَكْبِيرُهُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُكَبِّرَ مَعَ رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمِيَ الْحَصَاةَ بِأُصْبُعَيْهِ لَا بِقَبْضَتِهِ (ص) وَتَتَابُعُهَا وَلَقْطُهَا (ش) أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ كُلِّ حَصَاتَيْنِ فِي رَمْيِ كُلِّ جَمْرَةٍ مِنْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ، وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهُ لَقْطُ الْحَصَيَاتِ الَّتِي يَرْمِي بِهَا، وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَجَرًا وَيَكْسِرَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لَقْطُهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ،، وَأَمَّا الرَّمْيُ بِمَرْمِيٍّ بِهِ فَسَيَأْتِي وَسَبَبُ الرَّمْيِ تَعَرُّضُ إبْلِيسَ لِإِسْحَاقَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الرَّمْيِ الْآنَ، وَإِنَّ الْخَلِيلَ أَمَرَهُ بِحَصْبِهِ فِي كُلٍّ مِنْهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ.
(ص) وَذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ وَطَلَبُ بَدَنَتِهِ لَهُ لِيَحْلِقَ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ ذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَوْ قَبْلَ الشَّمْسِ سَنَدٌ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى فَلِذَلِكَ جَازَ نَحْرُ الْهَدْيِ قَبْلَ الشَّمْسِ قَالَ بَعْضٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ: " تَأْخِيرُ الْحَلْقِ إلَى بَعْدِ الزَّوَالِ بِلَا عُذْرٍ مَكْرُوهٌ " أَنَّ الذَّبْحَ بَعْدَهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَلْقِ انْتَهَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ بَدَنَتَهُ ضَلَّتْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا إلَى الزَّوَالِ أَيْ: لِقُرْبِهِ بِحَيْثُ يَبْقَى لَهُ قَدْرُ مَا يَحْلِقُ، فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَخَشِيَ الزَّوَالَ حَلَقَ لِئَلَّا يَفُوتَهُ الْفَضِيلَتَانِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الزَّوَالِ وَإِلَّا لَوَقَعَ حَلْقُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَوْ قَالَ إلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ قَدْرُ حَلْقِهِ لَطَابَقَ الْمَنْقُولَ (ص) ثُمَّ حَلَقَهُ (ش) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ الذَّبْحِ حَلَقَهُ، وَلَوْ بِنُورَةٍ إنْ عَمَّ رَأْسَهُ بِكُلِّ مُزِيلٍ، فَبَعْضُهُ كَالْعَدَمِ وَالتَّرْتِيبُ الْمُفَادُ بِثُمَّ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى تَقْدِيمِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ، وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ فِي قَوْلِهِ: وَالتَّقْصِيرُ مُجْزِئٌ، أَوْ إلَى إيقَاعِ الْحَلْقِ عَقِيبَ الذَّبْحِ، أَمَّا الْحَلْقُ نَفْسُهُ، أَوْ التَّقْصِيرُ فَوَاجِبٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَأْخِيرَ الْحَلْقِ عَنْ الرَّمْيِ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ كَمَا أَنَّ تَأْخِيرَ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الذَّبْحِ عَنْ الرَّمْيِ وَتَأْخِيرُ الْحَلْقِ عَنْ الذَّبْحِ فَمُسْتَحَبٌّ كَتَأْخِيرِ الْإِفَاضَةِ عَنْ الذَّبْحِ وَسَيَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ الْإِشَارَةُ لِهَذَا، وَلَمَّا كَانَ الْحَلْقُ بِالْحَدِيدِ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا أَشَارَ لِلْحِلَاقِ بِغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ بِنُورَةٍ) فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الْأَفْضَلِ، وَقَوْلُهُ: (إنْ عَمَّ رَأْسَهُ) قَيْدٌ فِي الْحَلْقِ أَيْ: إنْ عَمَّ الْحَلْقُ رَأْسَهُ، وَلَوْ بِنُورَةٍ لَا قَيْدَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ بِنُورَةٍ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الْحَلْقَ مُسْتَحَبٌّ، وَلَوْ لَمْ يَعُمَّ الرَّأْسَ (ص) وَالتَّقْصِيرُ مُجْزِئٌ (ش) أَيْ: وَالتَّقْصِيرُ لِمَنْ لَهُ الْحَلْقُ أَفْضَلُ مُجْزِئٌ عَنْ الْحِلَاقِ لِخَبَرِ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ» وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَلْقُ مُتَعَذِّرِ التَّقْصِيرِ.
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) أَفْهَمَ أَنَّ الْحَاجَّ رَجُلٌ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ فَيُقَالُ وَحَلَّ بِرَمْيِهَا الْعَقَبَةَ غَيْرَ رِجَالٍ وَصَيْدٍ (قَوْلُهُ وَعَقْدِ نِكَاحٍ) فَإِنْ عَقَدَ فَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا فِي الطِّرَازِ
(قَوْلُهُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) أَيْ: لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَيَفُوتُ الْمَنْدُوبُ بِمُفَارَقَةِ الْحَصَاةِ لِيَدِهِ قَبْلَ النُّطْقِ بِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهَا لِمَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: تَكْبِيرُهُ) أَشْعَرَ بِأَنَّهُ لَا يُسَبِّحُ بَدَلَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأُصْبُعَيْهِ) وَيَكُونُ الرَّمْيُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ فَبِالْيُسْرَى (قَوْلُهُ: أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ كُلِّ حَصَاتَيْنِ) أَيْ: وَيُتْبِعُ الثَّانِيَةَ بِالْأُولَى وَهَكَذَا مِنْ غَيْرِ تَرَبُّصٍ إلَّا بِمِقْدَارٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ كَوْنُهُمَا رَمْيَتَيْنِ وَتَصِلُ الْحَصَاةُ لِلْجَمْرَةِ لَا فِي الْأَرْضِ مِنْ حَوْلِهَا (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لَقْطُهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ) .
ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ لَقْطُ جَمِيعِ الْجِمَارِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُرَادُ لَقْطُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَدْ قَالَ الْأَشْيَاخُ: وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ بِمِنًى إلَّا رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَابْنَ حَبِيبٍ وَغَيْرَهُمَا اسْتَحَبُّوا أَخْذَهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِّ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَخْذُهَا مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ
(قَوْلُهُ: وَطَلَبَ بَدَنَتَهُ) أَيْ: بِأَنْ ضَلَّتْ، أَوْ يَشْتَرِي إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَالْبَدَنَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَقَالَ بِهِ عَطَاءٌ وَجَابِرٌ وَغَيْرُهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْبُدْنَ} [الحج: ٣٦] الْآيَةُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ حَيْثُ أُطْلِقَتْ الْبَدَنَةُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: لِيَحْلِقَ) أَيْ: قَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ نَحْرِهَا فَكِلَاهُمَا مُسْتَحَبٌّ قَبْلَ الزَّوَالِ مَكْرُوهٌ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَلَقَهُ) الْحَلْقُ إنَّمَا هُوَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُتَمَتِّعِ، وَأَمَّا هُوَ فَالتَّقْصِيرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ اسْتِبْقَاءً لِلشَّعَثِ فِي الْحَجِّ، وَإِطْلَاقُ الْحِلَاقِ يَتَنَاوَلُ الْأَقْرَعَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُجْرِي الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ فَيَنْتَقِلُ لِلْبَشَرَةِ عِنْدَ فَقْدِهِ كَالْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ، وَمَنْ بِرَأْسِهِ وَجَعٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحِلَاقِ أَهْدَى، قَالَ بَعْضٌ: فَإِنْ صَحَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّرْتِيبُ الْمُفَادُ بِثُمَّ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ وَلَا يَظْهَرُ إلَّا الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: أَوْ إلَى إيقَاعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنُورَةٍ) بِضَمِّ النُّونِ رَدًّا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ تَعَبُّدٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا وَرَدَ مِنْهُ