للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي تَأْخِيرِهِمَا وَأَحْرَى أَحَدُهُمَا.

(ص) وَرَمْيُ كُلِّ حَصَاةٍ أَوْ الْجَمِيعِ لِلَّيْلِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْحَلْقِ أَيْ: وَتَأْخِيرُ رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَقَبَةِ، أَوْ غَيْرِهَا فِيهِ دَمٌ، وَكَذَلِكَ تَأْخِيرُ حَصَيَاتِ جَمْرَةٍ كَامِلَةٍ، أَوْ الْجِمَارُ الْجَمِيعُ عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ لِلَّيْلِ وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ كَمَا يَأْتِي وَأَوْلَى فِي وُجُوبِ الدَّمِ لَوْ فَاتَ الْوَقْتَانِ (ص) ، وَإِنْ لِصَغِيرٍ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ وَالْمَجْنُونَ يَرْمِي عَنْهُمَا مَنْ أَحَجَّهُمَا كَمَا أَنَّهُ يَطُوفُ عَنْهُمَا، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا نَابَ عَنْهُ إنْ قَبْلَهَا كَطَوَافٍ لَا كَتَلْبِيَةٍ وَرُكُوعٍ، فَإِنْ لَمْ يَرْمِ عَنْهُ وَعَنْ الْمَجْنُونِ وَلِيُّهُمَا إلَى أَنْ دَخَلَ اللَّيْلُ فَالدَّمُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَحَجَّهُمَا، وَلَوْ رَمَى عَنْهُمَا فِي وَقْتِ الرَّمْيِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ فَرَمْيُ الْوَلِيِّ كَرَمْيِهِ بِخِلَافِ رَمْيِ النَّائِبِ عَنْ الْعَاجِزِ فَإِنَّ فِيهِ الدَّمَ وَلَوْ رَمَى عَنْهُ فِي وَقْتِ الرَّمْيِ إلَّا أَنْ يَصِحَّ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ.

وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي يُحْسِنُ الرَّمْيَ فَإِنَّهُ يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَرْمِ إلَى اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَجْنُونَ مِثْلُ الصَّغِيرِ فَلَوْ قَالَ، وَإِنْ لِكَصَغِيرٍ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَأَمَّا الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ فَكَالْمَرِيضِ (ص) ، أَوْ عَاجِزٍ وَيَسْتَنِيبُ فَيَتَحَرَّى وَقْتَ الرَّمْيِ وَيُكَبِّرُ (ش) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْعَاجِزِ، وَفِي حُكْمِهِ الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الرَّمْيِ، أَوْ الْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ يَرْمِي عَنْهُمَا غَيْرُهُمَا، فَإِنْ قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ وَيَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحْمِلُهُ، أَوْ وُجِدَ مَنْ يَحْمِلُهُ، وَلَا قَدَرَ عَلَى الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يَرْمِي عَنْهُ غَيْرُهُ نِيَابَةً وَيَتَحَرَّى الْمَرِيضُ وَقْتَ الرَّمْيِ أَيْ: وَقْتَ رَمْيِ الْغَيْرِ عَنْهُ وَيُكَبِّرُ لِكُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً وَلْيَقِفْ الرَّامِي عَنْهُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَحَسَنٌ أَنْ يَتَحَرَّى الْمَرِيضُ ذَلِكَ الْوُقُوفَ وَيَدْعُو، وَجُمْلَةُ " وَيَسْتَنِيبُ " جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَيْ: وَحُكْمُهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَلَوْ أَسْقَطَ الْوَاوَ لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ صِفَةً كَانَ أَوْلَى وَفَائِدَةُ الِاسْتِنَابَةِ وَعَدَمِهَا الْإِثْمُ، وَعَدَمُهُ أَيْ: الْإِثْمُ إنْ لَمْ يَرْمِ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ، وَعَدَمُهُ إنْ رَمَى عَنْهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَالدَّمُ عَلَيْهِ اسْتَنَابَ أَمْ لَا.

(ص) وَأَعَادَ إنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْغُرُوبِ مِنْ الرَّابِعِ (ش) أَيْ: وَإِذَا صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعِيدُ وُجُوبًا مَا كَانَ رُمِيَ عَنْهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الْمَاضِيَةِ، أَوْ فِي بَعْضِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَوَاتِ الْحَاصِلِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ، وَإِنَّمَا رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ فَلَوْ رَمَى عَنْ الْمَرِيضِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ صَحَّ فَإِنَّهُ يَرْمِيهَا، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إذَا صَحَّ وَأَعَادَهَا نَهَارًا، وَإِنْ صَحَّ لَيْلًا وَرَمَاهَا فَعَلَيْهِ الدَّمُ فَقَوْلُهُ وَأَعَادَ إنْ صَحَّ إلَخْ، لَكِنْ إنْ صَحَّ وَأَعَادَ مَا رَمَى عَنْهُ فِي وَقْتِهِ لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَعَادَ مَا رَمَى عَنْهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَنَحْوُهُ فِي الشَّرْحِ وح فَالدَّمُ مُرَتَّبٌ عَلَى النِّيَابَةِ وَعَلَى عَدَمِ حُصُولِهِ مِنْ الْمَرْمِيِّ عَنْهُ فِي الْوَقْتِ.

(ص) وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ (ش) أَشَارَ بِهَذَا وَبِمَا قَدَّمَهُ وَبِمَا يَأْتِي مِنْ كَلَامِهِ إلَى أَنَّ الْجِمَارَ لَهَا أَوْقَاتُ ثَلَاثَةٌ: وَقْتُ أَدَاءً، وَوَقْتُ فَوَاتٍ وَوَقْتُ قَضَاءٍ، وَوَقْتُ اسْتِدْرَاكِ الرَّمْيِ لِحُصُولِ التَّرْتِيبِ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَعَادَ مَا حَضَرَ إلَخْ، فَوَقْتُ الْفَوَاتِ هُوَ الَّذِي لَا يَرْمِي فِيهِ شَيْئًا مِنْ الْجِمَارِ أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْغُرُوبِ مِنْ الرَّابِعِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا غَرَبَتْ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَإِنَّ الرَّمْيَ يَفُوتُ بِكُلِّ وَجْهٍ وَوَقْتُ الْقَضَاءِ هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ، وَمَنْ رَمَى فِيهِ يَلْزَمُهُ الدَّمُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ هُنَا وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ أَيْ: وَاللَّيْلُ عَقِبَ كُلِّ يَوْمٍ قَضَاءٌ لِذَلِكَ الْيَوْمِ يَجِبُ فِيهِ الدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَعَ الرَّمْيِ إلَى غُرُوبِ الرَّابِعِ، وَوَقْتُ الْأَدَاءِ هُوَ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ دَمٌ، فَوَقْتُ أَدَاءِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْهُ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ رَمْيُهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى الزَّوَالِ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَرَمْيُ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَخَّرَ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ وَالْإِفَاضَةَ لِلْمُحَرَّمِ فَعَلَيْهِ دَمَانِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ مَعًا لِلْمُحَرَّمِ فَإِنْ عَلَيْهِ دَمًا وَاحِدًا

(قَوْلُهُ لِصَغِيرٍ) أَيْ: مِنْ صَغِيرٍ أَيْ: مِنْ وَلِيِّ صَغِيرٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ فَكَالْمَرِيضِ إلَخْ) أَيْ: الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَاجِزٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَاجِزٌ إلَخْ) أَيْ: أَوْ تَأْخِيرُ رَمْيِ عَاجِزٍ بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، وَلَوْ إغْمَاءً طَرَأَ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ دُونَ الصَّغِيرِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِسَائِرِ الْأَرْكَانِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّ الْمُخَاطَبَ بِالرَّمْيِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَلِيُّ كَذَا فَرَّقَ الْبَاجِيُّ؛ وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الَّذِي أَدْخُلَهُ فِي الْإِحْرَامِ قَالَ عج وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِمَنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَنْ وَافَقَهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ لُزُومَ الدَّمِ لِلْعَاجِزِ الَّذِي اسْتَنَابَ مُوجِبُهُ التَّأْخِيرُ لِلرَّمْيِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا مُوجِبُهُ النِّيَابَةُ بِشَرْطِهَا وَهُوَ أَنْ لَا يَصِحَّ الْمَرِيضُ وَيَرْمِي قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَإِنْ رَمَى النَّائِبُ عَنْ الْعَاجِزِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ فَدَمَانِ: وَاحِدٌ لِلنِّيَابَةِ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ، وَآخَرُ لِلرَّمْيِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ عَلَى النَّائِبِ إلَّا لِعُذْرٍ فِي تَأْخِيرِهِ فَعَلَى الْمُسْتَنِيبِ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ وَيَجُوزُ لِلْعَاجِزِ الِاسْتِنَابَةُ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ الثَّلَاثِ وَلَوْ رَجَا الصِّحَّةَ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ حَيْثُ رَجَا الصِّحَّةَ وَالْفَرْقُ كَوْنُهَا يَحْصُلُ بِهَا التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ.

(قَوْلُهُ: لَكَانَ أَوْلَى) أَقُولُ فِيهِ إنَّهُ لَا يُعْرَفُ مِنْهُ هَلْ الِاسْتِنَابَةُ مَطْلُوبَةٌ أَمْ لَا؟ مَعَ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْبَاعِثَ عَلَى الْحَذْفِ أَنَّ الْمَعْنَى وَتَأْخِيرٌ مِنْ نَائِبٍ عَاجِزٍ مَوْصُوفٌ بِالِاسْتِنَابَةِ وَحَيْثُ كَانَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْوَاوِ

(قَوْلُهُ: وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ) لِذَلِكَ الْيَوْمِ يَجِبُ بِهِ الدَّمُ لَا يُقَالُ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِ اللَّيْلِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ النَّهَارُ وَقْتَ أَدَاءً لِلرَّمْيِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنْ لَا يَقْضِيَ إلَّا فِي مِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>