للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ، وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ، أَوْ مَكِّيًّا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا طَافَ لِلْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَى مِنًى لِأَجْلِ أَنْ يَبِيتَ بِهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَمَبِيتُ لَيْلَتِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ التَّعَجُّلِ بَيْنَ أَنْ يَبِيتَ بِغَيْرِ مَكَّةَ أَوْ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَعَجِّلُ آفَاقِيًّا، أَوْ مَكِّيًّا عَلَى الْأَصَحِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٢٠٣] أَيْ: لِفَوَاتِهِ لِلرُّخْصَةِ وَمَنْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ يَبِيتُ بِمَكَّةَ أَنْ يَعُودَ لِلرَّمْيِ لِخُرُوجِهِ عَنْ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ، وَالدَّمُ إنْ لَمْ يَعُدْ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَتَعَجَّلُ أَهْلُ مَكَّةَ وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ مُجَاوَزَةُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ، فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهَا إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَرَمَى الثَّالِثُ وَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَهُ؛ ولِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، وَانْظُرْ هَلْ عَدَمُ التَّعْجِيلِ أَفْضَلُ مِنْ التَّعْجِيلِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ الْعَمَلِ أَمْ لَا، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَكَذَا كَلَامُ الرِّسَالَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْإِمَامِ، وَأَمَّا هُوَ فَيُكْرَهُ لَهُ التَّعْجِيلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ.

(ص) وَرُخِّصَ لِرَاعٍ بَعْدَ الْعَقَبَةِ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَأْتِي الثَّالِثُ فَيَرْمِي لِلْيَوْمَيْنِ (ش) وَرَدَتْ الرُّخْصَةُ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ فِي حَقِّ رُعَاةِ الْإِبِلِ أَنَّهُمْ إذَا رَمَوْا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا إلَى رَعْيِ مَوَاشِيهِمْ، ثُمَّ يَأْتُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ بِالنِّسْبَةِ لِيَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ صَبِيحَةُ ثَانِيَ عَشَرَ الْحِجَّةِ وَهُوَ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيَرْمُوا لِلْيَوْمِ الْمَاضِي وَهُوَ ثَانِي النَّحْرِ وَلِلْيَوْمِ الَّذِي حَضَرُوا فِيهِ، وَهُوَ ثَالِثُ النَّحْرِ، ثُمَّ إنْ شَاءُوا تَعَجَّلُوا، وَإِنْ شَاءُوا أَقَامُوا لِلْيَوْمِ الرَّابِعِ فَيَرْمُوهُ مَعَ النَّاسِ، وَقَوْلُهُ: لِرَاعٍ وَصَاحِبِ سِقَايَةٍ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقَبَةِ مُتَعَلِّقٌ " بِيَنْصَرِفُ "، وَهُوَ مَاشٍ فِي تَقْدِيمِ مَعْمُولِ صِلَةِ الْحَرْفِ الْمَصْدَرِيِّ عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّيْخِ سَعْدِ الدِّينِ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ إذَا كَانَ ظَرْفًا، أَوْ جَارًّا، أَوْ مَجْرُورًا؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَسَّعُونَ فِي الظُّرُوفِ مَا لَا يَتَوَسَّعُونَ فِي غَيْرِهَا (ص) وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ فِي الرَّدِّ لِلْمُزْدَلِفَةِ (ش) مُتَعَلِّقُ الرَّدِّ مَحْذُوفٌ وَاللَّامُ مِنْ لِلْمُزْدَلِفَةِ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ: وَرُخِّصَ تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ كَالْمَرْضَى وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الرَّدِّ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لِمِنًى وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنْ وَرَدَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَكَمَا يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي التَّقْدِيمِ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي التَّأْخِيرِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ بِالتَّقْدِيمِ قَصْدًا لِمَوْضُوعِ النَّصِّ، وَلَوْ قَالَ وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ، أَوْ تَأْخِيرُهُمْ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لِمِنًى لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِفَادَتِهِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتَأْدِيَةِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ، ثُمَّ إنَّ الرُّخْصَةَ فِي التَّقْدِيمِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لَا بُدَّ أَنْ تُقَيَّدَ بِأَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ النُّزُولِ بِهَا يَكُونُ وُقُوفُهُمْ بِالْمَشْعَرِ لَيْلًا، وَمَنْ أَتَى مِنًى قَبْلَ الْفَجْرِ أَخَّرَ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ إلَى الْفَجْرِ.

(ص) وَتَرْكُ التَّحْصِيبِ لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ (ش) أَيْ: وَرُخِّصَ فِي تَرْكِ النُّزُولِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: إنْ تَعَجَّلَ) كَانَ بِمِنًى، أَوْ غَيْرِهَا كَمَكَّةَ لَكِنْ إنْ كَانَ بِمِنًى فَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ التَّعْجِيلِ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا لَا يُشْتَرَطُ الْخُرُوجُ مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ فَقَطْ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي وَمَنْ تَعَجَّلَ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ فَهَلْ يُتِمُّ أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ وَالْإِتْمَامُ أَحْوَطُ، وَمَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ الْحُجَّاجِ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ النُّسُكِ كَالرُّعَاةِ إذَا رَمَوْا الْجَمْرَةَ وَتَوَجَّهُوا لِلرَّعْيِ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُمْ حُكْمَ الْحُجَّاجِ ك (قَوْلُهُ: أَوْ مَكِّيًّا) أَيْ: أَوْ كَانَ مَكِّيًّا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بَاتَ أَيْ: وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ، أَوْ كَانَ مَكِّيًّا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَمَنْ تَأَخَّرَ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ: عَدَمُ الْإِثْمِ فِي التَّأْخِيرِ لَا يُتَوَهَّمُ حَتَّى يَنْفِيَهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ رَدٌّ عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ بِالْإِثْمِ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ مَعَ تَعْجِيلِ غَيْرِهِ.

وَجَوَابٌ آخَرُ أَنَّهُ إنَّمَا نَفَاهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْعَمَلِ بِالرُّخْصَةِ الَّتِي هِيَ التَّعْجِيلُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّهُ مُبَاحٌ) أَيْ: مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ اُنْظُرْ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الْعَمَلِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَرْجِيحِ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ لِرَاعٍ) كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ:، أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ وَهَذِهِ الرُّخْصَةُ جَائِزَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وتت (قَوْلُهُ فِي حَقِّ رُعَاةِ الْإِبِلِ) أَيْ: لَا غَيْرُهُمْ وَأَهْلُ السِّقَايَةِ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى فَقَطْ لَا فِي تَرْكِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَيَبِيتُونَ بِمَكَّةَ وَيَرْمُونَ الْجِمَارَ نَهَارًا وَيَعُودُونَ لِمَكَّةَ فَإِنَّهُ فِي الطِّرَازِ فَلَيْسُوا كَالرُّعَاةِ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ يَوْمًا فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ وَكَلَامُهُ فِي مَنَاسِكِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا، سَوَاءٌ وَلَكِنَّهُ مُعْتَرَضٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ لِرَاعٍ وَصَاحِبِ سِقَايَةٍ فِيهِ نَظَرٌ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْذَفَ قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ سِقَايَةٍ.

{تَنْبِيهٌ} يَجُوزُ لِلرُّعَاةِ أَنْ يَأْتُوا لَيْلًا فَيَرْمُونَ مَا فَاتَهُمْ رَمْيُهُ نَهَارًا وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ، قَالَ الْحَطَّابُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وِفَاقٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا رُخِّصَ لَهُمْ فِي تَأْخِيرِ الْيَوْمِ الثَّانِي فَرَمْيُهُمْ لَيْلًا أَوْلَى وَرَدَ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى فِي الرُّخْصَةِ وَالِاعْتِرَاضُ صَوَابٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْزِعُونَ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ لَيْلًا وَيُفْرِغُونَهُ فِي الْحِيَاضِ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ) مِنْ أَنَّ الضَّعَفَةَ يَرِدُونَ مِنْ عَرَفَةَ لِلْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأْخِيرُهُمْ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ) أَيْ: فَلَا يَرْتَحِلُونَ بَعْدَ الصُّبْحِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا يَقِفُونَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدُ، وَلَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَدَّ التَّأْخِيرِ وَلَعَلَّهُ إلَى وَقْتٍ يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ السَّيْرُ فِيهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الرُّخْصَةَ إلَخْ) أَيْ: فَالرُّخْصَةُ لَهُمْ إنَّمَا هِيَ فِي تَرْكِ مَا زَادَ عَلَى النُّزُولِ الْوَاجِبِ وَهِيَ هُنَا مُسْتَحَبَّةٌ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُمْ تَرَكُوا مُسْتَحَبًّا وَهُوَ الْمَبِيتُ، بَلْ فَعَلُوا مُسْتَحَبًّا فِي حَقِّهِمْ، قَالَ عج: وَانْظُرْ هَلْ يَحْصُلُ لَهُمْ ثَوَابُ الْمَبِيتِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْجَمْعِ الصُّورِيِّ لِلْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ مِنْ حُصُولِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَهُ دُونَ الصَّحِيحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: مِنْ ثَوَابِ الْمَبِيتِ أَيْ: زِيَادَةً عَلَى ثَوَابِ الرُّخْصَةِ

(قَوْلُهُ: أَيْ وَرُخِّصَ فِي تَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>