للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمَا (ش) أَيْ وَمِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ امْرَأَةً أَنْ يَدْهِنَ جَسَدَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِلَّا فَلَا إثْمَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ وَالْمُرَادُ بِالْجَسَدِ مَا عَدَا بَاطِنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَيَفْتَدِي فِي دَهْنِ الْجَسَدِ أَوْ بَعْضِ كَفِّهِ أَوْ رِجْلِهِ بِمُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَكَذَلِكَ فِي دَهْنِ مَا ذُكِرَ لَا لِعِلَّةٍ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ وَإِنْ دَهَنَ مَا ذُكِرَ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَيُفَصَّلُ فِيهِ فَفِي دَهْنِ بَاطِنِ الْكَفَّيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي دَهْنِ الْجَسَدِ قَوْلَانِ فَقَوْلُهُ وَلَهَا قَوْلَانِ فِي دَهْنِ الْجَسَدِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَلَوْ قَالَ وَافْتَدَى فِي دَهْنِ الْجَسَدِ وَلَوْ بَعْضًا كَبَعْضِ بَطْنِ كَفٍّ، أَوْ رِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا كَبِغَيْرِهِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ لَا لَهَا بِبَطْنِ كَفَّيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَفِي جَسَدِهِ قَوْلَانِ لَوْ اقْتَصَرْت عَلَيْهِمَا لَوَفَّى بِالْمَقْصُودِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْكَفَّيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْجَسَدِ.

(ص) وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ (ش) هَذَا مِنْهُ إشَارَةٌ إلَى حُرْمَةِ التَّطَيُّبِ بِالطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَأَثَرُهُ كَالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْعُودِ وَالْمُرَادُ بِالتَّطَيُّبِ بِهِ اسْتِعْمَالُهُ أَيْ إلْصَاقُهُ بِالْبَدَنِ أَوْ بِبَعْضِهِ، أَوْ بِالثَّوْبِ فَلَوْ عَبِقَ عَلَى جَالِسٍ بِحَانُوتِ عَطَّارٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا فِدْيَةَ مَعَ كَرَاهَةِ تَمَادِيهِ عَلَى ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: بِكَوْرَسٍ عَنْ الطِّيبِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ، وَالْوَرْسُ نَبْتٌ كَالسِّمْسِمِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ صَبْغُهُ بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ يَبْقَى نَبْتُهُ عِشْرِينَ سَنَةً (ص) وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ، أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُطَيَّبَ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ الْمَنْعُ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُهُ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ يَفْتَدِي إذَا فَعَلَ الْكُحْلَ الْمُطَيَّبَ لِضَرُورَةٍ مِنْ غَيْرِ إثْمٍ وَلَا فِدْيَةَ فِي الْكُحْلِ الْغَيْرِ الْمُطَيَّبِ لِضَرُورَةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِغَيْرِهَا فِيهِ الْفِدْيَةُ فَقَوْلُهُ وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ تَضَمَّنَ حُكْمَيْنِ الْحُرْمَةَ وَوُجُوبَ الْفِدْيَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ مُبَالَغَةً فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ مُبَالَغَةً فِي الْحُكْمِ الثَّانِي فَهُوَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَزَّعِ وَبِهَذَا يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ كُلُّ مَا يَحْرُمُ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ (ص) وَلَوْ فِي طَعَامٍ، أَوْ لَمْ يَعْلَقْ (ش) أَيْ وَيَحْرُمُ التَّطَيُّبُ وَلَوْ وَقَعَ مَا يَتَطَيَّبُ بِهِ فِي طَعَامٍ وَأُكِلَ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ وَلَوْ قَالَ فِي كَطَعَامٍ لِيُدْخِلَ الْمَاءُ كَانَ أَحْسَنَ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَمَسَّ الطِّيبَ الْمُؤَنَّثَ بِيَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَقْ مِنْهُ شَيْءٌ فِيهَا فَقَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَقْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ مِنْ عَلِقَ بِالْكَسْرِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ لَوْ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ أَنَّ لَمْسَ الطِّيبِ يَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَقْ بِهِ وَقَوْلُهُ (إلَّا قَارُورَةً سُدَّتْ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ إنْ قُدِّرَ مَسُّ أَيْ وَيَحْرُمُ مَسُّ الطِّيبِ لَكِنْ قَارُورَةً سُدَّتْ أَيْ لَكِنْ مُصَاحِبًا قَارُورَةً سُدَّتْ وَمُتَّصِلٌ إنْ قُدِّرَ مُلَابَسَةُ أَيْ وَيَحْرُمُ مُلَابَسَةُ الطِّيبِ إلَّا قَارُورَةً سُدَّتْ؛ لِأَنَّ الْمُلَابَسَةَ أَعَمُّ مِنْ اللَّمْسِ وَغَيْرِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا حَمَلَ فِي حَالِ إحْرَامِهِ قَارُورَةً، أَوْ خَرِيطَةً، أَوْ نَحْوَهُمَا مَسْدُودَةً سَدًّا وَثِيقًا مُحْكَمًا بِحَيْثُ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهَا رَائِحَةٌ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إذْ لَا رَائِحَةَ لَهَا حِينَئِذٍ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْمُسْتَثْنَى قَوْلَهُ (وَمَطْبُوخًا) أَيْ، وَإِلَّا طِيبًا مَطْبُوخًا مَعَ طَعَامٍ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ فَلَا فِدْيَةَ إنْ لَمْ يَصْبُغْ الْفَمَ اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ صَبَغَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَقَيَّدْنَا الطَّبْخَ بِالْإِمَاتَةِ إذْ لَوْ لَمْ يُمِتْهُ فَالْفِدْيَةُ.

(ص) أَوْ بَاقِيًا مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ (ش) يَعْنِي لَوْ اسْتَعْمَلَ الطِّيبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ وَرَائِحَتُهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ، وَهَذَا فِي الْيَسِيرِ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فِي نَزْعِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح.

(ص) وَمُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ، أَوْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَلْقَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ شَيْئًا مِنْ التَّطَيُّبِ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَطْرَحَهُ بِسُرْعَةٍ فَإِنْ تَرَاخَى فِي طَرْحُهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى وَكَذَلِكَ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيمَا أَلْقَاهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ الطِّيبِ وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ.

(ص) ، أَوْ خَلُوقِ كَعْبَةٍ (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

هُنَا فِي الْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ، أَوْ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِغَيْرِ عِلَّةٍ بَلْ لِلتَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ وَقَوْلُهُ وَلَهَا أَيْ وَلِلْعِلَّةِ مِنْ شُقُوقٍ أَوْ شَكْوَى، أَوْ قُوَّةٍ عَلَى عَمَلٍ (قَوْلُهُ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا) تَحْتَهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ وَهِيَ إذَا افْتَدَى بِمُطَيِّبٍ كَانَ لِعِلَّةٍ أَوْ لَا فَعَلَ بِجَسَدٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ وَقَوْلُهُ كَبِغَيْرِهِ أَيْ كَبِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِغَيْرِ عِلَّةٍ تَحْتَ ذَلِكَ صُورَتَانِ هُمَا مَا إذَا كَانَ بِجَسَدٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ وَقَوْلُهُ: لَا لَهَا بِبَطْنِ كَفَّيْهِ هَذِهِ سَابِعَةٌ وَقَوْلُهُ وَفِي جَسَدِهِ هِيَ الثَّامِنَةُ.

(قَوْلُهُ: مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَأَثَرُهُ) أَيْ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْعُودُ) كَوْنُ الْعُودِ مِنْ الْمُؤَنَّثِ فِيهِ وَقْفَةٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (أَقُولُ) : وَجَعْلُهُ مِنْ الْمُؤَنَّثِ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ دُخَانِهِ الَّذِي يَصْعَدُ مِنْهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي النَّارِ (قَوْلُهُ مَعَ كَرَاهَةِ تَمَادِيهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَشُمُّهُ بِاخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ الْحُرْمَةُ مِنْ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ حُرْمَةُ مَا سَبَقَ أَيْ وَافْتَدَى إنْ فَعَلَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَمْنُوعِ إذْ لَا مَنْعَ مَعَ الضَّرُورَةِ، وَأَمَّا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَيَحْرُمُ مَعَ الْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ مَا فِيهِ الْفِدْيَةُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلزِّينَةِ فَقَطْ، أَوْ لَهَا وَلِدَوَاءٍ مَعًا فَيَجِبُ (قَوْلُهُ إلَّا قَارُورَةً) وَمِثْلُ الْقَارُورَةِ فِي عَدَمِ الْفِدْيَةِ حَمْلُ فَأْرَةِ الْمِسْكِ غَيْرَ مَشْقُوقَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِشِدَّةِ رِيحِهِ فِيهَا قَرِيبًا مِنْ الْمَشْقُوقَةِ (قَوْلُهُ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمَاتَتِهِ اسْتِهْلَاكُهُ فِي الطَّعَامِ وَذَهَابُ عَيْنِهِ حَتَّى لَا يَظْهَرَ مِنْهُ غَيْرُ رِيحٍ كَالْمِسْكِ أَوْ أَثَرِهِ كَزَعْفَرَانٍ بِأُرْزٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ بَاقِيًا) أَيْ وَإِلَّا طِيبًا يَسِيرًا بَاقِيًا أَثَرُهُ، أَوْ رِيحُهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>