لَا بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ عَنْ الْمُحْرِمِ وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ
(ص) وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْقِي فِدْيَتَانِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَانَ هُوَ الْمُلْقِيَ عَلَى مُحْرِمٍ مِثْلِهِ طِيبًا، أَوْ نَحْوَهُ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ فِدْيَتَانِ فِدْيَةٌ لِمَسِّ الطِّيبِ وَفِدْيَةٌ لِتَطَيُّبِ الْمُحْرِمِ هَذَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَهَذَا حَيْثُ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَرَاخَ أَمَّا لَوْ تَرَاخَى الْمُحْرِمُ الْمَفْعُولُ بِهِ فِي نَزْعِ الطِّيبِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَلَيْسَ عَلَى الْفَاعِلِ حِينَئِذٍ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَسِّهِ الطِّيبَ فَقَوْلُهُ وَعَلَى الْمُحْرِمِ إلَخْ هَذَا إذَا مَسَّ الطِّيبَ وَلَمْ تَلْزَمْ الْفِدْيَةُ الْمُحْرِمَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ وَلَزِمَتْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي وَإِنْ مَسَّ وَلَزِمَتْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ فَعَلَى الْمُلْقِي فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا إنْ لَمْ يَمَسَّ وَلَمْ تَلْزَمْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَتَرَاخَ وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْمُلْقِيَ فِي حَالَةِ عَدَمِ مَسِّهِ، وَعَدَمُ لُزُومِهَا لِلْمُلْقَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَإِلْقَاءِ الْحِلِّ عَلَى مُحْرِمٍ حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ.
(ص) وَإِنْ حَلَقَ حِلٌّ مُحْرِمًا بِإِذْنٍ فَعَلَى الْمُحْرِمِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَلَالَ إذَا حَلَقَ رَأْسَ الْمُحْرِمِ، أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، أَوْ طَيَّبَهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمُحْرِمِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنْ فَعَلَ لَهُ مَا ذُكِرَ فِي حَالِ نَوْمِهِ أَوْ مُكْرَهًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ لَا عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ.
(ص) وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ أَطْعَمَ وَهَلْ حَفْنَةٌ أَوْ فِدْيَةٌ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ إذَا حَلَقَ الْحَلَالُ رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَهَذِهِ عَكْسُهَا وَهُوَ مَا إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ شَعْرَ حِلٍّ مِنْ مَحَلٍّ يَتَيَقَّنُ نَفْيَ الْقَمْلِ عَنْهُ كَسَاقِهِ أَوْ أَزَالَ عَنْهُ أَذًى كَقَلْمِ ظُفْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَ حِلٍّ فَإِنَّهُ يُطْعِمُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَفْيُ الْقَمْلِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ يَفْتَدِي وَاخْتُلِفَ هَلْ مُرَادُهُ بِالْفِدْيَةِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ فِدْيَةٌ حَقِيقِيَّةٌ مِنْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ نُسُكٍ بِشَاةٍ فَأَعْلَى.
(تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا حَلَقَهُ بِرِضَاهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ فَإِنْ أَعْسَرَ فَهَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ تَكُونُ عَلَى الْحَالِقِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآخَرِ، وَأَمَّا إنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَعَلَى الْحَالِقِ.
(ص) وَفِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا قَلَّمَ ظُفْرًا مِنْ أَظْفَارِهِ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ إمَاطَةِ الْأَذَى وَلِغَيْرِ كَسْرٍ فَفِيهِ حَفْنَةٌ مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ حَيْثُ أَعْسَرَ الْمُلْقِي، أَوْ الْحَالِقُ الْحِلُّ، أَوْ أَيْسَرَ وَأَذِنَ لِلْمُحْرِمِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَأْذَنْ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ إنَّمَا افْتَدَى بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ إلَخْ، وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَنْ الْمُلْقِي وَالنِّيَابَةِ عَنْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ لَصَحَّ الصَّوْمُ مِنْ الْمُلْقِي دُونَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ الْعَكْسُ وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ أَنَّهَا عَلَى الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْأَصَالَةِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْمُلْقِي لِتَعَدِّيهِ فَلُزُومُهَا لَهُ فَرْعٌ فَلِذَلِكَ صَحَّ الصَّوْمُ مِنْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ دُونَ الْمُلْقِي فَالْمُلْقِي نَائِبٌ مِنْ حَيْثُ الْأَصَالَةُ وَالْمُلْقَى عَلَيْهِ نَائِبٌ لَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ بَلْ بِاعْتِبَارِ لُزُومِهَا لِلْمُلْقِي بِاعْتِبَارِ تَعَدِّيهِ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْقِي) أَيْ وَأَمَّا إلْقَاءُ مُحْرِمٍ عَلَى حِلٍّ فَعَلَى الْمُلْقِي فِدْيَةٌ إنْ مَسَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ) وَمُقَابِلُهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ طَيَّبَ نَفْسَهُ.
(قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُحْرِمِ) أَيْ وَلَوْ أَعْسَرَ وَلَا يَلْزَمُ الْحِلُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ كَأَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَأَعَادَهَا لِكَوْنِهَا مَفْهُومَ قَوْلِهِ هُنَا بِإِذْنٍ.
(قَوْلُهُ حَفْنَةٌ أَوْ فِدْيَةٌ) يَجُوزُ رَفْعُهُمَا وَنَصْبُهُمَا أَيْ وَهَلْ إطْعَامُهُ حَفْنَةً أَوْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ، أَوْ هَلْ يُطْعِمُ حَفْنَةً أَوْ يُخْرِجُ فِدْيَةً (قَوْلُهُ قَالَ مَالِكٌ إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ يَفْتَدِي) بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ افْتَدَى أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَتَلَ فِي حِلَاقِهِ لَهُ دَوَابَّ (قَوْلُهُ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ) الْحَفْنَةُ لُغَةً مِلْءُ الْكَفَّيْنِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهَا هَاهُنَا مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى الْيَدُ الْمُتَوَسِّطَةُ (قَوْلُهُ: هَلْ مُرَادُهُ بِالْفِدْيَةِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ) أَيْ فَيَكُونُ وِفَاقًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ حَقِيقَةُ الْفِدْيَةِ فَيَكُونُ خِلَافًا وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهَا فَقَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ لِلْحِلَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لِلدَّوَابِّ وَإِلَى الْأَوَّلِ ذَهَبَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَوَجْهُهُ حَمْلُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] عَلَى عُمُومِهِ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ رَأْسِ غَيْرِهِ وَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلَّلَ بِالْحِلَاقِ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلًا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا أَوْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَهُمَا كَمَا قَالَ س وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَوْلُ الْحَطَّابِ أَطْعَمَ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى ذَلِكَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ يُوهِمُ خُرُوجَهُ مِنْ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَلَّدَهُ ح فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ نَفْيَ الْقَمْلِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ كَثْرَتَهُ بِحَيْثُ تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيَهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ تَحَقَّقَ كَثْرَتَهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ حِينَئِذٍ اهـ.
وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَيْفَ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِ الْحَلَالِ قَمْلٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَقَالَ مَالِكٌ يَفْتَدِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وتت فِي كَبِيرِهِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا تَحَقَّقَ نَفْيُ الْقَمْلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ عَلَّلَ الْفِدْيَةَ بِقَتْلِ الدَّوَابِّ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْكَثِيرِ لِأَنَّ أَصْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقَمْلِ الْكَثِيرِ الْإِطْعَامُ فَكَلَامُهُ كُلُّهُ جَارٍ عَلَى تَعْلِيلِهِ وَتَبِعَ سَنَدٌ اللَّخْمِيَّ فِي تَفْصِيلِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ كَلَامُ مُحَشِّي تت.
(قَوْلُهُ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ) وَفِيهَا مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
(قَوْلُهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحَلْقُ فَلَوْ حَصَلَ قَتْلُ قَمْلٍ مِنْ الْحَالِقِ لَجَرَى عَلَى تَفْصِيلِهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْحَالِقِ) فَلَوْ أَعْسَرَ فَهَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ يُخْرِجُهَا الْمَحْلُوقُ رَأْسُهُ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْحَالِقِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْحَالِقِ فِي الْأُولَى وَعَلَى الْمَحْلُوقِ فِي الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) أَيْ بَلْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ عَبَثًا أَوْ تَرَفُّهًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ