يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ الْمُحْرِمِينَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ وَلَمْ يَكُونُوا فِي الْحَرَمِ أَوْ كَانُوا فِي الْحَرَمِ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مُحْرِمِينَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ فَقَوْلُهُ مِنْ الْمُشْتَرَكَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ بَيَانٌ لِأَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الِاشْتِرَاكُ أَوْ بِالْجَمْعِ وَأَلْ لِلْجِنْسِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَجَزَاؤُهُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِمَنْ فِعْلُهُ أَقْوَى فِي حُصُولِ الْمَوْتِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ أَوْ أَمْسَكَهُ لِيُرْسِلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ ضَرَبَاتُهُ وَعَلِمَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّ مَوْتَهُ عَنْ ضَرْبَةِ مُعَيَّنٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ اخْتَصَّ بِقَتْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةُ غَيْرِهِ هِيَ الَّتِي عَاقَتْهُ مِنْ النَّجَاةِ وَلَوْ اشْتَرَكَ حِلٌّ وَمُحْرِمٌ لَيْسَ بِالْحَرَمِ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ فَقَطْ.
(ص) وَبِإِرْسَالٍ لِسَبُعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ، أَوْ مَنْ بِالْحَرَمِ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ عَلَى سَبُعٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مِمَّا مَرَّ فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ، وَلَوْ قَالَ: لِكَسَبُعٍ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ فِي ظَنِّهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ مِنْ بَقَرِ وَحْشٍ، أَوْ ظَبْيَةٍ مَثَلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ عَلَى سَبُعٍ فَقَتَلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ: وَعَادِي سَبُعٍ فَمَا سَبَقَ قَرِينَةٌ عَلَى الْمُرَادِ.
(ص) أَوْ نَصْبِ شَرَكٍ لَهُ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ لِسَبُعٍ وَالشَّرَكُ بِالتَّحْرِيكِ حِبَالَةُ الصَّائِدِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا نَصَبَ شَرَكًا لِمَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(ص) وَبِقَتْلِ غُلَامٍ أُمِرَ بِإِفْلَاتِهِ فَظَنَّ الْقَتْلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَانَ مَعَهُ صَيْدٌ فَأَمَرَ الْغُلَامَ أَنْ يُرْسِلَهُ فَظَنَّ الْغُلَامُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ الْغُلَامُ فَعَلَى سَيِّدِهِ جَزَاؤُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغُلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ وَلَا يَنْفَعُهُ خَطَأُ الْغُلَامِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْمُحْرِمَ بِقَتْلِ غُلَامٍ مُحْرِمٍ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ طَائِعًا، أَوْ مُكْرَهًا جَزَاءَانِ عَنْهُ وَعَنْ الْغُلَامِ وَوَاحِدٌ إنْ كَانَ الْمُحْرِمُ أَحَدَهُمَا (ص) وَهَلْ إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِيهِ، أَوْ لَا تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي هَلْ وُجُوبُ الْجَزَاءِ عَلَى السَّيِّدِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ تَسَبَّبَ فِي الصَّيْدِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي اصْطَادَهُ، ثُمَّ أَمَرَ الْعَبْدَ بِإِفْلَاتِهِ، أَوْ بِأَنْ يَأْذَنَ لِلْعَبْدِ فِي صَيْدِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ وَالْجَزَاءُ عَلَى الْعَبْدِ إذْ لَمْ يَفْعَلْ السَّيِّدُ إلَّا خَيْرًا إذْ نَهَاهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ الْكَاتِبِ، أَوْ الْجَزَاءُ لَازِمٌ لِلسَّيِّدِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَسَبَّبَ فِي اصْطِيَادِهِ أَمْ لَا وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ مُحْرِزٍ تَأْوِيلَانِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ أَوْ لَا نَفْيٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ أَيْ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ تَسَبُّبُ السَّيِّدِ فِيهِ وَجَوَّزَ ابْنُ غَازِيٍّ تَشْدِيدَ الْوَاوِ فِيهِ نَصْبًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ حَالَةَ الِاصْطِيَادِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ حَذَفَ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ وَالْمَذْهَبُ هُوَ التَّأْوِيلُ بِالْإِطْلَاقِ.
(ص) وَبِسَبَبٍ وَلَوْ اتَّفَقَ كَفَزَعِهِ فَمَاتَ (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْجَزَاءَ يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بِالتَّسَبُّبِ الِاتِّفَاقِيِّ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَ الصَّيْدِ بِوَجْهٍ وَإِنَّمَا اتَّفَقَ أَنَّ الصَّيْدَ رَآهُ فَفَزِعَ مِنْهُ فَعَطِبَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ نَفَرَ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ إذَا رَكَزَ رُمْحًا فَعَطِبَ فِيهِ صَيْدٌ فَقَوْلُهُ وَبِسَبَبٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَتْلٍ أَيْ وَالْجَزَاءُ بِسَبَبٍ. . . إلَخْ يَعْنِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ وَقَوْلُهُ وَبِسَبَبٍ أَيْ إنْ كَانَ مَقْصُودًا كَمَا إذَا نَصَبَ لَهُ شَرَكًا فَوَقَعَ فِيهِ بَلْ وَلَوْ اتَّفَقَ كَفَزَعِهِ فَمَاتَ (ص) وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (ش) أَيْ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفِ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي التَّسَبُّبِ الِاتِّفَاقِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يُؤْكَلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَفُسْطَاطِهِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِئْرٍ لِمَاءٍ وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ح فِي الْفَرْعِ الثَّانِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَدَلَالَةُ مُحْرِمٍ.
(ص) كَفُسْطَاطِهِ وَبِئْرِ الْمَاءِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْجَزَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةُ غَيْرِهِ هِيَ الَّتِي عَاقَتْهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ضَرْبُهُ أَوَّلًا عَاقَهُ عَنْ كَوْنِهِ يَنْجُو بِنَفْسِهِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ إنْسَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ ضَرْبَةً مَاتَ بِهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جَزَاءٌ بِمَثَابَةِ الْمُشْتَرِكَيْنِ.
(قَوْلُهُ أَيْ فِي ظَنِّهِ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرِ مَا أَشَارَ لَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ لَهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا جَزَاءَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ مَوْضِعًا يُتَخَوَّفُ فِيهِ عَلَى الصَّيْدِ وَدَاهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ غُلَامٍ) وَمِثْلُهُ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ قَالَهُ وَالِدُ عب (قَوْلُهُ أُمِرَ بِإِفْلَاتِهِ) أَيْ بِالْقَوْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَمَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَشَارَ لَهُ بِمَا ظَنَّ مِنْهُ الْقَتْلَ وَإِنْ كَانَ مَا أَشَارَ لَهُ بِهِ لَا يُظَنُّ غَيْرُهُ مِنْهُ الْقَتْلُ ك (قَوْلُهُ فَظَنَّ الْقَتْلَ) وَمَفْهُومُ ظَنَّ الْقَتْلَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي الْقَتْلِ لَكَانَ الْجَزَاءُ عَلَى الْعَبْدِ وَحْدَهُ كَمَا يُفِيدُهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ (قَوْلُهُ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِالْقَتْلِ) أَيْ أَوْ بِالِاصْطِيَادِ (قَوْلُهُ تَشْدِيدَ الْوَاوِ) أَيْ وَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي حَالَةِ الصَّيْدِ.
(قَوْلُهُ: وَبِسَبَبٍ وَلَوْ اتَّفَقَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا لَوْ فَتَحَ شَخْصٌ بَابَهُ وَكَانَ مُسْتَنِدًا عَلَيْهِ جَرَّةُ عَسَلٍ فَانْكَسَرَتْ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَارَنَ الْإِتْلَافَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ نَارًا فِي مَحَلٍّ فَأَحْرَقَتْ دَارَ جَارِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُطْلِقِ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يُقَارِنْ التَّلَفَ.