وَالتَّقْلِيدِ هُنَا مُتَقَارِبٌ.
ثُمَّ فَرَّعَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ (ص) فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَلَوْ سَلِمَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ مَعِيبًا، أَوْ صَغِيرًا فَلَا يُجْزِئُهُ وَلَوْ سَلِمَ بِأَنْ زَالَ عَيْبُهُ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَلَّدَهُ سَلِيمًا، ثُمَّ تَعَيَّبَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ: (إنْ تَطَوَّعَ بِهِ) لَيْسَ شَرْطًا فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنَفٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: (وَأَرْشُهُ) مُؤَخَّرَةٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَإِنَّمَا مَحَلُّهَا قَبْلَ أَنْ تَطَوَّعَ وَيُؤْتَى قَبْلَ أَرْشِهِ بِفَاءٍ وَيَصِيرُ الْكَلَامُ هَكَذَا فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَلَوْ سَلِمَ وَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَأَرْشُهُ.
(ص) وَثَمَنُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَفِي الْفَرْضِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرٍ (ش) وَبِهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ قَلَّدَ هَدْيًا سَالِمًا، ثُمَّ تَعَيَّبَ أَجْزَأَهُ وَبِالْعَكْسِ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا وَأَقَرَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَرْشَ عَيْبِ الْهَدْيِ وَثَمَنَهُ إنْ اُسْتُحِقَّ يُجْعَلُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ ثَمَنَ هَدْيٍ، وَهَذَا الْقَدْرُ يَشْتَرِكُ فِيهِ هَدْيُ التَّطَوُّعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَالْهَدْيُ الْوَاجِبُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ هَدْيٍ فَإِنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَهُوَ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَأَمَّا فِي الْفَرْضِ فَيَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا هُوَ فَرْضٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَمَا هُوَ نَذْرٌ مَضْمُونٌ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرْنَا فِي حُكْمِ أَرْشِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَمَا فِي حُكْمِهِ يَجْرِي فِي أَرْشِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَفِي أَرْشِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا فِي حُكْمِ أَرْشِ الْفَرْضِ بِالْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّاهُ فَهُوَ فِي أَرْشِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَأَمَّا مَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَإِنَّهُ يَجِبُ جَعْلُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ كَأَرْشِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِي هَدْيِ الْفَرْضِ جَعْلُ أَرْشِ مَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي ثَمَنِ هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِهِ ح.
(ص) وَسُنَّ إشْعَارُ سُنُمِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ يُقَلَّدَ وَيُشْعَرَ فَإِنْ كَانَ لِلْإِبِلِ أَسْنِمَةٌ فَإِنَّهَا تُشْعَرُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِشْعَارِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا لَهُ سَنَامَانِ يُشْعَرُ فِي سَنَامٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ (مِنْ الْأَيْسَرِ) هُوَ مَحَلُّ الْإِشْعَارِ أَيْ أَنَّ الْإِشْعَارَ يَكُونُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لِلرَّقَبَةِ) إلَى أَنَّ الْإِشْعَارَ يُبْدَأُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الرَّقَبَةِ إلَى جِهَةِ الْمُؤَخَّرِ لَا مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى جِهَةِ الرَّقَبَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ السُّنَّةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا الْقِبْلَةَ وَيُشْعِرَ بِيَمِينِهِ وَخِطَامُ بَعِيرِهِ بِشِمَالِهِ اهـ. فَاللَّامُ فِي لِلرَّقَبَةِ بِمَعْنَى عِنْدَ أَوْ بِمَعْنَى مَنْ يَشُقُّ الْجِلْدَ وَيَقْطَعُ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُنْمُلَتَيْنِ بِحَيْثُ يَسِيلُ مِنْهُ الدَّمُ وَيُفْعَلُ الْإِشْعَارُ مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ إنْ كَانَ الْهَدْيُ مَعَهُ، أَوْ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فِيهِ بَعْدَ الْمِيقَاتِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعْذِيبٌ؛ لِأَنَّ السَّنَامَ لَا يُؤْلِمُهَا شَقُّهُ بِخِلَافِ سَائِرِ جَسَدِهَا؛ وَلِذَلِكَ لَمْ تُشْعَرْ الْغَنَمُ وَلَا الْبَقَرُ الَّتِي لَا سَنَامَ لَهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لَهَا وَيُشَقُّ السَّنَامُ طُولًا وَقِيلَ عَرْضًا وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَإِذَا قِيلَ طُولًا فَهُوَ بِالنَّظَرِ إلَى طُولِ الْبَدَنَةِ وَهُوَ مِنْ ذَنَبِهَا إلَى رَأْسِهَا وَعَرْضًا مِنْ الْأَرْضِ إلَى أَعْلَى سَنَامِهَا وَإِذَا قِيلَ
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَتَمْيِيزِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَمُفَادُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَيْسَ كَافِيًا وَإِذَا قُلِّدَ لَا يُبَاعُ فِي الدُّيُونِ اللَّاحِقَةِ وَيُبَاعُ فِي الدُّيُونِ السَّابِقَةِ مَا لَمْ يُذْبَحْ (قَوْلُهُ: مُتَقَارِبٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مُتَّحِدَانِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ. . . إلَخْ) التَّعْبِيرُ بِلَا يُجْزِئُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَمِنْهُ النَّذْرُ الْمَضْمُونُ إذْ الْمُتَطَوَّعُ بِهِ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ لَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِالْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنَفٌ) هَذَا جَوَابُ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ الْأَصْلُ وَأَرْشُهُ وَثَمَنُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ وَفِي الْفَرْضِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا الْقَدْرُ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ مَا ذَكَرَهُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ بِقَاعِدَةِ مَنْ تَصَدَّقَ بِمُعَيَّنٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَهَبَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ يَكُونُ لِلْوَاهِبِ وَأَجَابَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ مَا هُنَا نَذَرَ الثَّمَنَ أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ هَدْيًا وَلَوْ كَانَ إنَّمَا تَطَوَّعَ بِالْهَدْيِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَدَلُ قَالَ الْغِرْيَانِيُّ وَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ فِي الْفِقْهِ بَعِيدٌ فِي لَفْظِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ فَيَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرِهِ) أَيْ يَجْعَلُهُ فِي الْبَدَلِ الْوَاجِبِ إنْ بَلَغَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْبَدَلِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِهِ الْحَطَّابُ) اقْتِصَارُ الْحَطَّابِ يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ إشْعَارُ سُنُمِهَا) جُمِعَ لِتَعَدُّدِ الْهَدَايَا (قَوْلُهُ مِنْ الْأَيْسَرِ) أَيْ فِي الْأَيْسَرِ هَذَا مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لِلرَّقَبَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِتَنْظِيرِ عب حَيْثُ قَالَ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ الْبَدْءِ مِنْ نَاحِيَةِ الرَّقَبَةِ وَمَا حُكْمُ كَوْنِ الْإِشْعَارِ فِي الْأَيْسَرِ وَفِي تت أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ السُّنَّةَ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ، أَوْ مُطْلَقُ الْإِشْعَارِ وَالْكَيْفِيَّةُ مَنْدُوبَةٌ اهـ.
وَهَذَا غَيْرُ حِكْمَةِ كَوْنِهِ فِي الْأَيْسَرِ لِيَكُونَ بِيُمْنَى الْمُشْعِرِ مُسْتَقْبِلًا وَوَجْهُهَا لِلْقِبْلَةِ أَيْضًا كَمَا وَجَّهَ بِهِ الْأَبْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَخَذَهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى زِمَامَهَا اهـ قَالَ شَيْخُنَا إلَّا أَنَّ تِلْكَ الْمُنَاسَبَةَ مُتَأَنِّيَةٌ إذَا كَانَ فِي الْأَيْمَنِ (قَوْلُهُ السُّنَّةُ) أَيْ الطَّرِيقَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عِنْدَ أَوْ بِمَعْنَى مِنْ) الْمُنَاسِبُ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهَا بِمَعْنَى مِنْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ الْمَبْدَأِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا تَأْتِي بِمَعْنَى عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] أَيْ عِنْدَ دُلُوكِهَا وَعَلَى كَوْنِهَا بِمَعْنَى مِنْ قَوْلُ الرَّاجِزِ
لَنَا الْفَضْلُ فِي الدُّنْيَا وَأَنْفُك رَاغِمٌ ... وَنَحْنُ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَفْضَلُ
(قَوْلُهُ وَالْأُنْمُلَتَيْنِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْيِيرُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ الْإِشْعَارَ مِنْ حِينِ. . . إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ وَعَرْضًا. . . إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا عَرْضُهُ فَمِنْ الْأَرْضِ إلَى أَعْلَى سَنَامِهَا لَكِنَّ حَاصِلَ مَا فِي حُدُودِ