للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ لَا تُفِيدُهُ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمَانِعُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِحُصُولِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ وَقَصْرُ الشَّارِحِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْمَرَضِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقَوْلُهُ بِحُصُولِهِ مُتَعَلِّقٌ بِتَحَلُّلٍ

(ص) وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ مَالٍ لِحَاصِرٍ إنْ كَفَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاصِرَ عَنْ الْحَجِّ إذَا كَانَ كَافِرًا لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْمَالِ إلَيْهِ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا لِأَجْلِ أَنْ يُمَكِّنَ الْحَاجَّ مِنْ الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَذَلَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَتَقْوِيَةِ مَا هُوَ فِيهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيَجُوزُ دَفْعُ الْمَالِ لِلْحَاصِرِ الْمُسْلِمِ بَلْ يَجِبُ إنْ كَانَ قَلِيلًا كَدَفْعِهِ لِلظَّالِمِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ لَا يَنْكُثُ وَالنَّهْيُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ عَنْ سَنَدٍ.

(ص) وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ لِلْحَاصِرِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا بِمَكَّةَ أَوْ بِالْحَرَمِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَمَنَعَهُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ تَرَدُّدٌ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ بِالْحَرَمِ وَلَمْ يُفْجَأْ الْحَاصِرُ بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا جَازَ بِلَا خِلَافٍ.

(ص) وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ (ش) السَّفِيهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ إلَى الْحَجِّ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي السَّفَرِ إلَى الْحَجِّ وَكَانَ نَظَرًا وَمَصْلَحَةً فِي حَقِّ السَّفِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَخَالَفَ وَأَحْرَمَ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِنْ إحْرَامِهِ وَلَيْسَ عَلَى السَّفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءُ مَا حَلَّلَهُ مِنْهُ وَلِيُّهُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فَلَا يَدْفَعُ لَهُ الْمَالَ بَلْ يَصْحَبُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْعَوْدِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَنْصِبُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ قَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ (ص) كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ التَّطَوُّعِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَلَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَحَاجِيرِ كَالسَّفِيهِ وَتَتَحَلَّلُ كَالْمُحْصَرِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مُحْرِمًا، وَإِلَّا فَلَا يُحَلِّلُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ، وَأَمَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لَهَا إنْ قُلْنَا إنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي (فَرْعٌ) لَوْ تَرَكَتْ لَهُ الْمَهْرَ عَلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدَعَهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ الْعَطِيَّةَ لَازِمَةٌ إنْ كَانَتْ عَالِمَةً أَنَّ لَهَا أَنْ تَحُجَّ وَإِنْ كَرِهَ زَوْجُهَا، وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلَةً رَجَعَتْ وَاخْتَارَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَابْنُ يُونُسَ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْوِفَاقَ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ وَلَوْ أَعْطَتْهُ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي كِتَابِ السَّلَمِ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَالَهُ الشَّارِحُ.

(ص) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَهُ التَّحَلُّلُ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ (ش) أَيْ وَإِنْ أَحْرَمَ السَّفِيهُ وَالزَّوْجَةُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ فَلِلْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ تَحْلِيلُهُمَا مِمَّا أَحْرَمَ بِهِ كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ وَعَلَى الزَّوْجَةِ الْقَضَاءُ لِمَا حَلَّلَهَا مِنْهُ إذَا أَذِنَ لَهَا، أَوْ تَأَيَّمَتْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ إذَا حَلَّلَهُمَا وَلِيُّهُمَا فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا كَمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلَ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا يُفِيدُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ قَبْلَ وُجُودِهِ بِالْفِعْلِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ جَوَازِ الدَّفْعِ لَهُ قَائِلًا وَهَذَا الرُّجُوعُ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ قَالَ ح وَقَدْ لَا يَسْلَمُ لَهُ بَحْثُهُ هَذَا قُلْت بَلْ الظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ضَرَرَانِ يُرْتَكَبُ أَخَفُّهُمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ عِنْدَ سَنَدٍ) أَقُولُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ الْحُرْمَةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْأَمْرُ بِالرُّجُوعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ خَبَرُ: إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَنْعِ لِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْقِتَالِ بِمَا يَعُمُّ كَالْمَنْجَنِيقِ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحُ الْحَالِ بِدُونِهِ وَإِلَّا جَازَ وَجَازَ حَمْلُ السِّلَاحِ بِمَكَّةَ حِينَئِذٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَرَدُّدُ ابْنِ عَرَفَةِ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ بِهَا فَالْأَظْهَرُ نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ أَيْ الْمَنْعُ لِخَبَرِ «إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» قَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ بِغَيْرِ مَكَّة يُرِيدُ وَهُوَ بِالْحَرَمِ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِ الْحَرَمِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِ قِتَالِهِ انْتَهَى وَالسَّاعَةُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ لِلزَّوَالِ وَفِي ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ السَّاعَةَ مِقْدَارُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ

(قَوْلُهُ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ) أَيْ وَقَوَاعِدُ مَذْهَبِنَا لَا تَأْبَاهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْعِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا فِي التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً (قَوْلُهُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْوِفَاقَ) أَيْ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ وَقَوْلُهُ وَبِهِ أَيْ وَبِالْوِفَاقِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ) أَيْ فَسْخُ الصَّدَاقِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ فِي دَيْنٍ وَهُوَ النَّفَقَةُ الَّتِي يُنْفِقُهَا عَلَيْهَا فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْجَوَازِ لَكِنْ حَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى مَا إذَا أَعْطَتْهُ مَهْرَهَا لِيَخْرُجَ مَعَهَا فَكَانَ مَا دَفَعَتْ لَهُ عَلَى دَفْعِ الْحَرَجِ لِخُرُوجِهِ مَعَهَا لِئَلَّا تَمْضِيَ مُفْرَدَةً دُونَهُ لَا عَلَى أَنَّهُ يَحْمِلُهَا وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ سِوَى النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ فِي الذِّمَّةِ وَكَانَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ تَزِيدُ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ مِنْهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّتْهُ لَهُ عَلَى السَّفَرِ بِهَا فَلَا مَنْعَ أَوْ كَانَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ مُسَاوِيَةً لِنَفَقَةِ الْحَضَرِ أَوْ أَنْقَصَ (فَائِدَةٌ) إذَا أَحْرَمَتْ الزَّوْجَةُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِغَيْرِهَا بِإِذْنِهِ سَقَطَ مِنْ نَفَقَتِهَا مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>