للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَشُرْبُ الْمِيَاهِ النَّجِسَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَائِعَاتِ مَا عَدَا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ إذْ لَا تُفِيدُ بَلْ رُبَّمَا زَادَتْ الْعَطَشَ إلَّا لِغُصَّةٍ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُسِيغُهَا غَيْرُهُ وَهَذَا عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا هُوَ فَيَقُولُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَلَوْ لِغُصَّةِ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلْغُصَّةِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا إلَّا لِقَرِينَةٍ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا ثُمَّ أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ يَصِحُّ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ مَا وَنَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْهَا.

(ص) وَقَدَّمَ الْمَيِّتَ عَلَى خِنْزِيرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُضْطَرَّ يُقَدِّمُ فِي التَّنَاوُلِ لِلضَّرُورَةِ الْمَيْتَةَ الَّتِي لَمْ تَتَغَيَّرْ وَيُخْشَى مِنْ أَكْلِهَا عَلَى الْخِنْزِيرِ لِأَنَّ لَحْمَهُ حَرَامٌ لِذَاتِهِ وَالْمَيْتَةُ لِوَصْفِهَا فَهِيَ أَخَفُّ وَلِأَنَّ الْمَيْتَةَ تَحِلُّ حَيَّةً أَيْ وَلَوْ عَلَى قَوْلٍ فِي مَذْهَبِنَا أَوْ غَيْرِهِ وَالْخِنْزِيرُ لَا يَحِلُّ مُطْلَقًا.

(ص) وَصَيْدٍ لِمُحْرِمٍ (ش) أَيْ أَنَّ الْمَيِّتَةَ تُقَدَّمُ عَلَى مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ ذَبَحَهُ غَيْرُهُ أَوْ ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ صَادَهُ حَلَالٌ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ الْمُضْطَرُّ مُحْرِمًا وَأَمَّا إنْ كَانَ حَلَالًا وَصَادَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَذَبَحَهُ الْحَلَالُ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَيْتَةِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ تَقْدِيمُ صَيْدِ الْمُحْرِمِ عَلَى الْخِنْزِيرِ وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ عَلَى مَا اُتُّفِقَ عَلَى تَحْرِيمِهِ.

(ص) لَا لَحْمِهِ (ش) أَيْ لَا يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ عَلَى لَحْمِ صَيْدِ الْمُحْرِمِ وَجَدَهُ الْمُضْطَرُّ بُعْد أَنْ ذَبَحَ وَوَجَبَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ صَيْرُورَتِهَا جِيفَةً مَعَ أَنَّ الدَّعْوَى عَدَمُ الْأَكْلِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بَلْ رُبَّمَا زَادَتْ الْعَطَشَ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ هُوَ صَحِيحٌ لَكِنْ فِي الْمَآلِ وَيَحْصُلُ بِهَا فِي الْحَالِ جَرْيُ الرِّيقِ الَّذِي تَبْقَى مَعَهُ الْحَيَاةُ وَلَوْ لَحْظَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّدَاوِي أَنَّ التَّدَاوِيَ لَا يَتَيَقَّنُ الْبُرْءُ مِنْهُ وَيَتَيَقَّنُ الْبُرْءُ مِنْ الْغُصَّةِ (قَوْلُهُ إلَّا لِغُصَّةٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مَأْمُونًا) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَلَا يُصَدَّقْ (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا) أَيْ فَإِنْ قَامَتْ عَلَى صِدْقِهِ صُدِّقَ وَإِنْ قَامَتْ عَلَى كَذِبِهِ لَمْ يُصَدَّقْ فَقَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ رَاجِعٌ لِمَنْطُوقِ الْعِبَارَةِ وَمَفْهُومِهَا كَمَا قُلْنَا وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ مَأْمُونًا لَا إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى تَكْذِيبِ الْأَوَّلِ وَتَصْدِيقِ الثَّانِي وَالْحَاصِلُ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةُ صِدْقٍ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قَامَتْ عَمِلَ عَلَيْهَا تَصْدِيقًا وَكَذِبًا.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ سَاغَ لَهُ الْأَكْلُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ حَتَّى يَجِدَ غَيْرَهَا مِمَّا يَحِلُّ لَهُ وَلَوْ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى غَيْرِهِ كَطَعَامِ غَيْرٍ إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ التَّادَلِيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْحَرَامَ إذَا غَلَبَ وَتَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْحَلَالِ لَا يُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ.

(تَنْبِيهٌ آخَرُ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَمَنْ حَصَلَتْ لَهُ ضَرُورَةٌ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ يَمْنَعُ الضَّرُورَةَ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ الضَّرَرُ بِقَطْعِهِ كَالضَّرَرِ الْحَاصِلِ أَوَّلًا فَلَا يَجُوزُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْمَيِّتَ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ غَيْرَ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى خِنْزِيرٍ) أَيْ مُذَكٍّ لِتَحْصُلَ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَتْ الذَّكَاةُ لَا تَعْمَلُ فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُذَكًّا كَانَ مَيْتَةً فَلَا يُغَايِرُ الْمَيْتَةَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَقَدَّمَ الْمَيْتَةَ عَلَى مَيْتَةٍ فَفِيهِ رِكَّةٌ وَيُسْتَحَبُّ تَذْكِيَةُ الْخِنْزِيرِ لِلْمُضْطَرِّ عِنْدَ انْفِرَادِهِ ك (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْفَرَسَ وَالْحِمَارَ وَالْبَغْلَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ أَكْلِهَا فِي الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ وَصَيْدٌ لِمُحْرِمٍ) أَيْ مَصِيدٌ حَيٌّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لَحْمَهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ وَصَيْدٍ مَنْسُوبٍ لِمُحْرِمٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَاقِعٌ مِنْهُ وَلَوْ حَذَفَ اللَّامَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَالْمَعْنَى وَصَيْدِ مُحْرِمٍ وَكَذَا حَلَّ تت يُرْشِدُ لِذَلِكَ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمُضْطَرِّ مُحْرِمًا وَنَصُّ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُحْرِمِ الْمُضْطَرُّ لِأَنَّهُ قَالَ الْبَاجِيُّ مَنْ وَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ أَكَلَ الْمَيْتَةَ وَلَمْ يُذَكِّ الصَّيْدَ لِأَنَّ بِذَكَاتِهِ يَكُونُ مَيْتَةً (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَبَحَهُ غَيْرُهُ) أَيْ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ وَجَدَ الصَّيْدَ حَيًّا أَيْ ذَبَحَهُ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَهُوَ حَلَالٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَوْ ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ) أَيْ وَأَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ الْمُحْرِمُ كَانَ الْمُضْطَرُّ أَوْ غَيْرُهُ أَيْ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْمُرَ بِذَبْحِهِ أَيْ أَوْ أَنْ يُعِينَ عَلَى ذَبْحِهِ (قَوْلُهُ وَذَبَحَهُ الْحَلَالُ) أَيْ وَأَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ الْحَلَالُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ) وَهُوَ كَوْنُهُ صَادَهُ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ فِيهِ مِنْ جِهَتَيْنِ) جِهَةُ كَوْنِ الْمُضْطَرِّ مُحْرِمًا وَالصَّائِدُ مُحْرِمًا أَوْ الذَّابِحُ مُحْرِمًا (قَوْلُهُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ) لَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ) كَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ أَيْ كَالْخِنْزِيرِ وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقَدَّمَ الْمَيِّتَ عَلَى خِنْزِيرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ إلَّا الْخِنْزِيرَ مِنْ جِنْسِ الْحَيَوَانَاتِ إلَّا أَنْ يُرَادَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحَيَوَانَاتِ.

(قَوْلُهُ لَا لَحْمَهُ) أَيْ أَنَّ الْمُحْرِمَ الْمُضْطَرَّ إذَا وَجَدَ مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ أَيْ مُحْرِمٌ آخَرُ أَوْ صِيدَ لَهُ بَعْدَ مَا ذَبَحَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَيْتَةِ وَسَوَاءٌ ذَكَّاهُ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ عج (قَوْلُهُ وَجَدَهُ الْمُضْطَرُّ بَعْدَ أَنْ ذَبَحَ) كَانَ الذَّابِحُ الْمُحْرِمُ أَوْ مَاتَ بِصَيْدِ الْمُحْرِمِ أَوْ ذَبَحَهُ حَلَالٌ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ جَزَاؤُهُ عَطْفٌ لَازِمٌ عَلَى مَلْزُومٍ لِأَنَّهُ إذَا ذَبَحَ فَقَدْ وَجَبَ جَزَاؤُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَيْدٍ لِمُحْرِمٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُضْطَرَّ مُحْرِمٌ وَوَجَدَ الصَّيْدَ الَّذِي صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ حَيًّا وَعِنْدَهُ مَيْتَةٌ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهَا عَلَى ذَبْحِ الصَّيْدِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا لَحْمَهُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ الْمُضْطَرَّ إذَا وَجَدَ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ مُذَكًّى فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَيْتَةِ وَسَوَاءٌ وَجَبَ عَلَى الْآكِلِ جَزَاؤُهُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِبْ جَزَاءٌ فِي الصَّيْدِ الَّذِي أَكَلَ مِنْ لَحْمِهِ الْمُضْطَرُّ بِأَنَّ ذَبْحَهُ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ الْمُحْرِمُ بَلْ مَا أَكَلَ مِنْهُ إلَّا الْمُضْطَرُّ أَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْآكِلِ جَزَاؤُهُ بَلْ وَجَبَ فِيهِ جَزَاءٌ عَلَى غَيْرِ الْمُضْطَرِّ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ الْمُضْطَرُّ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُضْطَرِّ لِكَوْنِ الْجَزَاءِ تَقَرَّرَ عَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ ذَبَحَ مُحْرِمٌ غَيْرَهُ أَوْ حَلَالٌ لِمُحْرِمٍ آخَرَ وَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْآخَرُ فَقَدْ تَرَتَّبَ الْجَزَاءُ عَلَى غَيْرِ الْمُضْطَرِّ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُضْطَرِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>