للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ الْمَيِّتِ خَوْفَ الرِّيَاءِ وَالْمُبَاهَاةِ وَلِعَدَمِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعُدَّهَا الْمَيِّتُ وَإِلَّا فَلِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا (ص) كَعَتِيرَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ فِعْلَ الْعَتِيرَةِ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ فَتَحْتِيَّةٍ مَكْرُوهٌ لِمَا فِي فِعْلِهَا مِنْ التَّشْبِيهِ بِفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ الْعَتِيرَةُ شَاةٌ تُذْبَحُ لِلْأَصْنَامِ فِي رَجَبٍ يَتَبَرَّرُونَ بِهَا وَقَدْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَلَكِنْ لَيْسَ عَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهَا يُرِيدُ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ قَوْلِهِ «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» وَالْفَرَعُ مَا كَانُوا يَذْبَحُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَوَّلِ وَلَدٍ تَلِدُهُ النَّاقَةُ أَوْ الشَّاةُ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ.

(ص) وَإِبْدَالُهَا بِدُونٍ لَا بِاخْتِلَاطٍ قَبْلَ الذَّبْحِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُضَحِّي أَنْ يُبَدِّلَ أُضْحِيَّتَهُ الَّتِي لَمْ يُوجِبْهَا وَيُعَيِّنْهَا بِدُونِهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِبْدَالِ الِاخْتِيَارِيِّ وَغَيْرِهِ كَاخْتِلَاطِهَا مَعَ غَيْرِهَا فَيُكْرَهُ تَرْكُ الْأَفْضَلِ لِصَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَأَخْذُ الْأَدْنَى فَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَإِبْدَالُهَا بِدُونٍ لَا بِاخْتِلَاطٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي حُكْمِ الْإِبْدَالِ بِدُونٍ قَبْلَ الذَّبْحِ سَوَاءٌ كَانَ لِاخْتِلَاطٍ أَمْ لَا وَيَجُوزُ الْإِبْدَالُ بِمِثْلِهَا وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دُونَ الْأَوَّلِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ إبْدَالَهَا بِمِثْلِهَا مَكْرُوهٌ كَالدُّونِ وَأَمَّا إبْدَالُهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا فَجَائِزٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ إبْدَالَهَا بِدُونٍ مَكْرُوهٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الْقُرْعَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ حِينَئِذٍ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَبْحُهَا ضَحِيَّةً، فَعَلَى هَذَا إذَا أَبْدَلَهَا بِدُونٍ أَوْ مِثْلٍ بِغَيْرِ حُكْمِ الْقُرْعَةِ وَذَبَحَهَا ضَحِيَّةً تَعَلَّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ وَإِنْ أَبْدَلَهَا بِدُونٍ أَوْ مِثْلٍ بِحُكْمِ الْقُرْعَةِ وَذَبَحَهَا ضَحِيَّةً تَعَلَّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِهَا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا حَيْثُ لَمْ يُوجِبْهَا فَإِنْ أَوْجَبَهَا بِالنَّذْرِ فَحُكْمُهَا فِي جَوَازِ الْبَدَلِ وَغَيْرِهِ حُكْمُ الْهَدْيِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا وَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا إنْ لَمْ يُسَمِّهَا لِلْمَسَاكِينِ فَإِنْ سَمَّاهَا لَهُمْ امْتَنَعَ الْأَكْلُ مِنْهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اخْتِلَاطِ الْكُلِّ أَوْ الْجُزْءِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ.

(ص) وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ إنْ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إذَا اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَهَا كَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُعَاوَضَةُ وَلِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَأَشْبَهَتْ شَرِكَةَ الْوَرَثَةِ فِي لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ مُوَرِّثَهُمْ

ــ

[حاشية العدوي]

إلَخْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُتَعَارَفِ.

(قَوْلُهُ وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ) مَا لَمْ يَكُنْ وَقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَهَا فِيهِ وَالْأَوْجَبُ فِعْلُهَا عَنْهُ وَمَحَلُّهَا أَيْضًا إنْ قَصَدَ بِهَا الْمَيِّتَ فَقَطْ فَإِنْ فُعِلَتْ عَنْهُ وَعَنْ الْحَيِّ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ إلَّا فِي الْأَجْرِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَشْمَلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلِلْوَارِثِ إلَخْ) أَيْ يُنْدَبُ (قَوْلُهُ فِي رَجَبٍ) أَيْ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ رَجَبٍ (قَوْلُهُ يَتَبَرَّرُونَ) أَيْ يَتَقَرَّبُونَ (قَوْلُهُ وَقَدْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ) لَكِنْ لَا عَلَى أَنَّهَا لِلْأَصْنَامِ بَلْ لِلَّهِ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَعْتُرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ» وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ أَيْ مَعْمُولًا بِهَا كَالضَّحَايَا وَقَوْلُهُ «لَا فَرَعَ» إلَخْ قِيلَ إنَّهُ نَهْيٌ فَلَا بِرَّ فِي فِعْلِهَا وَقِيلَ نَسْخٌ لِوُجُوبِهَا فَيَبْقَى نَدْبُهَا (قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّهَا نُسِخَتْ) وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِالضَّحِيَّةِ فَقَدْ قَالَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَسَخَ الْأَضْحَى كُلَّ ذَبْحٍ وَصَوْمُ رَمَضَانَ كُلَّ صَوْمٍ وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ كُلَّ غُسْلٍ وَالزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ (قَوْلُهُ لَا فَرَعَ) الْفَرَعُ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ بَعْدَهُمَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ (قَوْلُهُ مَا كَانُوا يَذْبَحُونَهُ) أَيْ لِطَوَاغِيتِهِمْ فَيَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ أَيْ أَصْنَامِهِمْ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي أَمْوَالِهِمْ بِزَعْمِهِمْ وَكَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْهَا وَيُطْعِمُونَ وَفَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ الْعَتِيرَةَ بِأَنَّهَا الطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَعُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ وَهُوَ أَوْلَى لِنَصِّ الْإِمَامِ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَيْ لِنِيَاحَةٍ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِالْكَرَاهَةِ عَنْ مَالِكٍ بِتَفْسِيرِهَا بِالشَّاةِ الَّتِي كَانَ يَذْبَحُهَا أَيْ الْمُسْلِمُونَ لِلَّهِ خِلَافًا لِلْجَاهِلِيَّةِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ لَا فَرَعَ إلَخْ الْمَنْعُ.

(قَوْلُهُ وَإِبْدَالُهَا بِدُونٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا إذْ لَيْسَ عِنْدَهُ تَحْقِيقٌ فِي حَالَةِ الِاخْتِلَاطِ أَنَّ الْأَعْلَى حَقُّهُ وَأَنَّهُ أَخَذَ دُونَ حَقِّهِ فَمَعْنَى الْإِبْدَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلِاخْتِلَاطِ الْأَخْذُ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قَوْلُهُ بِدُونٍ يَشْمَلُ مَا إذَا أَبْدَلَ الشَّاةَ بِالْبَقَرَةِ هَكَذَا يَنْبَغِي وَيُسْتَحَبُّ لِآخِذِ الدُّونِ أَنْ يُبْدِلَهُ بِالْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ لِلِاخْتِلَاطِ أَوْ لَا) أَيْ فَلَوْ عَلَّقَ بِاخْتِلَاطٍ لَكَانَ قَاصِرًا عَلَى الْإِبْدَالِ قَبْلَ الذَّبْحِ فِي خُصُوصِ الِاخْتِلَاطِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ إلَخْ) وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ يُقَالُ مَفْهُومُ " دُونٍ " فِيهِ تَفْصِيلٌ.

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَنْذُورَةِ (قَوْلُهُ بَيْنَ اخْتِلَاطِ الْكُلِّ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ اخْتِلَاطِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَوْضُوعَ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ الذَّبْحِ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَعَرْضٍ وَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ أَيْ يَأْخُذُ الْعِوَضَ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَدْفَعُ لَهُ الشَّاتَيْنِ وَتُجْزِئُهُ ضَحِيَّةٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ: إذْ كَيْفَ يَتَمَلَّكُ الْعِوَضَ مَعَ إجْزَائِهَا ضَحِيَّةً وَيُرَدُّ بِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْ مُتْلَفٍ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُعَاوَضَةُ أَيْ وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْ مُتْلَفٍ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَهَا) أَيْ بِأَنْ يَدْفَعَهَا لِصَاحِبِهِ وَيَأْخُذَ عِوَضَ شَأْنِهِ عَرْضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ أَيْ إذَا اخْتَلَطَتْ بِضَحِيَّةِ آخَرَ بَعْدَ ذَبْحِهَا جَازَ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً بِالْقُرْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَتُجْزِئُهُ ضَحِيَّةٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْكُلْ لَحْمَهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَدْ يَأْخُذُ شَاةَ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ قَدْ بَاعَ لَحْمَ أُضْحِيَّتِهِ بِلَحْمِ أُضْحِيَّةِ صَاحِبِهِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُمَا مَعًا لِصَاحِبِهِ وَيَأْخُذَ الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ فَاخْتِلَاطُ ضَحِيَّةٍ بِضَحِيَّةٍ مِنْ مَشْمُولَاتِ الْمُصَنَّفِ خِلَافًا لِظَاهِرِ عب كَمَا أَنَّ مِنْ مَشْمُولَاتِهِ مَا إذَا اخْتَلَطَتْ ضَحِيَّةٌ بِغَيْرِ ضَحِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ضَرُورِيَّةٌ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ فَفِيهِ قَوْلَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>