للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا بِالذَّبْحِ وَلَوْ عَطَفَهُ بِأَوْ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّسْمِيَةِ وَلَا بِالشِّرَاءِ لَكِنَّ كَوْنَهَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالذَّبْحِ فِيمَا يُذْبَحُ أَوْ النَّحْرِ فِيمَا يُنْحَرُ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَلَا يَصِحُّ بَقَاؤُهَا عَلَى حَالِهَا.

(ص) فَلَا تُجْزِئُ إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ (ش) يَعْنِي فَبِسَبَبِ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ أَوْ بِالذَّبْحِ لَوْ حَصَلَ فِيهَا عَيْبٌ قَبْلَ مَا ذُكِرَ لَا تُجْزِئُ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِهَا مَا شَاءَ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلُهَا وَمَرَّ عَدَمُ مُنَافَاةِ هَذَا لِقَوْلِهِ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنَّ ذَاكَ ذَبَحَهَا وَهَذَا لَمْ يَذْبَحْ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ لَوْ تَعَيَّبَتْ بَعْدَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَمْ يَضُرَّ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا تَعَيَّبَتْ بَعْدَ الذَّبْحِ وَهُوَ فَرْيُ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ وَأَمَّا إنْ تَعَيَّبَتْ بَعْدَ النَّذْرِ فَلَيْسَ الْإِجْزَاءُ بِالْمَشْهُورِ بَلْ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ.

(ص) كَحَبْسِهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ إلَّا أَنَّ هَذَا آثِمٌ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ مَنْ حَبَسَ أُضْحِيَّتَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ كُلُّهَا فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِهَا مَا شَاءَ إذْ لَا يُضَحِّي أَحَدٌ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَقَدْ أَثِمَ هَذَا بِسَبَبِ حَبْسِهَا وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُضَحِّ فَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَيَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ.

(ص) وَلِلْوَارِثِ الْقَسْمُ وَلَوْ ذُبِحَتْ (ش) أَيْ إذَا دَعَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ إلَى قَسْمِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَلَوْ ذُبِحَتْ وَتُقْسَمُ عَلَى الْمَوَارِيثِ كَمَا هُوَ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالزَّوْجَةُ سَوَاءٌ وَجَوَازُ الْقِسْمَةِ بِالْقُرْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ وَلِذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّهَا بَيْعٌ.

(ص) لَا بَيْعَ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سَابِقٌ عَلَى ذَبْحِهَا فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يَقْتَسِمُونَهَا وَلَا تُبَاعُ لِأَجْلِ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ اللَّحْمَ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ كَالنَّفَقَةِ الَّتِي تُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ فَلَا مَقَالَ لِلْغُرَمَاءِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالذَّبْحِ لِأَنَّهَا نُسُكٌ وَكُلُّ نُسُكٍ سُمِّيَ لِلَّهِ فَلَا يُبَاعُ لِغَرِيمٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَفُهِمَ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ أَوْجَبَهَا كَمَا فِي الْهَدْيِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالدَّيْنِ السَّابِقِ عَلَى التَّقْلِيدِ.

وَلَمَّا كَانَتْ الْعَقِيقَةُ شَبِيهَةً بِالضَّحِيَّةِ ذَيَّلَهَا بِهَا وَلَمْ يُفْرِدْهَا بِتَرْجَمَةٍ كَمَا فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ وَهِيَ فَعِيلَةٌ مِنْ الْعَقِّ وَهُوَ الْقَطْعُ لِقَطْعِ أَوْدَاجِهَا وَحَلْقِهَا بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِثْلُ قَتِيلَةٍ وَنَطِيحَةٍ وَرَهِينَةٍ مَنْقُولَةٌ عَنْ مَعْنَاهَا لُغَةً وَهُوَ شَعْرُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ عُقُوقٌ فِي حَقِّهِ أَيْ إخْلَالٌ بِحُرْمَتِهِ وَلِذَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ «أَمِيطُوا عَنْهُ أَذًى» وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الْعَقِيقَةُ الذَّبْحُ نَفْسُهُ وَالتَّحْقِيقُ خِلَافُهُ وَأَنَّهَا الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ وَعَلَيْهِ عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ هِيَ مَا تُقُرِّبَ بِذَكَاتِهِ مِنْ جِذْعِ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيِّ سَائِرِ النَّعَمِ سَلِيمَيْنِ مِنْ بَيْنِ عَيْبٍ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ فِي نَهَارِ سَابِعٍ وِلَادَةِ آدَمِيٍّ حَيٍّ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ لَوْ تَعَيَّبَتْ بَعْدَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْإِجْزَاءُ بِالْمَشْهُورِ) فِي ك وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي وَكَذَلِكَ مَنْ حَبَسَ أُضْحِيَّتَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ) وَلَوْ نَذَرَهَا كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ وَقَدْ أَثِمَ إلَخْ) أَيْ دَلَّ هَذَا التَّرْكُ عَلَى أَنَّهُ ارْتَكَبَ ذَنْبًا يَأْثَمُ فِيهِ حَتَّى فَوَّتَهُ اللَّهُ بِسَبَبِهِ هَذَا الثَّوَابَ لِأَنَّ اللَّهَ يُحَرِّمُ الْإِنْسَانَ الْقُرْبَةَ بِذَنْبٍ أَصَابَهُ لَا أَنَّ حَبْسَهَا يُوجِبُ الْإِثْمَ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ لَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا أَوْ الْمُرَادُ بِأَثِمَ أَنَّهُ فَاتَهُ ثَوَابُ السُّنَّةِ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ لَوْ أَوْجَبَهَا بِالنَّذْرِ فَضَلَّتْ حَتَّى ذَهَبَ أَيَّامُ النَّحْرِ مَاذَا يَفْعَلُ بِهَا هَلْ يَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ أَوْ تَجِبُ لِلْعَامِ الْقَابِلِ اهـ (أَقُولُ) قَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالذَّبْحِ أَنَّهُ يَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ) هَذَا ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ) خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْقَائِلِ بِمَنْعِ قَسْمِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَالْحَاصِلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَهْرَامَ أَنَّهَا إذَا ذُبِحَتْ فَإِنَّ لِوَرَثَتِهِ قِسْمَةَ لَحْمِهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ تَمْيِيزُ حَقٍّ أَوْ بَيْعٍ وَأَمَّا قِسْمَةُ التَّرَاضِي فَبَيْعٌ وَحَيْثُ كَانَتْ قِسْمَةُ قُرْعَةٍ فَتُجْزِئُ عَلَى قَدْرِ أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا فَإِذَا كَانَ ابْنٌ وَأُمٌّ وَأَبٌ فَتُقْسَمُ سِتَّةَ أَقْسَامٍ وَيَضْرِبُ الْقُرْعَةَ عَلَى ذَلِكَ أَيْ فَتُقْسَمُ كَمَا لَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ أَبًا وَابْنًا وَأَمَّا سِتَّةَ أَقْسَامٍ بِوَضْعِ سِتِّ أَوْرَاقٍ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا نُسُكٌ) أَيْ نُسُكٌ مَأْذُونٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ) أَيْ قَيَّدَ جِوَارَ الْبَيْعِ قَبْلَ الذَّبْحِ فِي الْهَدْيِ بِعَدَمِ التَّقْلِيدِ.

(قَوْلُهُ شَبِيهَةً بِالضَّحِيَّةِ) تِي كَوْنُهَا شَاةً تُذْبَحُ عَلَى جِهَةِ الْمَطْلُوبِيَّةِ مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهَا مِنْ جِذْعِ الضَّأْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ ذَيَّلَهَا) أَيْ الضَّحِيَّةَ بِالْعَقِيقَةِ أَيْ جَعَلَ الْعَقِيقَةَ ذَيْلًا (قَوْلُهُ كَمَا فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ) رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ (قَوْلُهُ مِنْ الْعَقِّ) أَيْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَقِّ (قَوْلُهُ لِقَطْعِ) عِلَّةٌ لِلْأَخْذِ (قَوْلُهُ مَنْقُولَةٌ عَنْ مَعْنَاهَا لُغَةً) أَيْ فَهِيَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِي الشَّاةِ الَّتِي تُذْبَحُ فِي السَّابِعِ اعْلَمْ أَنَّ صَدْرَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ فِعْلِيَّةً فِي الْأَصْلِ وَصْفٌ نُقِلَ مِنْ الْوَصْفِيَّةِ إلَى الِاسْمِيَّةِ أَيْ كَوْنُهَا اسْمًا لِلذَّاتِ الْمَذْبُوحَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَنْقُولَةٌ عَنْ مَعْنَاهَا لُغَةً يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ شَعْرُ الْمَوْلُودِ فَهُوَ وَجْهٌ آخَرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ) تَوْجِيهٌ لِلنَّقْلِ أَيْ تُقْطَعُ عِنْدَ قَطْعِهِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ كَوْنَهَا اسْمًا لِشَعْرِ الْمَوْلُودِ مَنْقُولٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَيْ فَهِيَ فِي الْأَصْلِ وَصْفٌ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى اسْمِ شَعْرِ الْمَوْلُودِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى الذَّاتِ الْمَذْبُوحَةِ وَمُفَادُهُ أَنَّ الشَّعْرَ إنَّمَا سُمِّيَ عَقِيقَةً لِكَوْنِهِ يُقْطَعُ أَيْ يُحْلَقُ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ إلَخْ فِي الْحَقِيقَةِ وَجْهٌ آخَرُ فِي تَسْمِيَةِ الشَّعْرِ عَقِيقَةً أَيْ إنَّمَا سُمِّيَ الشَّعْرُ عَقِيقَةً لِأَنَّ بَقَاءَهُ عُقُوقٌ أَيْ فَعَقِيقَةٌ عَلَى هَذَا مَنْقُولَةٌ مِنْ الْعُقُوقِ لَا مِنْ الْعَقِّ (قَوْلُهُ «أَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» ) أَيْ الَّذِي هُوَ شَعْرُ الْمَوْلُودِ (قَوْلُهُ الْعَقِيقَةُ) أَيْ فِي الشَّرْعِ (قَوْلُهُ وِلَادَةُ آدَمِيٍّ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ وِلَادَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى عَقِيقَةً وَضَمِيرُ عَنْهُ لِلْآدَمِيِّ وَيَتَعَلَّقُ الْمَجْرُورُ بِقَوْلِهِ تَقَرَّبَ وَيَخْرُجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>