للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حِلَّ الْيَمِينِ لَا التَّبَرُّكَ وَمِنْهَا أَنْ يَنْطِقَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ سِرًّا وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ بَلْ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ فَقَطْ فَلَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) إلَّا أَنْ يَعْزِلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلًا كَالزَّوْجَةِ فِي الْحَلَالِ عَلَى الْحَرَامِ وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَنَطَقَ بِهِ يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ النُّطْقِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُحَاشَاةِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى النُّطْقِ وَالنِّيَّةُ فِيهَا كَافِيَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ إذَا عَزَلَ غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي قَصْدِهِ وَنِيَّتِهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ أَيْ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ وَكَالْمُوصِي الزَّوْجَةُ فِي قَوْلِهِ الْحَلَالِ أَوْ كُلِّ حَلَالٍ عَلَيْهِ حَرَامٌ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا فَكَلَّمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الزَّوْجَةِ وَتِلْكَ النِّيَّةُ تَكْفِيهِ وَتُفِيدُهُ فِي إخْرَاجِ الزَّوْجَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَائِهَا بِاللَّفْظِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ إخْرَاجٌ لِمَا دَخَلَ فِي الْيَمِينِ أَوَّلًا فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِبَيَانِهِمَا قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا لِقَرِينَةِ التَّخْصِيصِ فَالْقَوْلُ مِنْ قَوْلِنَا قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ حَتَّى زَيْدٍ وَالْحُكْمُ بِالْقِيَامِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا عَدَا زَيْدٍ وَالْعَامُّ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ هُوَ أَنْ يُطْلَقَ اللَّفْظُ وَيُرَادَ بِهِ بَعْضُ مَا يَتَنَاوَلُهُ فَلَمْ يُرِدْ عُمُومَهُ لَا تَنَاوُلًا وَلَا حُكْمًا بَلْ هُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَلِهَذَا كَانَ مَجَازًا قَطْعًا وَصُورَةُ الْمُحَاشَاةِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَلَالَ مِنْ قَوْلِهِ الْحَلَالِ عَلَى حَرَامٍ اسْتَعْمَلَ فِيهَا الْحَلَالَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ الزَّوْجَةُ.

وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ غَيْرَ مُنْعَقِدَةٍ وَهِيَ اللَّغْوُ وَالْغَمُوسُ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا وَمُنْعَقِدَةً وَفِيهَا الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ ذَكَرَ مَا يُشَارِكُهَا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ فَيَصِيرُ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ مُشِيرًا إلَى مَا أَوَّلُهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّذْرَ الْمُبْهَمَ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا فِيهِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حِلَّ الْيَمِينِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ النُّطْقِ بِاَللَّهِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْيَمِينِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ كَمَا يَقَعُ لِمَنْ يَقُولُ لِلْحَالِفِ قُلْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَيُوصِلَ النُّطْقَ بِهَا عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا التَّبَرُّكَ) أَيْ أَوْ التَّفْوِيضَ إلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ امْتِثَالَ أَمْرِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] إلَخْ أَيْ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي إنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَهَذَا يَأْتِي فِي غَيْرِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِنْ سِرًّا إلَخْ) مَحَلُّ نَفْعِهِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ فِي حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ شُرِطَ فِي إنْكَاحٌ أَوْ عَقْدُ بَيْعٍ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ فِي ك وَجَدَ عِنْدِي عَلَى قَوْلِهِ وَنَطَقَ بِهِ مَا نَصُّهُ وَكَفَى النُّطْقُ بِإِلَّا وَلَوْ حَذَفَ الْمُسْتَثْنَى كَقَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا إلَّا وَيَنْوِي غَدًا مَثَلًا اهـ وَأَتَى بِقَوْلِهِ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ سِرًّا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّرِّ أَعْلَاهُ فَأَتَى بِهِ أَوْ تَنْبِيهًا عَلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِهِ نَفْسَهُ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ لَا يُقْضَى فِيهَا بِالْحِنْثِ أَوْ كَانَتْ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَأَمَّا إنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَهِيَ مِمَّا يُقْضَى فِيهَا بِالْحِنْثِ فَلَا يُفِيدُ الْقَصْدَ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ الرَّافِعُ لِجُمْلَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ نَحْوَ لَأُعْطِيَنَّ زَيْدًا دِينَارًا إنْ قَدِمَ عَمْرٌو وَإِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَذَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ اللِّسَانِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْزَلَ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِيهِ الْإِخْرَاجُ بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ قَطْعًا فَلَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا لَكَانَ الْمُرَادُ بِالْمُحَاشَاةِ إخْرَاجَهُ أَوَّلًا بِأَدَاةٍ اسْتِثْنَائِيَّةٍ نُطْقًا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ مُجَرَّدُ إخْرَاجِهِ بِالنِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالزَّوْجَةِ لِلتَّمْثِيلِ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُعْزَلَ أَوْ لَا فَلَا يَتَعَيَّنُ النُّطْقُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَيَكُونُ الْكَلَامُ عَلَى حَالِهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَقَوْلُهُ كَالزَّوْجَةِ تَشْبِيهٌ.

(قَاعِدَةٌ عَرَبِيَّةٌ) أَفَادَهَا الْبَدْرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُتَّصِلَ مِنْ قَبِيلِ الْمَفْهُومِ وَالْمُنْقَطِعَ فَمَا بَعْدُ إلَّا مِنْ قَبِيلِ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ فِي الْحَلَالِ إلَخْ) مَرْفُوعٌ عَلَى الْحِكَايَةِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ وَهُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ) أَيْ أَوْ فِي حَالِ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إنْ لَمْ يَنْوِ إخْرَاجَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَإِخْرَاجُهَا اسْتِثْنَاءٌ شَرْطُهُ النُّطْقُ أَيْ فَاحْتُرِزَ عَمَّا لَوْ طَرَأَتْ لَهُ نِيَّةُ الْعَزْلِ بَعْدَ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ نُطْقًا مُتَّصِلًا وَقَصْدِ الْيَمِينِ بِهِ ثُمَّ مَا عَدَاهَا لَا تُوجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا لِمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ (قَوْلُهُ وَتِلْكَ النِّيَّةُ تَكْفِيهِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ أَوْ لَا إلَّا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ فَلَا يَنْفَعُهُ الْعَزْلُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ مَجَازٌ قَطْعًا وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بِالْقَرِينَةِ فَشَرْطُ الْقَرِينَةِ عُرْفُ أَهْلِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَلَالِ مَا عَدَا الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ كُلٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ أَجْزَائِهِ (قَوْلُهُ مَجَازًا قَطْعًا) أَيْ بِخِلَافِ الْعَامِ الْمَخْصُوصِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ مَجَازًا لِلْأَكْثَرِ أَوْ حَقِيقَةً وَمَجَازًا بِاعْتِبَارَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ وَضْعٌ وَاسْتِعْمَالٌ ثَانٍ بِخِلَافِ الْعَامِّ الْمُرَادِ بِهِ الْخُصُوصُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ الزَّوْجَةُ) فَإِنْ قِيلَ مَا الْمَانِعُ مِنْ انْدِرَاجِهَا فِيهِ وَتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِمَا عَدَاهَا كَمَا فِي الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ قُلْت عَدَمُ الْقَرِينَةِ الدَّالُّ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا وَالنِّيَّةُ أَمْرٌ خَفِيٌّ فَلَا يَكُونُ قَرِينَةً.

(قَوْلُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) أَيْ الَّتِي هِيَ النَّذْرُ الْمُبْهَمُ وَالْيَمِينُ وَالْكَفَّارَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْمُنْعَقِدَةُ إلَخْ فَهُوَ مُتَعَلَّقُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ الَّذِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا) أَيْ الَّذِي لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ الْمَنْذُورُ قَوْلًا وَلَا نِيَّةً فَإِذَا عَيَّنَ مَخْرَجَهُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا عَيَّنَهُ ثُمَّ إنَّ النَّذْرَ الْمُبْهَمَ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَاللَّغْوِ وَالْغَمُوسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>