للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَبِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ لِدَيْنِهِ أَوْ مُفَوَّضٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَابَ عَمَّا لَوْ كَانَ رَبُّ الْحَقِّ حَاضِرًا، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يُحْضِرُهُ وَيُجْبِرُهُ عَلَى قَبْضِ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ كَعَارِيَّةٍ غَابَ عَلَيْهَا فَتَلِفَتْ عِنْدَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَبِرُّ مِنْ يَمِينِهِ بِدَفْعِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَرَّ بِقَضَاءِ وَارِثِهِ كَمَا مَرَّ (ص) وَهَلْ ثَمَّ وَكِيلُ ضَيْعَةٍ أَوْ إنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يَلِي مَا مَرَّ وَكِيلُ الضَّيْعَةِ الَّذِي لَمْ يُوَكِّلْهُ عَلَى تَقَاضِي دَيْنِهِ بَلْ وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ خَرَاجِ رِزْقِهِ أَوْ ضَيْعَتِهِ فَهُوَ فِي رُتْبَةِ الْحَاكِمِ فَأَيُّهُمَا قَضَاهُ بَرَأَ وَإِنَّمَا يَلِي مَا تَقَدَّمَ وَكِيلُ الضَّيْعَةِ إنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ الْعَدْلُ أَوْ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَمَّا إنْ وُجِدَ وَأَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَلَا يَبِرُّ إلَّا بِهِ تَأْوِيلًا وَأَلْحَقَ أَبُو عِمْرَانَ الصِّدِّيقَ الْمُلَاطِفَ بِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ، وَعَلَى هَذَا فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ دَفَعَ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ هَلْ يَبِرُّ أَمْ لَا فَالْبِرُّ بِالدَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ مَعَ وُجُودِ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْخِلَافُ فِي الْبِرِّ بِالدَّفْعِ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ مَعَ وُجُودِ السُّلْطَانِ وَلَمَّا كَانَ الْبِرُّ مِنْ الْيَمِينِ حَاصِلًا بِقَضَاءِ الْأَشْخَاصِ الْأَرْبَعَةِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الدَّيْنِ حَاصِلَةٌ بِالْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ.

وَفِيهَا فِي الرَّابِعِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَبَرِئَ فِي الْحَاكِمِ إنْ لَمْ يُحَقِّقْ جَوْرَهُ وَإِلَّا بَرَّ (ش) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَغَابَ رَبُّ الدَّيْنِ وَخَشِيَ الْحَالِفُ الْحِنْثَ بِخُرُوجِ الْأَجَلِ وَغِيَابِ رَبِّ الْحَقِّ فَدَفَعَ الْحَقَّ لِلْحَاكِمِ حَيْثُ لَا وَكِيلَ أَوْ كَانَ وَغَابَ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ عَدْلًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَبِرُّ فِي يَمِينِهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ لَهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا وَإِنْ حُقِّقَ جَوْرُهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ الدَّيْنِ (ص) كَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدُهُمْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْبِرِّ مِنْ الْيَمِينِ لَا فِي الْإِبْرَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ إذَا لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ الْعَدْلَ وَلَا وَجَدَ وَكِيلًا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَأْتِي إلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يُعْلِمُهُمْ بِحَالِهِ وَبِاجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَأَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ لِسَفَرِهِ أَوْ تَغَيُّبِهِ وَيُشْهِدُهُمْ عَلَى عَدَدِ الْحَقِّ وَوَزْنِهِ وَيُبْقِيهِ تَحْتَ يَدِهِ إلَى حُضُورِ صَاحِبِ الْحَقِّ لِيَشْهَدُوا لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَبِرُّ حِينَئِذٍ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ مَضَى الْأَجَلُ وَمَطَلَ رَبُّهُ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي.

(ص) وَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ (ش) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ فَلَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ وَلَمْ يُوفِهِ حَقَّهُ كَانَ حَانِثًا وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ الْيَوْمَ عَلَى اللَّيْلَةِ تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ لِأَنَّ لَيْلَةً كُلُّ يَوْمٍ إلَّا مَا اسْتَثْنَى كَيَوْمِ عَرَفَةَ لَكِنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي تَرْتِيبًا لَا عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَبِيعِ أَنْ تُسَاوِيَ قِيمَتُهُ الدَّيْنَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ وَتَقْيِيدُ تت لَهُ بِذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ مُفَوَّضٍ) بِالْجَرِّ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ اسْمُ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى تَفْوِيضٍ كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: ٦] أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى وَكِيلٍ وَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ (قَوْلُهُ كَعَارِيَّةٍ غَابَ عَلَيْهَا) أَيْ وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ إذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ ضَيَاعَهَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ بِدَفْعِهِ) أَيْ بِدَفْعِ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ قِيمَةُ الشَّيْءِ الْمُعَارِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَمَّا لَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِقَضَاءِ وُرَّاثِهِ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَهَلْ ثَمَّ وَكِيلُ ضَيْعَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ عَلَى الْحَاكِمِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ فِي الْبِرِّ بِالدَّفْعِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ فِي رُتْبَةِ الْحَاكِمِ عِيَاضٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا وَإِنَّمَا بَرَّ بِدَفْعِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ لَا يَقْتَضِي دَيْنًا لِغَائِبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلْحَالِفِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَبِرِّهِ فِي يَمِينِهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُقَدَّمُ عَلَى وَكِيلِ الضَّيْعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَيْعَتِهِ) أَيْ بَلَدِهِ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ بَلْ وَكَّلَهُ إلَخْ تَفْسِيرٌ مِنْ الشَّارِحِ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ.

(قَوْلُهُ وَبَرِئَ فِي الْحَاكِمِ إلَخْ) أَطْلَقَ فِي الْحَاكِمِ فَيَشْمَلُ السُّلْطَانَ وَالْقَاضِي وَالْوَالِي وَانْظُرْ هَلْ لِلسُّعَاةِ هُنَا وَفِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ مَدْخَلٌ ك وَسَكَتَ عَنْ الْبَرَاءَةِ فِي غَيْرِهِ وَحُكْمُهُمَا أَنَّهَا تَحْصُلُ بِالدَّفْعِ لِوَكِيلِ الْقَاضِي الْمُفَوَّضِ دُونَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ عَدْلًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ عِنْدَ النَّاسِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَحَقُّقَ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَانْظُرْ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُحَقِّقُ جَوْرَهُ أَوْ يَنْظُرُ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ الْعَدْلَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَصْلًا أَوْ جَارٍ أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا وَجَدَ وَكِيلًا) أَيْ غَيْرَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ إذْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُمْ عَلَى وَكِيلِ الضَّيْعَةِ حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَبِرُّ بِالدَّفْعِ لَهُ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ الْحَاكِمِ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ (قَوْلُهُ يَأْتِي إلَى جَمَاعَةٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَبِرُّ بِجَعْلِهِ عِنْدَ عَدْلٍ مِنْ غَيْرِ إشْهَادِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَوَزْنِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ وَزْنًا (قَوْلُهُ وَيُبْقِيهِ تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ أَوْ يَدِ عَدْلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي) عِبَارَةُ عب أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِجَمَاعَةٍ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ عَدَالَةٌ فَالْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَبِرُّ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْ الْقَضَاءِ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ يُفِيدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْبِرِّ أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يَخَافُ الْحِنْثَ.

(قَوْلُهُ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهْرِ الَّذِي وَقَعَ الْحَلِفُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الشَّهْرَ الثَّانِي هُوَ عَيْنُ الشَّهْرِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ مَثَلًا (قَوْلُهُ كَيَوْمِ عَرَفَةَ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ فَإِنَّهُ سَابِقٌ عَلَى لَيْلَتِهِ الَّتِي هِيَ لَيْلَةُ الْوُقُوفِ وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَيُقَالُ لَيْلَةُ عَرَفَةَ لِلَيْلَةِ التَّاسِعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْيَوْمَ التَّاسِعَ لَهُ لَيْلَتَانِ لَيْلَةٌ قَبْلَهُ وَلَيْلَةٌ بَعْدَهُ وَيَوْمُ النَّحْرِ لَيْسَ لَهُ لَيْلَةٌ أَيْ بِحَسَبِ الشَّرْعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَيْلَتَهُ لَيْلَةُ الْعَاشِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>