عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ قَلَّ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْهَدْيُ وَهَذَا فِي خُرُوجِهِ لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَمَّا الْأُولَى فَقَدْ مَرَّ إنْ ظَنَّ أَوَّلًا الْقُدْرَةَ.
(ص) وَكَإِفْرِيقِيٍّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ ثَانِيًا نَحْوُ الْمِصْرِيِّ لَا مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ مِنْ مَكَّةَ بُعْدًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ثَانِيًا إذَا رَكِبَ كَثِيرًا فِي الْأُولَى وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ كَإِفْرِيقِيٍّ لِبُعْدِ دَارِهِ وَمَشَقَّةِ رُجُوعِهِ وَإِفْرِيقِيٌّ نِسْبَةٌ إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا.
(ص) وَكَأَنْ فَرَّقَهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فَفَرَّقَ الْمَشْيَ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ بِأَنْ مَشَى مُدَّةً وَأَقَامَ مُدَّةً أُخْرَى ثُمَّ كَذَلِكَ إلَى أَنْ وَصَلَ إلَى مَكَّةَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَيُهْدِي فَقَطْ وَسَوَاءٌ فَرَّقَ مَشْيَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ أَقَامَ وَحَجَّ فِي عَامٍ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُ التُّونُسِيِّ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ.
(ص) وَفِي لُزُومِ الْجَمِيعِ بِمَشْيِ عَقَبَةٍ وَرُكُوبِ أُخْرَى تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَتُهُمَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ فَمَشَى عَقَبَةً وَهِيَ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَرَكِبَ أُخْرَى وَفَعَلَ كَذَلِكَ طُولَ طَرِيقِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَمْشِ لِمَا حَصَلَ بِذَلِكَ مِنْ الرَّاحَةِ الْمُعَادِلَةِ لِرُكُوبِهِ جَمِيعَ الطَّرِيقِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَمْشِيَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَقَطْ تَأْوِيلَانِ وَمَحِلُّهُمَا إذَا كَانَتْ أَمَاكِنُ رُكُوبِهِ وَأَمَاكِنُ مَشْيِهِ مَضْبُوطَةً وَإِلَّا مَشَى الْجَمِيعُ بِاتِّفَاقٍ وَفَرَضَ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّنَاصُفِ وَأَمَّا لَوْ رَكِبَ كَثِيرًا رَجَعَ وَأَهْدَى أَوْ قَلِيلًا أَهْدَى فَقَطْ كَمَا مَرَّ (ص) وَالْهَدْيُ وَاجِبٌ إلَّا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ فَنَدْبٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَاجِبٌ أَيْ سَوَاءٌ وَجَبَ مَعَهُ الرُّجُوعُ إلَى مَكَّةَ أَوْ لَا إلَّا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ رَاكِبًا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ الْإِفَاضَةَ أَوْ هُمَا فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ الْهَدْيُ (ص) وَلَوْ مَشَى الْجَمِيعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ وُجُوبَ الْهَدْيِ وَنَدْبَهُ حَاصِلَانِ وَلَوْ مَشَى فِي رُجُوعِهِ جَمِيعَ الطَّرِيقِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لِأَنَّ الْهَدْيَ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِمَشْيٍ غَيْرِ وَاجِبٍ.
(ص) وَلَوْ أَفْسَدَ أَتَمَّهُ وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ (ش) يَعْنِي لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ بِهِ فَجَعَلَ مَشْيَهُ فِي حَجَّةٍ ثُمَّ أَفْسَدَهَا بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهُ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِتَبْعِيضِ الْمَشْيِ فِي الْعَامَيْنِ لِأَنَّ الْمَشْيَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي فَسَادِهِ أُلْغِيَ وَاعْتُبِرَ الْمَشْيُ قَبْلَ الْفَسَادِ فَصَارَ مُتَبَعِّضًا بِهِ وَإِذَا أَتَمَّهُ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي قَضَائِهِ مِنْ مَوْضِعِ أَفْسَدَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا يَتَسَلَّطُ عَلَى مَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ أَوَّلًا مِنْ الْمِيقَاتِ أَمْ لَا
ــ
[حاشية العدوي]
مِمَّا رَكِبَ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَشْيِ بَعْضِهِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَوْ رَكِبَ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْهَدْيُ فَقَطْ فَلَا يَرْجِعُ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فَيَخْرُجُ وَيَنْظُرُ فِي الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رَكِبَهُ وَجَبَ فِيهِ الْهَدْيُ رَكِبَ وَأَهْدَى وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ رَكِبَ وَلَا هَدْيَ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ شَرْحِ شب.
(قَوْلُهُ وَكَإِفْرِيقِيٍّ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَأَنْ قَلَّ فَيُقْرَأُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَبِأَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ وَتُسْبَكُ مَعَ مَا بَعْدَهَا بِمَصْدَرٍ أَيْ كَقَلِيلٍ وَكَافِرٍ بَقِيَ لِأَجَلٍ أَنْ يُعْطَفَ اسْمٌ عَلَى اسْمٍ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَةُ أَنْ بِالْكَسْرِ وَمَا بَعْدَهَا فِعْلٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَطْفُ اسْمٍ عَلَى فِعْلٍ صَرِيحٍ (قَوْلُهُ نِسْبَةً إلَى إفْرِيقِيَّةَ) سُمِّيَتْ بِأَفْرِيقَ بْنِ أَبْرَهَةَ مَلِكُ الْيَمَنِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ افْتَتَحَهَا قَالَهُ الْبَكْرِيُّ.
(قَوْلُهُ وَكَأَنْ فَرَّقَهُ إلَخْ) قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْهَدْيِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ إلَخْ) وَأَمَّا الْمُعْتَادُ كَالْمَغْرِبِيِّ يُقِيمُ بِمِصْرَ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ لِيَأْتِيَ إبَّانَ الْحَجِّ فَلَا هَدْيَ وَلَا إثْمَ كَانَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فَرَّقَ مَشْيَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا) لَكِنْ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ يَأْثَمُ وَمَعَ الْعُذْرِ لَا إثْمَ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَيَرْجِعُ وَهُمَا رِوَايَتَانِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ هَذَا إذَا حَجَّ مِنْ عَامِهِ وَلَوْ أَقَامَ حَتَّى حَجَّ مِنْ عَامٍ آخَرَ لَمْ يَجْزِهِ.
(قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) قَالَ تت فِي صَغِيرِهِ قَاعِدَةُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّأْوِيلَيْنِ اخْتِلَافُ شُيُوخِ الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى الْأَوَّلِ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى التَّأْوِيلِ هَلْ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا انْتَهَى وَمِنْهُ يَظْهَرُ ضَعْفُ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَفَرَضَهَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّنَاصُفِ وَأَمَّا لَوْ رَكِبَ كَثِيرًا رَجَعَ وَأَهْدَى أَوْ قَلِيلًا أَهْدَى فَقَطْ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهِيَ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ) هَذَا التَّفْسِيرُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ سِتَّةُ أَمْيَالٍ وَالْمُرَادُ مَسَافَةٌ مُعَيَّنَةٌ.
(قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ الْمَشْيُ قَبْلَ الْفَسَادُ) الْأَوْلَى مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ مُتَبَعِّضًا) أَيْ فِي عَامَيْنِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَمَشَى خَمْسَةَ أَمْيَالٍ ثُمَّ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَيَمْشِي ثَانِي عَامٍ فِي تِلْكَ الْخَمْسَةِ الْأَمْيَالِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِخَمْسَةِ أَمْيَالٍ بَعْدَهُ كَذَلِكَ فَيَمْشِي مِنْ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَهَذِهِ الَّتِي أَشَارَ لَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَ الْمِيقَاتِ إلَخْ فَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ بِخَمْسَةِ أَمْيَالٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَإِنَّهُ يَمْشِي مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لِلَّخْمِيِّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي قَضَائِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ أَيْ وَإِنْ كَانَ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ تت فِي كَبِيرِهِ وَلِقَوْلِ عج لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ لَانْبَغَى أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ ثَانِيًا وَيَمْشِي مِنْ مَحِلِّ إحْرَامِهِ لِيَصِحَّ لَهُ الْمَشْيُ الْفَاسِدُ فِي الْأَوَّلِ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَشْيَ إلَخْ وَاضِحٌ فِيمَا إذَا أَتَمَّهُ مَاشِيًا وَأَمَّا إذَا أَتَمَّهُ رَاكِبًا فَالْهَدْيُ لِتَفْرِيقِ الْمَشْيِ إذَا أَتَى بِبَعْضِهِ فِي زَمَانٍ وَبَعْضِهِ فِي زَمَانٍ آخَرَ (قَوْلُهُ مِنْ مَوْضِعٍ أَفْسَدَهُ) الْأَوْلَى مِنْ مَوْضِعِ إحْرَامِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ الْأَوْلَى أَيْضًا مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ وَحَاصِلُهُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ يَمْشِي ثَانِي عَامٍ مِنْ مَوْضِعِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ كَانَ الْإِحْرَامُ أَوَّلًا مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ وَأَمَّا الْإِحْرَامُ ثَانِي عَامٍ فَهُوَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ مَوْضِعِ الْإِفْسَادِ أَيْ مِنْ مَوْضِعٍ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ