الْإِحْرَامَ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ وَالْمُؤَلِّفُ اسْتَعْمَلَ حَيْثُ هُنَا الزَّمَانُ وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ قَالَ مَتَى بَدَلَ حَيْثُ كَانَ أَوْلَى فَقَوْلُهُ الْحَجُّ مُخْرِجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ وَمِنْ قَوْلِهِ كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا أَيْ أَنَّهُ يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ فِي الْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ لَا فِي الْحَجِّ الْمُطْلَقِ وَالْمَشْيِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
(ص) وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَذَرَ مَالَهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النَّذْرُ فِي ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِثْلُهُ مَالِي فِي الْحَطِيمِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ نَذْرٌ لَا قُرْبَةَ فِيهِ، وَالْحَطِيمُ هُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ إلَى زَمْزَمَ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْطِمُ الذُّنُوبَ كَمَا تَحْطِمُ النَّارُ الْحَطَبَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَضُّ فَتُبْنَى أَبُو الْحَسَنِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِنَاءَهَا فَلِذَلِكَ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا لَزِمَهُ وَلَوْ قَالَ مَالِي فِي كِسْوَتِهَا أَوْ طِيبِهَا دَفَعَ ثُلُثَهُ إلَى الْحَجَبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(ص) أَوْ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي بَابِهَا أَوْ فِي حَطِيمِهَا أَوْ هُوَ صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ وَهُوَ كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَمَّا إنْ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَقَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي رِتَاجِهَا مَثَلًا أَوْ قَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي السَّبِيلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا يَكْتَسِبُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْ ذَلِكَ الْمَكَانِ يَدْفَعُهُ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ.
(ص) أَوْ هَدْيٌ لِغَيْرِ مَكَّةَ (ش) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ مَا يَصِحُّ هَدْيُهُ بِلَفْظِ هَدْيٍ أَوْ لَفْظِ بَدَنَةٍ فَإِنْ سَمَّى مَكَّةَ أَوْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ سَوْقُهُ لَهَا حَيْثُ كَانَ الْمَحِلُّ قَرِيبًا بِحَيْثُ يَصِلُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مِثْلَهُ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ مِنْ مَكَان يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَصِلُ مِنْهُ وَإِنْ سَمَّى بُقْعَةً غَيْرَ مَكَّةَ فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهَا حَتَّى كَأَنَّهَا مَكَّةُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَصَدَ الرِّفْقَ بِفُقَرَائِهَا فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ لِأَنَّ سَوْقَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ مَا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى بِلَفْظِ جَزُورٍ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ قَيَّدَ بِمَكَّةَ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ نَحَرَهُ بِمَكَّةَ إلَّا أَنْ يُقَلِّدَهُ أَوْ يُشْعِرَهُ فَيَكُونَ هَدْيًا فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ وَإِنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ أَوْ نَحْرُهُ بِمَوْضِعِ نَذْرِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَهُ أَنْ لَا يَنْحَرَهُ وَيُطْعِمَ
ــ
[حاشية العدوي]
فَإِنَّهَا يَفْتَرِقَانِ فَالْعُمْرَةُ يُعَجِّلُ إحْرَامَهَا بِشَرْطِ وُجُودِ صُحْبَةٍ فَقَطْ وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَمَّا الْحَجُّ فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ أَشْهُرِهِ أَوْ مِنْ حَيْثُ يَصِلُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ) أَيْ إذَا خَرَجَ فِيهِ يَصِلُ لِمَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ وَمِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) تَسَمُّحٌ لِأَنَّهُ لَا إخْرَاجَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ وَأَيْضًا الْإِخْرَاجُ فَرْعُ الْإِدْخَالِ وَلَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الْعُمْرَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْبَابَيْنِ إلَى الْمَقَامِ إلَى زَمْزَمَ إلَخْ) وَاَلَّذِي فِي الْحَطَّابِ وتت وَبَهْرَامَ وَالْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إلَى الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ أَبُو مُحَمَّدٍ فَعَلَى تَفْسِيرِ ابْنِ حَبِيبٍ ذَلِكَ كُلُّهُ حَطِيمٌ الْجِدَارُ مِنْ الْكَعْبَةِ وَالْفَضَاءُ الَّذِي بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامُ الْآنَ انْتَهَى فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَطِيمَ الْفَرَاغُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْتَزِمُهُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْضُ حَائِطِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ يُحَطِّمُ الذُّنُوبَ) أَيْ يُهْلِكُ الذُّنُوبَ أَيْ بِالدُّعَاءِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِنَاءَهَا) وَكَذَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ ثُلُثُهُ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ) ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ (قَوْلُهُ أَوْ هُوَ صَدَقَةٌ) ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَمِينٍ أَوْ غَيْرِ يَمِينٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ فِي يَمِينٍ بِأَنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَا يَقْصِدُ امْتِنَاعَهُ كَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أُفِيدُهُ صَدَقَةٌ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ أَوْ مَكَان وَأَمَّا لَوْ أَتَى بِهِ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ بِأَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ أَوْ يُفِيدُهُ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةُ كُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أُفِيدُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا يَكْتَسِبُهُ أَوْ يُفِيدُهُ لَا ثُلُثُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ.
وَأَمَّا إذَا قَيَّدَهُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان فَيَلْزَمُهُ مَا اكْتَسَبَهُ فِيهِ كَمَا إذَا أَتَى بِهِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ وَقَيَّدَهُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ لِمُعَيَّنٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَوْ قَالَ كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَقَالَ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ إلَخْ) أَيْ وَقَصَدَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا لَا الْبِنَاءَ (قَوْلُهُ أَوْ فِي رِتَاجِهَا) بِنُقْطَةٍ بِخَطِّهِ فَيَكُونُ بِالْجِيمِ لَا بِالْحَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمِصْبَاحِ بِالْجِيمِ فَقِرَاءَتُهُ بِالْحَاءِ خَطَأٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا يَكْتَسِبُهُ) الرَّاجِحُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ.
(قَوْلُهُ بِلَفْظِ جَزُورٍ) إنْ قُلْت أَيْ فَرَّقَ بَيْنَ جَزُورٍ وَبَدَنَةٍ قُلْت ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْبَدَنَةَ مَا يُعَدُّ لِلذَّبْحِ فِي مَكَان مَخْصُوصٍ وَالْجَزُورُ مَا يُعَدُّ لِلذَّبْحِ فِي مَكَان غَيْرِ مَخْصُوصٍ.
(قَوْلُهُ فَيَجْرِي عَلَيْهِ تَفْصِيلُهُ) فَإِنْ سَاقَهُ فِي حَجٍّ وَقَفَ بِهِ فِي عَرَفَةَ فَيَذْبَحُهُ فِي مِنًى وَإِلَّا فَفِي مَكَّةَ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ إلَخْ أَيْ أَوْ أَطْلَقَ أَيْ فَلَمْ يَجْعَلْهُ لِمَكَّةَ وَلَا لِغَيْرِهَا لَا بِلَفْظٍ وَلَا بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ إلَخْ) أَيْ وَيَحْرُمُ بَعْثُهُ وَلَوْ لِقَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لَهُ فَقَوْلُهُمْ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لِصَالِحٍ وَأَرَادَ بِهِ الْإِعْطَاءَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ بِمَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ إلَيْهِمْ فِيمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى لَا فِيمَا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى لِأَنَّ سَوْقَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ، كَذَا أَفَادَهُ عج وَأَمَّا مَا لَا يُهْدَى بِهِ كَثَوْبٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَجَاجَةٍ أَوْ طَعَامٍ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْمُلَازِمِينَ لِلْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَوْ لِقَبْرِ الْوَلِيِّ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ أَرْسَلَهُ إلَيْهِمْ وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الْوَلِيِّ