للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَطْفٌ عَلَى وَالِدَيْنِ أَيْ سَقَطَ الْجِهَادُ لِمَنْعِ وَالِدَيْنِ لَا لِمَنْعِ جَدٍّ وَجَدَّةٍ، وَإِنْ كَانَ بِرُّهُمَا وَاجِبًا (ص) وَالْكَافِرُ كَغَيْرِهِ فِي غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْكَافِرَ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ أُمًّا كَالْمُسْلِمِ فَتَجِبُ طَاعَتُهُ عَلَى وَلَدِهِ إلَّا فِي الْجِهَادِ فَلَا يَكُونُ كَالْمُسْلِمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ مِنْ السَّفَرِ إلَى الْجِهَادِ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْهُ مَظِنَّةُ التَّوْهِينِ لِلْإِسْلَامِ.

(ص) وَدُعُوا لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ جِزْيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقَاتِلُ الْمُشْرِكَ حَتَّى يَدْعُوهُ إلَى دَيْنِ اللَّهِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ الشَّرَائِعِ إلَّا أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا فَتُبَيَّنَ لَهُ وَالدَّعْوَةُ وَاجِبَةٌ سَوَاءٌ بَعُدَتْ دَارُ الْكَافِرِ عَنْ دَارِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ أَمْ لَا وَأَقَلُّ الدَّعْوَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ كَالْمُرْتَدِّ ثُمَّ إنْ أَبَوْا مِنْ قَبُولِ الْإِسْلَامِ دُعُوا إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ إجْمَالًا إلَّا أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ تَفْصِيلِهَا وَمَحَلِّ الدَّعْوَةِ مَا لَمْ يُعَاجِلُونَا بِالْقَتْلِ وَإِلَّا قُوتِلُوا مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ حَرَامٌ.

(ص) بِمَحَلٍّ يُؤَمَّنُ (ش) مُتَعَلِّقٌ بَدُعُوا وَبِالْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ أَيْ لَا يُدْعَوْا إلَّا فِي مَحَلِّ أَمْنٍ وَلَا يُكَفُّ عَنْهُمْ إذَا أَجَابُوا لِلْإِسْلَامِ أَوْ الْجِزْيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ غَوْلُهُمْ (ص) وَإِلَّا قُوتِلُوا وَقُتِلُوا (ش) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا لِلْجِزْيَةِ أَوْ أَجَابُوا لَهَا وَلَكِنَّهُمْ بِمَحَلٍّ لَا تَنَالُهُمْ أَحْكَامُنَا فِيهِ قُوتِلُوا أَيْ أُخِذَ فِي قِتَالِهِمْ وَإِذَا قُدِرَ عَلَيْهِمْ قُتِلُوا أَيْ جَازَ قَتْلُهُمْ إلَّا سَبْعَةً لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ إلَخْ (ص) إلَّا الْمَرْأَةَ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا (ش) الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَاوِ فِي قُوتِلُوا وَالثَّانِي مِنْ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ أَيْ فَلَا تُقْتَلُ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا وَفِي سَبَبِيَّةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهَا إنْ قَتَلَتْ أَحَدًا فَإِنَّهَا تُقْتَلُ فِيهِ، وَلَوْ بَعْدَ أَسْرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا، فَإِنْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ وَنَحْوِهِ كَالرِّجَالِ فَإِنَّهَا تُقْتَلُ أَيْضًا، وَلَوْ بَعْدَ الْأَسْرِ، وَإِنْ قَاتَلَتْ بِرَمْيِ الْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا تُقْتَلُ بَعْدَ الْأَسْرِ اتِّفَاقًا وَلَا فِي حَالِ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَيَجْرِي فِي الصَّبِيِّ مَا جَرَى فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ.

(ص) وَالصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُطِيقَ لِلْقِتَالِ لَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ فَكَالْمَرْأَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ وَهُوَ الضَّعِيفُ الْعَقْلِ لَا يُقْتَلُ وَالْمَجْنُونُ الْمُطْبَقُ أَحْرَى وَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا قُتِلَ (ص) كَشَيْخٍ فَانٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ بِلَا رَأْيٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْخَ الْفَانِيَ أَيْ الَّذِي لَا بَقِيَّةَ فِيهِ وَالزَّمِنَ بِإِقْعَادٍ أَوْ شَلَلٍ أَوْ فَلْجٍ أَوْ جُذَامٍ وَالْأَعْمَى وَالرَّاهِبَ الْمُنْعَزِلَ بِدَيْرٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَارٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ لَا يُقْتَلُونَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَأْيٌ وَلَا تَدْبِيرٌ أَمَّا إنْ كَانَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ رَأْيٌ قُتِلَ وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ كَشَيْخٍ وَمَا بَعْدَهُ مَقْرُونًا بِالْكَافِ لِيُرْجِعَ قَوْلَهُ بِلَا رَأْيٍ لِمَا بَعْدَهَا.

(ص) وَتُرِكَ لَهُمْ الْكِفَايَةُ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَهَى عَنْ قَتْلِهِ إذَا رَأَى الْإِمَامُ عَدَمَ أَسْرِهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ كُلَّ مَنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ يَجُوزُ أَسْرُهُ إلَّا الرُّهْبَانَ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ لَهُمْ مَا يَعِيشُونَ فِيهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا تُؤْخَذُ كُلُّهَا فَيَمُوتُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ فَمِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفَّارِ مَالٌ وَجَبَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُوَاسَاتُهُمْ (ص) وَاسْتَغْفَرَ قَاتِلُهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ أَحَدًا مِمَّنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ وَيَصِيرَ مَغْنَمًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ إلَّا الِاسْتِغْفَارَ

ــ

[حاشية العدوي]

كَانَ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِمَا وَلَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ الْخَطِرِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعُ لَهُمَا وَتَحَصَّلَ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ غَيْرُ الْجِهَادِ هُوَ كَالسَّفَرِ لِلتَّجْرِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَهَلْ السَّفَرُ فِي نِيلِ مِصْرَ يُعَدُّ مِنْ السَّفَرِ فِي الْبَحْرِ أَوْ يَخُصُّ الْبَحْرَ بِالْمَالِحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِرُّهُمَا وَاجِبًا) قَالَ سَحْنُونَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْتَرْضِيَهُمَا لِيَأْذَنَا لَهُ، فَإِنْ أَبَيَا فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ وَقِيلَ كَالْوَالِدَيْنِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْهُ مَظِنَّةَ التَّوْهِينِ) ظَاهِرُ هَذَا، وَلَوْ عَلِمَ مِنْهُمَا الشَّفَقَةَ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ تَقْيِيدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِعِلْمِهِ أَنَّ مَنْعَهُمَا كَرَاهَةَ إعَانَةِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ مَيْلٌ لِأَهْلِ دِينِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ وَإِلَّا فَلَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ مَقْصُودَهُ الشَّفَقَةُ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَانْظُرْ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ بَعُدَتْ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ يُدَّعَى مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ دُونَ مَنْ قَرُبَتْ وَخِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ لَا يُدَّعَى وَالْأَدْعَى (قَوْلُهُ كَالْمُرْتَدِّ) أَيْ وَكُلُّ مَرَّةٍ فَرْضٌ وَكُلُّ مَرَّةٍ فِي يَوْمٍ فَإِذَا دُعُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَوَّلَهُ قُوتِلُوا أَوَّلَ الرَّابِعِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ لَا فِي بَقِيَّةِ الثَّالِثِ وَالْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ الْإِنْقَاذُ مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ الشَّهَادَتَانِ فِيمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِمَضْمُونِهِمَا وَعُمُومُ رِسَالَةِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلًا فِيمَنْ يُنْكِرُ الْعُمُومَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تُدْعَى كُلُّ فِرْقَةٍ إلَى الْخُرُوجِ عَمَّا كَفَرَتْ بِهِ (قَوْلُهُ قُوتِلُوا مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ) زَادَ فِي ك إلَّا أَنْ يُمْكِنَ فِعْلُ بَعْضِهَا فَيَجِبُ فِعْلُ مَا أَمْكَنَ مَعَهُ فِعْلُهُ.

(قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بَدُعُوا وَبِالْإِسْلَامِ) أَمَّا تَعَلُّقُهُ بَدُعُوا فَهُوَ اصْطِلَاحِيٌّ. وَأَمَّا تَعَلُّقُهُ بِالْإِسْلَامِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِ مَعْنًى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ اصْطِلَاحًا بِمَحْذُوفٍ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَقْرِيرِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَوْ أَجَابُوا لَهَا) الْمُنَاسِبُ زِيَادَةُ أَوْ أَجَابُوا لِلْإِسْلَامِ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ قَالُوا نُسْلِمُ وَلَمْ يُسْلِمُوا بِالْفِعْلِ. وَأَمَّا لَوْ نَطَقُوا بِالشَّهَادَتَيْنِ مَثَلًا فَإِنَّنَا نَكُفُّ عَنْهُمْ الْقِتَالَ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) أَيْ فَالْأَقْسَامُ ثَمَانِيَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ كَلَامِهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ جَمْعٍ تَعَيَّنَ هَذَا التَّفْصِيلُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْأَصْلَحِ إلَّا فِي الْأَسْرَى (قَوْلُهُ قُتِلَ) أَيْ جَازَ قَتْلُهُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ وَزَمِنٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (قَوْلُهُ الَّذِي لَا بَقِيَّةَ فِيهِ) أَيْ لَا قُوَّةَ فِيهِ أَيْ لَا يُطِيقُ الْقِتَالَ (قَوْلُهُ أَوْ فَلْجٍ) هُوَ عَدَمُ الْحَرَكَةِ (قَوْلُهُ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ) وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ لَا لِفَضْلِ تَرَهُّبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ كُفْرًا بَلْ لِتَرْكِهِ لِأَهْلِ دِينِهِ فَكَانَ كَالنِّسَاءِ وَمِثْلُ الرَّاهِبِ الرَّاهِبَةُ وَإِنَّمَا قَالَ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّاهِبَ فِي الْكَنَائِسِ يُقْتَلُ (قَوْلُهُ وَلَا تَدْبِيرٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالتَّدْبِيرُ هُوَ النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ.

(قَوْلُهُ أَمْوَالُهُمْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ خِلَافُ الصَّوَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>