وَمِنْ بَابِ أَوْلَى رَدُّ مَا فَضَلَ مِمَّا يَأْخُذُهُ بِنِيَّةِ الرَّدِّ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ وَرَدَّ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا بَالَ لَهُ مِمَّا قِيمَتُهُ الدِّرْهَمُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهُ وَلَا يَرُدُّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاجَةِ أَيْ فِي حُكْمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ (ص) وَمَضَتْ الْمُبَادَلَةُ بَيْنَهُمْ (ش) أَيْ وَمَضَتْ بِكَرَاهَةِ الْمُبَادَلَةِ بَيْنَهُمْ فِي الطَّعَامِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ أَوْ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ بِمِثْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَضَتْ أَيْ وَجَازَتْ ثُمَّ إنَّهُ يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَتْ بِتَفَاضُلٍ فِي الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ الْمُتَّحِدِ الْجِنْسِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْقَسْمِ.
(ص) وَبِبَلَدِهِمْ إقَامَةُ الْحَدِّ (ش) قَدَّمَ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ لِلِاخْتِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُؤْذَنُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْحُدُودَ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَدُّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهُ طَاعَةٌ فَإِذَا وَجَبَ أَقَامَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرِ خَوْفِ الْفَوَاتِ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا الْإِذْنُ فَإِنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ بِبَلَدِهِمْ وَاجِبَةٌ.
(ص) وَتَخْرِيبٌ وَقَطْعُ نَخْلٍ وَحَرْقٌ إنْ أَنْكَى أَوْ لَمْ تُرْجَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِجَمَاعَةِ الْمُجَاهِدِينَ أَنْ يُخَرِّبُوا مَنَازِلَ الْمُشْرِكِينَ وَيَقْطَعُوا أَشْجَارَهُمْ وَنَخْلَهُمْ، وَلَوْ غَيْرَ مُثْمِرٍ وَيُحَرِّقُوا ذَلِكَ إنْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ لَهُمْ، وَلَوْ رُجِيَ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بَقَاءُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُحَرَّقُ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ نِكَايَةٌ لَهُمْ فَإِنْ عُدِمَ النِّكَايَةُ وَرُجِيَتْ بَقِيَتْ فَقَوْلُهُ إنْ أَنْكَى أَيْ الْفِعْلُ السَّابِقُ وَهُوَ التَّخْرِيبُ وَالْقَطْعُ وَالتَّحْرِيقُ وَقَوْلُهُ إنْ أَنْكَى رُجِيَتْ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ تُرْجَ أَنْكَى أَمْ لَا، وَمَفْهُومُ الْقَيْدَيْنِ وَهُوَ إنْ لَمْ يَنِكْ وَرُجِيَتْ الْمَنْعُ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ وَلَمَّا أَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ الْأَمْرَيْنِ دُونَ أَفْضَلِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا إذَا وُجِدَ الْإِنْكَاءُ أَوْ عَدَمُ الرَّجَاءِ وَلَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ الْحُكْمُ لَوْ انْتَفَيَا بَلْ رُبَّمَا يُوهِمُ الْمَنْعَ وَقَدْ تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ) أَيْ الْإِتْلَافَ بِالْقَطْعِ وَالْحَرْقِ وَنَحْوِهِمَا (مَنْدُوبٌ) إلَيْهِ فِي حَالِ عَدَمِ الرَّجَاءِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ تُرْجَ (ك) نَدْبِ (عَكْسِهِ) وَهُوَ الْإِبْقَاءُ مَعَ الرَّجَاءِ وَلَا يُنَافِي الْجَوَازَ إنْ أَنْكَى إذْ الْمَنْدُوبُ يَجُوزُ تَرْكُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالظَّاهِرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَلَا يُنَافِي كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ إذْ الْجَوَازُ يُجَامِعُ النَّدْبَ وَيُفَارِقُهُ وَقَرَّرَ (هـ) فِي شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا هُوَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ أَيْ مِنْ حِلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَدَّ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَهَا فَالْمُتَوَهَّمُ هُوَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ بَلْ يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ بِالْخُصُوصِ فَمِنْ ذَلِكَ الْحِلِّ تَعْلَمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْكَافِ يُرَدُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ قِيمَتُهُ الدِّرْهَمُ وَنَحْوُهُ) أَيْ مِمَّا كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي شَرْحِ شب فَإِنَّهُ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْيَسِيرِ مَا لَا ثَمَنَ لَهُ أَوْ ثَمَنُهُ الدِّرْهَمُ وَشَبَهُهُ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ عب فَإِنَّهُ قَالَ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا ثَمَنُهُ زَائِدٌ عَنْ الدِّرْهَمِ لَا إنْ كَانَ يَسِيرًا وَهُوَ مَا لَا ثَمَنَ لَهُ أَوْ ثَمَنُهُ الدِّرْهَمُ وَشَبَهُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ) أَيْ وَيُحْتَاجُ لِلْبَدَلِ وَإِلَّا رَدَّهُ إنْ كَثُرَ.
(قَوْلُهُ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ عج اعْتِمَادًا لِتَفْصِيلٍ وَهُوَ أَنَّ الْجَوَازَ فِيمَا فَضَلَ عَنْ الْحَاجَةِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ وَاحِدٍ إلَّا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الرِّبَا اهـ وَهُوَ تَقْيِيدٌ ظَاهِرٌ وَجَزَمَ فِي الشَّامِلِ بِهَذَا التَّقْيِيدِ لَكِنْ فِي رِبَا النَّسَاءِ اتِّفَاقًا وَفِي رِبَا الْفَضْلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَأَمَّا مَعَ التَّسَاوِي فَلَا يُتَوَهَّمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ مُحْتَاجًا بِمَا وَقَعَتْ الْمُبَادَلَةُ فِيهِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَيْنَهُمْ عَدَمَ الْجَوَازِ مَعَ غَيْرِهِمْ حَيْثُ اشْتَمَلَتْ عَلَى رِبَا فَضْلٍ أَوْ نَسِيئَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمُ اعْتِمَادِ هَذَا التَّفْصِيلِ فَيَكُونُ شَارِحُنَا تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ) أَيْ أَوْ هُمَا مَعًا وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً خِلَافُ التَّعْبِيرِ بِالْمُضِيِّ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ إلَّا أَنَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَضَتْ بِكَرَاهَةٍ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْقَسَمِ) . وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ.
(قَوْلُهُ لِلِاخْتِصَاصِ) أَيْ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي بَلَدِهِمْ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ بَلَدِهِمْ (قَوْلُهُ خَوْفِ الْفَوَاتِ) أَيْ فَلَا يُرَاعَى خَوْفُ ارْتِدَادِهِ إذَا كَانَ أَسْلَمَ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ تَوَقُّعُ مَفْسَدَةٍ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ يُؤَخَّرُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ) هَذَا إذَا كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ بَلْ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ نِكَايَةٌ هَذَا مُقْتَضَى تَقْسِيمِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ أَنْكَى أَمْ لَا) لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ النَّكْءِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا إنْ أَنْكَى فَالْمُنَاسِبُ حَمْلُ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يُنْكِ أَيْ وَلَمْ يُنْكِ لِأَجْلِ دَفْعِ التَّكْرَارِ فَقَوْلُهُ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ الْمُنَاسِبُ أَرْبَعٌ وَقَوْلُهُ الْمَنْعُ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا بَقِيَتْ أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ بَلْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ الْمَنْعُ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَقَدْ تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْأَفْضَلِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَفْهَمَ جَوَازَ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ أَنْكَى) أَيْ الْإِبْقَاءُ مَعَ الرَّجَاءِ إنْ أَنْكَى. وَأَمَّا الْإِبْقَاءُ مَعَ الرَّجَاءِ وَلَا يَنْكِي فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْبَقَاءُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ اسْتِظْهَارَ ابْنِ رُشْدٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْفَرْعَيْنِ (قَوْلُهُ إذْ الْمَنْدُوبُ يَجُوزُ تَرْكُهُ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ إذْ الْجَوَازُ) أَيْ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ يُجَامِعُ النَّدْبَ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَحَلَّ عب بِخِلَافِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ أَنْكَى أَيْ بِغَيْرِ هَمْزٍ أَيْ وَرُجِيَتْ، فَإِنْ لَمْ تُرْجَ مَعَ النَّكْءِ تَعَيَّنَ التَّحْرِيقُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَمْ تُرْجَ أَيْ وَلَمْ تُنْكِ، وَإِنْ لَمْ تُنْكِ وَرُجِيَتْ تَعَيَّنَ الْإِبْقَاءُ وَقَوْلُهُ إنَّهُ مَنْدُوبٌ أَيْ جَوَازُ التَّخْرِيبِ وَمَا مَعَهُ مَنْدُوبٌ فِيمَا إذَا لَمْ تُرْجَ وَلَمْ تُنْكِ وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ صُوَرِ الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ فِيمَا إذَا رُجِيَتْ وَأَنْكَتْ وَهِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ صُوَرِ الْجَوَازِ كَذَا فِي عب وَهُوَ مُخَالِفٌ لعج فَإِنَّ عج جَعَلَ قَوْلَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِيمَا إذَا لَمْ تُرْجَ وَكَانَ فِي ذَلِكَ نِكَايَةٌ كَمَا يُفِيدُهُ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وُجُوبُ الْقَطْعِ وَمَا مَعَهُ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ أَيْ حَيْثُ رُجِيَتْ وَأَنْكَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْحَاصِلُ أَنَّ عج قَدْ حَلَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ أَنْكَى أَوْ لَمْ تُرْجَ بِمَا حَلَّ بِهِ عب وَمِثْلُهُ فِي شب وَحَلَّ قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ لَك مُخَالِفًا لعب وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ لَك وَنَصُّهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ