وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ.
(ص) وَفَسْخٌ إنْ دَخَلَا بِلَاهُ وَلَا حَدَّ إنْ فَشَا، وَلَوْ عُلِمَ (ش) ضَمِيرُ بِلَاهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِشْهَادِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا دَخَلَا بِلَا إشْهَادٍ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ إنْ كَانَ النِّكَاحُ وَالدُّخُولُ ظَاهِرًا فَاشِيًا بَيْنَ النَّاسِ أَوْ شَهِدَ بِابْتِنَائِهِمَا بِاسْمِ النِّكَاحِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ عَلِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا الدُّخُولُ بِلَا إشْهَادٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا فَاشِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ إنْ أَقَرَّا بِالْوَطْءِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَإِنَّمَا فَسَخْنَاهُ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ وَيُفْسَخُ جَبْرًا عَلَيْهِمَا سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْفَسَادِ إذْ لَا يَشَاءُ اثْنَانِ يَجْتَمِعَانِ عَلَى فَسَادٍ فِي خَلْوَةٍ إلَّا يَفْعَلَانِهِ وَيَدَّعِيَانِ سَبْقَ الْعَقْدِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيُؤَدِّي إلَى ارْتِفَاعِ حَدِّ الزِّنَا وَالتَّعْزِيرِ وَيَحْصُلُ الْفَشْوُ بِالْوَلِيمَةِ وَضَرْبِ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ.
(ص) وَحَرُمَ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرِ فَاسِقٍ، وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ صَدَاقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَكَنَتْ لِمَنْ خَطَبَهَا وَوَافَقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ فَاسِقٍ وَسَوَاءٌ قَدَّرَ لَهَا صَدَاقًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ حِينَئِذٍ عَلَى غَيْرِهَا أَنْ يَخْطُبَهَا وَبِعِبَارَةٍ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ إذَا رَكَنَتْ لِغَيْرِ فَاسِقٍ فِي دِينِهِ، وَلَوْ ذِمِّيًّا رَكَنَتْ إلَيْهِ ذِمِّيَّةٌ فَيَحْرُمُ خِطْبَتُهَا عَلَى مُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَخِيهِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ أَمَّا إنْ رَكَنَتْ لِفَاسِقٍ جَازَ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ لِمَنْ هُوَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ، وَلَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ الْفَاسِقِ وَرُكُونُ الْمُجْبَرِ كَافٍ فِي الْحُرْمَةِ، وَلَوْ ظَهَرَ رَدُّهَا، وَكَذَلِكَ رُكُونُ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ رَدُّهَا وَكُلُّ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْمَرْأَةِ مِثْلُ أُمِّهَا كَرُكُونِهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ رَدُّهَا وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ تَرْكُ مَنْ رَكَنَتْ إلَيْهِ بَعْدَ خِطْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إخْلَافِ الْمَوْعِدِ قَالَ بَعْضٌ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا بَعْدَ الرُّكُونِ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ الْخَاطِبِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ.
(ص) وَفَسْخٌ إنْ لَمْ يَبِنْ (ش) أَيْ، وَإِنْ ارْتَكَبَ الْحُرْمَةَ وَخَطَبَ مَنْ رَكَنَتْ لِغَيْرِ فَاسِقٍ وَعَقَدَ فَإِنَّ نِكَاحَهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا بِطَلَاقٍ مِنْ غَيْرِ مَهْرٍ، وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْعُدُولِ عَلَيْهَا فِي الْوَكَالَةِ عَلَى الْعَقْدِ وَعُلِمَ مِنْهَا الرِّضَا وَالدُّخُولُ بِقَصْدِ عِلْمِهَا مَضَى النِّكَاحُ اهـ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَنْ يُبَاشِرُ الْعَقْدَ بَلْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ، وَلَوْ تَوَلَّى الْعَقْدَ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ هَذَا الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ.
(قَوْلُهُ بِلَاهُ) يُحْتَمَلُ كَوْنُ ضَمِيرِ بِلَاهُ مُتَّصِلًا أَتَى بِهِ بَعْدَ لَا أَوْ مُنْفَصِلًا أَصْلُهُ هُوَ حُذِفَتْ وَاوُهُ وَأَتَى بِهِ كَذَلِكَ اخْتِصَارًا وَكِلَاهُمَا خَاصٌّ بِالضَّرُورَةِ قَالَهُ ابْنُ هِلَالٍ (قَوْلُهُ وَلَا حَدَّ إنْ فَشَا) قَالَ عج ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْفَشْوُ وَجَبَ الْحَدُّ، وَلَوْ جَهْلًا حُكْمُ الشَّهَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) : تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي عَدْلَانِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَكَذَا إنْ وَجَدَا عَدْلَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَشْهَدَاهُمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ كَفَى اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ ضَمِيرُ بِلَاهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِشْهَادِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ أَنْ تَنْعَدِمَ الشَّهَادَةُ أَصْلًا أَوْ تُوجَدَ بِدُونِ إشْهَادٍ وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَإِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ) وَإِنَّمَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّجْعِيِّ تَقَدُّمُ وَطْءٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَحْصُلْ هُنَا وَلِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا حَكَمَ حَاكِمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِابْتِنَائِهِمَا) أَيْ دُخُولِهِمَا وَقَوْلُهُ بِاسْمِ النِّكَاحِ أَيْ بِاسْمٍ هُوَ النِّكَاحُ أَيْ أَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى دُخُولِهِمَا دُخُولًا مُلْتَبِسًا بِاسْمِ النِّكَاحِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ فُلَانًا دَخَلَ عَلَى فُلَانَةَ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ. وَأَمَّا وَلِيُّ الرَّجُلِ فَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ كَذَلِكَ حَيْثُ وَلِيَ الْعَقْدَ وَفِي الْحَطَّابِ شَهَادَةُ الْوَلِيِّ لَا تَدْرَأُ الْحَدَّ، وَلَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَا) أَيْ الزَّوْجَانِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ، وَلَوْ عَلِمَ الْعَاقِدُ وُجُوبَهُ وَحُرْمَةَ الدُّخُولِ بِلَاهُ (قَوْلُهُ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْفَسَادِ) أَيْ لِوَسِيلَةِ الْفَسَادِ وَهُوَ الْعَقْدُ بِلَا إشْهَادٍ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَشَاءُ إلَخْ) أَيْ لَا يُرِيدُ اثْنَانِ اجْتِمَاعًا عَلَى فَسَادٍ فِي حَالَةٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فَعَلَا الْإِفْسَادَ وَادَّعَيَا سَبْقَ الْعَقْدِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ (قَوْلُهُ فَيُؤَدِّي إلَى ارْتِفَاعِ حَدِّ الزِّنَا) أَيْ إنْ وَقَعَ مِنْهُمَا وَطْءٌ وَأَقَرَّا أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَرْبَعَةُ شُهُودٍ يَرَوْنَ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ وَقَوْلُهُ وَالتَّعْزِيرِ أَيْ إنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَضَرْبِ الدُّفِّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ وَالدُّخَانِ.
(قَوْلُهُ لِغَيْرِ فَاسِقٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ صُوَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تِسْعٌ؛ لِأَنَّ الْخَاطِبَ الْأَوَّلَ إمَّا صَالِحٌ أَوْ مَجْهُولُ حَالٍ أَوْ فَاسِقٌ وَالثَّانِي كَذَلِكَ فَتَحْرُمُ فِي سَبْعٍ وَتَجُوزُ فِي ثِنْتَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ يُفِيدُ التِّسْعَ سِتَّةٌ بِمَنْطُوقِهِ وَثَلَاثَةٌ بِمَفْهُومِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِغَيْرِ فَاسِقٍ شَامِلٌ لِلصَّالِحِ وَمَجْهُولِهِ كَانَ الثَّانِي صَالِحًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ مَجْهُولَ حَالٍ فَهَذِهِ سِتَّةٌ. وَأَمَّا إذَا رَكَنَتْ لِفَاسِقٍ فَيَجُوزُ لِصَالِحٍ وَمَجْهُولِ حَالٍ لَا فَاسِقٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ وَظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِرُكُونِهَا بَلْ حَتَّى يُقَدَّرَ الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ رَكَنَتْ) رَكَنَ مِنْ بَابِ قَعَدَ وَمِنْ بَابِ تَعِبَ (قَوْلُهُ وَرُكُونُ الْمُجْبَرِ) أَيْ، وَلَوْ بِسُكُوتِهِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ يَقُومُ) أَيْ وَرُكُونُ كُلِّ مَنْ يَقُومُ وَلَا يُعْتَبَرُ رَدُّ أُمِّهَا أَوْ غَيْرِ مُجْبِرِهَا مَعَ رُكُونِهَا (قَوْلُهُ رَكَنَتْ إلَيْهِ) أَيْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِوَلِيِّهَا لِيَكُونَ شَامِلًا لِلصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ الْخَاطِبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ الْخَاطِبِ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُ الرُّجُوعِ خِطْبَةَ ذَلِكَ الْغَيْرِ.
(قَوْلُهُ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَبْنِ) حَيْثُ اسْتَمَرَّ الرُّكُونُ أَوْ كَانَ الرُّجُوعُ لِأَجْلِ خِطْبَةِ ذَلِكَ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا لَمْ يُفْسَخْ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْفَسْخُ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْهُ وَمَحَلُّ الْفَسْخِ حَيْثُ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ إرْخَاءُ السِّتْرِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَسِيسَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ) أَيْ بِأَنْ رَضِيَ بِتَرْكِهَا لِلثَّانِي، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الثَّانِي وَادَّعَتْ هِيَ أَوْ مُجْبِرُهَا أَنَّهَا كَانَتْ رَجَعَتْ عَنْ الرُّكُونِ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ خِطْبَةِ الثَّانِي وَادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِسَبَبِ خِطْبَةِ الثَّانِي وَلَا قَرِينَةَ لِأَحَدِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهَا وَقَوْلِ مُجْبِرِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعْلَمُ