مَائِعٍ بِنَجَسٍ قَلَّ (ش) لَمَّا بَيَّنَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ ذَكَرَ مَا إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّعَامَ الْكَثِيرَ الْمَائِعَ وَقْتَ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ لَهُ وَلَوْ جَمَدَ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ فِيهِ شَيْءٌ مُتَنَجِّسٌ أَوْ نَجَسٌ يُمْكِنُ تَحَلُّلُهُ، وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ بِمَا يُعْفَى عَنْهُ كَدُونِ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِخِلَافِ الْمَاءِ لِقُوَّةِ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ فَقَوْلُهُ بِنَجَسٍ أَيْ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا إذْ لَا يَتَنَجَّسُ الطَّعَامُ بِالشَّكِّ وَمَفْهُومُ كَثِيرِ الطَّعَامِ وَقَلِيلِ النَّجَاسَةِ أَحْرَوِيٌّ بِالْحُكْمِ (ص) كَجَامِدٍ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ وَإِلَّا فَبِحَسْبِهِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مَائِعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجَامِدَ، وَهُوَ الَّذِي إذَا أُخِذَ مِنْهُ جُزْءٌ لَمْ يَتَرَادَّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَوْضِعَهُ عَلَى قُرْبٍ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ تَنَجَّسَ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ فِي جَمِيعِهِ بِأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ مَائِعَةً وَالطَّعَامُ مُتَحَلِّلٌ وَقَالَ الشَّارِحُ إمَّا بِأَنْ يَكُونَ مَضَى لَهُ زَمَانٌ يُبَاعُ فِيهِ كَالسَّمْنِ وَنَحْوِهِ وَإِمَّا بِأَنْ يَكُونَ طَالَ الزَّمَانُ طُولًا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهَا سَرَتْ فِي جَمِيعِهِ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونَ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمَذْهَبِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ فَيُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَقَطْ بِحَسَبِ طُولِ مُكْثِهَا فِيهِ وَقِصَرِهِ اهـ. أَيْ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ يُبَاعُ وَيُؤْكَلُ لَكِنْ قَالَ الْجُزُولِيُّ يُبَيِّنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَقْذِفُهُ اهـ.
وَقَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَالَ إنْ ظَنَّ السَّرَيَانَ بِجَمِيعِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ.
(ص) وَلَا يَطْهُرُ زَيْتٌ خُولِطَ وَلَحْمٌ طُبِخَ وَزَيْتُونٌ مُلِّحَ
ــ
[حاشية العدوي]
الزُّقَاقِ وَبَيْعُهَا قَالَهُ تت وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَنْجِيسِ الطَّعَامِ بِالشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ تَعَلُّقُ النَّجَاسَةِ بِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ وَلَوْ تَحَرِّيًا كَأَنَّ النَّجَاسَةَ تَعَلَّقَتْ بِالْجَمِيعِ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ بِنَجِسٍ) يَحْتَمِلُ فَتْحَ الْجِيمِ وَكَسْرَهَا وَالْأَحْسَنُ النَّظَرُ لِلْمَادَّةِ فَيَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ وَقْتَ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ) عِبَارَةٌ أُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا فِي الْأَصْلِ أَوْ جَامِدًا، ثُمَّ انْمَاعَ كَدَقِيقٍ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ، ثُمَّ عُجِنَ أَوْ قَمْحٍ فِيهِ فَأْرَةٌ، ثُمَّ طُحِنَ خِلَافًا لِعُلَمَاءِ الْبِيرَةِ حَيْثُ قَالُوا يُغَرْبَلُ الدَّقِيقُ وَيُؤْكَلُ قَالَ الْحَطَّابُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَائِعِ مَائِعَةً أَوْ يَابِسَةً فَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ إذَا وَقَعَتْ رِيشَةُ غَيْرِ الْمُذَكَّى فِي طَعَامٍ مَائِعٍ طُرِحَ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ النَّجِسُ الْوَاقِعُ فِيهِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ طَهَارَةِ طَعَامٍ طُبِخَ وَفِيهِ رَوْثُ الْفَأْرَةِ وَأُكِلَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَدَمَ التَّنْجِيسِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَهُوَ غَايَةُ الشُّذُوذِ (قَوْلُهُ لَمْ يَتَرَادَّ مِنْ الْبَاقِي إلَخْ) زَادَ الْحَطَّابُ قَالَ، فَإِنْ تَرَادَّ فَهُوَ مَائِعٌ (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ فِي جَمِيعِهِ) دَلَّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبِحَسْبِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ مَائِعَةً) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مَائِعَةً فَقَدْ قَالَ الْحَطَّابُ فَرْعٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْجَامِدِ مَائِعَةً أَوْ غَيْرَ مَائِعَةٍ فِي أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى إمْكَانِ السَّرَيَانِ. اهـ.
وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاقِعُ فِيهِ مَائِعًا أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِ الْبُرْزُلِيِّ أَفْتَى شَيْخُنَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَرْيِ زَيْتُونٍ وُجِدَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ بِأَنَّهُ نَجِسٌ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ اهـ أَقُولُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ بِحَيْثُ يُظَنُّ السَّرَيَانُ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ وَالطَّعَامُ مُتَحَلِّلٌ) أَيْ كَلَبَنٍ جَامِدٍ وَعَسَلٍ جَامِدٍ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ نَحْوِ قَمْحٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ بِحَالٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي رَأْسٍ مُطَّمَرٍ خِنْزِيرٌ وَنَحْوُهُ أُلْقِيَ وَمَا حَوْلَهُ وَأُكِلَ مَا بَقِيَ وَلَوْ سَرَتْ وَأَقَامَتْ مُدَّةً كَثِيرَةً مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ يُسْقَى مِنْ صَدِيدِهَا لَمْ يُؤْكَلْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَاءَ تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ كَافِ التَّمْثِيلِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ إمَّا بِأَنْ يَكُونَ مَا مَضَى لَهُ زَمَنٌ يَنْمَاعُ فِيهِ إلَخْ) كَزَمَنِ الْحَرِّ وَقَوْلُهُ وَإِمَّا بِأَنْ يَكُونَ طَالَ الزَّمَانُ كَزَمَنِ الشِّتَاءِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمَذْهَبِ إلَخْ) أَيْ كَلَامُ سَحْنُونَ تَفْسِيرٌ لِلْمَذْهَبِ أَيْ لَا قَوْلَ مُقَابِلٌ فَفِيهِ تَرْجِيحُ هَذَا عَلَى التَّفْسِيرِ الْمُتَقَدِّمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَذْهَبِ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ.
ثُمَّ إنَّ سَحْنُونًا ذَكَرَ أَنَّ الطَّعَامَ الْجَامِدَ إذَا سَقَطَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَمَضَى لَهُ زَمَنٌ يَنْمَاعُ فِيهِ أَوْ طَالَ الزَّمَانُ طُولًا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهَا سَرَتْ فِي جَمِيعِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ يَنْجُسُ فَقَالَ بَهْرَامُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ سَحْنُونَ تَفْسِيرٌ لِعِبَارَةِ الْمَذْهَبِ لَا أَنَّهُ مُقَابِلٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ) أَيْ فِي الْجَمِيعِ إلَخْ مُفَادُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْقَيْدِ الْمُقَدَّرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي جَمِيعِهِ وَمُفَادُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ السَّرَيَانُ فِي شَيْءٍ لَا يُطْرَحُ شَيْءٌ، وَهُوَ مُفَادُ تت حَيْثُ قَالَ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ أَنَّ مَا لَا يَمْكُثُ سَرَيَانُهَا فِيهِ بِأَنْ أُخْرِجَتْ مِنْ حِينِهَا لَمْ يَنْجُسْ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ كَانَ جَامِدًا لَا يُمْكِنُ سَرَيَانُهَا فِيهِ اهـ.
وَكَذَا فِي صَغِيرَةٍ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَبِحَسْبِهِ رَاجِعٌ لِشَيْئَيْنِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ وَقَوْلُهُ بِجَمِيعِهِ أَيْ، وَأَنْ لَا يُمْكِنَ بِجَمِيعِهِ بَلْ فِي بَعْضِهِ فَبِحَسْبِهِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَصْلًا فَبِحَسْبِهِ أَيْ فَيَكُونُ الْجُزْءُ الْمُلَاقِي لِلنَّجَاسَةِ وَمَا بَعْدَهُ يُؤْكَلُ وَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا بَعِيدٌ (قَوْلُهُ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ تُطْرَحَ وَمَا حَوْلَهَا وَمَا قَارَبَهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا الْتَفَّ عَلَيْهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا إذَا طُرِحَتْ وَحْدَهَا لَا تُطْرَحُ إلَّا بِمَا يَلْتَفُّ عَلَيْهَا قَالَهُ فِي الطِّرَازِ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ فَلَوْ شَكَّ هَلْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي حَالِ الْجُمُودِ أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ، وَهُوَ مَائِعٌ، فَإِنْ تَحَقَّقْنَا أَوْ ظَنَنَّا أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي حَالِ الْجُمُودِ أَوْ فِي حَالِ الْمَيَعَانِ عَمِلْنَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ شَكَكْنَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُطْرَحُ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الْمُرَادِ.
(قَوْلُهُ وَلَحْمٌ طُبِخَ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ طُبِخَ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مِنْ أَنَّهُ إذَا ذُكِّيَتْ دَجَاجَةٌ أَوْ نَحْوُهَا وَقَبْلَ غَسْلِ مَذْبَحَةٍ فَتَصْلُقُهُ لِأَجْلِ نَزْعِ رِيشَةٍ، ثُمَّ يُطْبَخُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْمَدْخَلِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ سَرَى فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ النَّجَاسَةُ (قَوْلُهُ وَزَيْتُونٌ) مِثْلُهُ اللَّيْمُونُ وَالنَّارِنْجُ وَالْبَصَلُ وَالْجَزَرُ وَاللِّفْتُ وَالْجُبْنُ قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ وَإِلَّا غُسِلَ وَأُكِلَ مَا لَمْ يَطُلْ بِحَيْثُ يُظَنُّ غَوْصُ النَّجَاسَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ مُلِّحَ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ أَيْ جُعِلَ فِيهِ مِلْحٌ قَدْرَ مَا يُصْلِحُهُ نَجِسٌ إمَّا وَحْدَهُ وَإِمَّا مَعَ مَاءٍ وَقَوْلُنَا نَجِسٌ أَيْ إذَا كَانَ قَبْلَ طِيبِهِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ إذَا لَمْ يَطُلْ بِحَيْثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute