للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُهْدَةِ السَّنَةِ فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ فِي تَحْرِيمِ الْمَبِيعَةِ وَحِلِّيَّةِ الْأُخْرَى لِطُولِ زَمَنِهَا وَنُدُورِ أَدْوَائِهَا وَقَدْ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى أَنَّ إخْدَامَ الْأَمَةِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يُحِلُّ أُخْتَهَا لِلسَّيِّدِ فَالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ مَا عَدَا السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا هِبَةُ الْأَمَةِ فَلَا يَكْفِي فِي حِلِّيَّةِ أُخْتِهَا مَثَلًا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ قَادِرًا عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا إمَّا بِاعْتِصَارٍ كَمَا إذَا وَهَبَهَا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَإِمَّا بِشِرَاءٍ مِنْ الْمَوْهُوبِ كَمَا إذَا وَهَبَهَا الْمَحْجُورَةَ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ وَلَدٍ بَعْدَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ فَقَوْلُهُ وَأَنْ يَبِيعَ مُبَالَغَةٌ فِي الِاعْتِصَارِ بِمَعْنَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الرُّجُوعُ أَيْ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي هِبَتِهِ بِشِرَائِهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ وَلَدٍ بَعْدَ فَوَاتِهَا.

(ص) بِخِلَافِ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ إنْ حِيزَتْ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِمَنْ يَصِحُّ الِاعْتِصَارُ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِالْمَوْطُوءَةِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ وَحَازَهَا غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ بِكَسْرِ الدَّالِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ كَافِيًا فِي حِلِّيَّةِ وَطْءٍ كَأُخْتِهَا وَهِبَتِهَا لِغَيْرِ ثَوَابٍ لِأَجْنَبِيٍّ لَا يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَصْلًا يَحِلُّ كَالْأُخْتِ وَإِنْ كَانَتْ لِثَوَابٍ فَلَا تَحِلُّ كَالْأُخْتِ حَتَّى يُعَوَّضَ عَلَيْهَا أَوْ تَفُوتَ عِنْدَهُ وَتَجِبُ فِيهَا الْقِيمَةُ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ.

(ص) وَإِخْدَامِ سِنِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَخْدَمَ مَوْطُوءَتَهُ سِنِينَ كَثِيرَةً بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَالْخَمْسَةِ فَمَا فَوْقَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحِلُّ لَهُ وَطْءَ كَأُخْتِهَا وَمِثْلُ السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ حَيَاةُ الْمُخْدَمِ.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا بِمُسَوِّغٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ وَطْءُ الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ فَقَالَ (ص) وَوَقْفٍ إنْ وَطِئَهُمَا لِيُحَرِّمَ، فَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَطِئَ كَالْأُخْتَيْنِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لِوَطْءِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ عَنْهُمَا لِيُحَرِّمَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِمُحَرَّمٍ مِمَّا ذُكِرَ آنِفًا، فَإِنْ أَبْقَى الْأُولَى وَحَرَّمَ الثَّانِيَةَ اسْتَمَرَّ عَلَى الْأُولَى مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَائِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَ لَوَطِئَهَا فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا لِفَسَادِ مَائِهِ، وَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا لِفَسَادِ مَائِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لَاحِقًا بِهِ فَقَدْ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَذْفِ فَإِذَا نَسَبَ شَخْصٌ هَذَا الْوَلَدَ إلَى شُبْهَةٍ فِي نِسْبَةٍ لَمْ يُحَدَّ حَيْثُ نَشَأَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْوَاقِعِ قَبْلَ الْفَسْخِ.

(ص) ، وَإِنْ عَقَدَ

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا بِبَيْعٍ فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ وَلَا عَلَى الْعُهْدَةِ أَوْ الْخِيَارِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَرْنُهُ بِالْعُهْدَةِ أَوْ الْخِيَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَدْوَائِهَا) جَمْعُ دَاءٍ وَهِيَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَخْدُمَهَا سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ مَا عَدَا السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ أَرْبَعَةٌ فَمَا فَوْقَ (قَوْلُهُ قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ وَأَرَادَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ (قَوْلُهُ بَعْدَ حُصُولِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ وَلَدٍ غَيْرَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَأَرَادَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا بَعْدَ حُصُولِ مُفَوِّتِ الِاعْتِصَارِ أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَعْتَصِرُهَا بِالْعِوَضِ، فَإِنْ قُلْت شِرَاءُ الْوَلِيِّ مَالَ مَحْجُورِهِ لَا يَجُوزُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ انْتِزَاعُهَا بِالْبَيْعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ شِرَاؤُهُ مَالُ مَحْجُورِهِ الَّذِي لَمْ يَهَبْهُ لَهُ. وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ لَهُ فَيُكْرَهُ شِرَاؤُهُ لَهُ وَلَا يُمْنَعُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْهِبَةَ لِمَنْ يَعْتَصِرُ لَا تَحِلُّ بِهَا الْأُخْتُ ظَاهِرًا وَتَحِلُّ بِهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ.

(قَوْلُهُ بِشِرَائِهَا) أَفَادَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْبَيْعَ عَلَى الشِّرَاءِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ بِشِرَاءٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَلَدٍ بَعْدَ فَوَاتِهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَهَبَهَا لِابْنِهِ وَفَاتَتْ فَإِنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُ أُخْتُهَا؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اعْتِصَارِهَا بِالشِّرَاءِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي شَرْحِ عب أَوَّلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَتَى حَصَلَ مُفَوِّتٌ جَازَ لَهُ وَطْءٌ كَأُخْتِهَا وَحِينَئِذٍ نَقُولُ لَك مَا فِيهِ الصَّوَابُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَهَبَهَا لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا الثَّوَابُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا فَإِذَا فَاتَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ حَلَّتْ الْأُخْتُ لِثَوَابٍ أَمْ لَا كَانَتْ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ لَمْ تَحِلَّ إنْ كَانَتْ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ كَانَتْ لِثَوَابٍ، وَلَوْ قَبَضَهُ أَمْ لَا وَلِغَيْرِهِ تَحِلُّ إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ ثَوَابٍ كَأَنْ يَكُونَ لِثَوَابٍ وَقَبَضَهُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَحَازَهَا غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّيَّةِ أُخْتِهَا. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِصِحَّةِ الصَّدَقَةِ فَيَكْفِي حَوْزُهُ لِمَحْجُورِهِ وَالْحَوْزُ إمَّا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا أَعْتَقَهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَوْ وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْزِ فَيَمْضِي فِعْلُهُ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ اعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ ابْنُ فَرْحُونٍ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَكْفِي لِقُدْرَةِ الْأَبِ عَلَى انْتِزَاعِهَا بِالْبَيْعِ كَمَا فِي حَقِّ الْيَتِيمِ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ كَالْخَمْسَةِ فَمَا فَوْقَ) بَلْ الْأَرْبَعَةُ كَذَلِكَ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُخْدِمِ بِالْكَسْرِ أَنْ يَطَأَ الْأَمَةَ الْمُخْدِمَةَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَوْ قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ إمَّا؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ حَوْزُ الْهِبَةِ أَوْ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُحْمَلُ مِنْ أَوَّلِ وَطْئِهِ فَيُؤَدِّي إلَى اسْتِخْدَامِ أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ قُلْت حَيْثُ حَرُمَ وَطْءُ الْمُخْدِمَةِ فَلِمَ لَمْ تَحِلَّ بِهِ الْأُخْتُ، وَلَوْ كَانَتْ مُدَّتُهُ قَلِيلَةً كَسَنَةٍ قُلْت لَعَلَّهُ مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ إنَّهَا لَا تَحْرُمُ حَيْثُ قَلَّتْ مُدَّتُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْعِ وَطْئِهَا وَبَيْنَ جَوَازِ وَطْءِ السَّيِّدِ لِلْمُؤَجِّرَةِ كَمَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَظَاهِرُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْقَانِيُّ أَيْ الشَّيْخُ أَحْمَدُ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْفِي إيجَارُهَا فِي حِلِّيَّةِ أُخْتِهَا قُلْت لَعَلَّهُ أَنَّ الْمُؤَجَّرَةَ إذَا حَمَلَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَسَقَطَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأُجْرَةُ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُخْدِمَةِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ خِدْمَتِهَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْدُمَهُ مِثْلَهَا إنْ أَيْسَرَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ وَطِئَ الْمُخْدَمُ بِفَتْحِ الدَّالِ فَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ يُحَدُّ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَدُّ. وَأَمَّا الْمُؤَجَّرَةُ فَيَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَطَأَهَا زَمَنَ الْإِجَارَةِ وَقَالَ بِحُرْمَةِ وَطْءِ الْمُخْدِمَةِ أَبُو الْحَسَنِ.

(قَوْلُهُ وَوَقَفَ إنْ وَطِئَهُمَا) أَيْ أَوْ تَلَذَّذَ بِهِمَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَ لِوَطْئِهَا فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ) هَذَا فِي الْمَوْطُوءَتَيْنِ بِالْمِلْكِ وَفِيمَا إذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا بِنِكَاحٍ وَأُخْرَى بِمِلْكٍ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ النِّكَاحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>