وَلَمْ يَجِدْ لِلْحَرَائِرِ طَوْلًا فَإِنَّ الْحُرَّةَ تُخَيَّرُ إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَ الْأَمَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلْقَةً بَائِنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنْ سَبَقَتْ عَلَيْهَا الْأَمَةُ فَتُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ سَبَقَتْ هِيَ فَتُخَيَّرُ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ مِنْهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ بَدَلَ الْكَافِ وَفِي بَعْضِهَا بِاللَّامِ أَيْ فَالتَّخْيِيرُ لِأَجْلِ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا وَنُسْخَةُ الْكَافِ الَّتِي شَرَحْنَا عَلَيْهَا أَحْسَنُ لِاشْتِمَالِ الْكَلَامِ مَعَهَا عَلَى صُورَتَيْنِ تُفْهَمُ كَيْفِيَّةُ أُولَاهُمَا مِنْ كَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ (ص) أَوْ ثَانِيَةً أَوْ عَلِمَهَا بِوَاحِدَةٍ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ إذَا رَضِيَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَمَةً وَاحِدَةً فَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ ثَانِيَةٍ أَوْ عَلِمَتْ الْحُرَّةُ بِأَنَّهُ مُتَزَوِّجٌ بِأَمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَتَزَوَّجَتْهُ رَاضِيَةً بِمَا عَلِمَتْ بِهِ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَجَدَتْ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لَهَا عَلَى مَا مَرَّ.
(ص) وَلَا تُبَوَّأُ أَمَةٌ بِلَا شَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أُمَّتَهُ غَيْرَ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَنْ تُقِيمَ عِنْدَ سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي خِدْمَتِهَا بَاقٍ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتِ سَيِّدِهَا وَلَا تَنْتَقِلُ مَعَ زَوْجِهَا فِي بَيْتٍ وَهُوَ مَعْنَى التَّبَوُّءِ نَعَمْ إنْ شَرَطَ الزَّوْجُ أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِالتَّبَوُّءِ فَلَهُ أَنْ يَنْقُلَهَا عَنْ سَيِّدِهَا إلَى مَسْكَنٍ غَيْرِ مَسْكَنِ سَيِّدِهَا وَتُبَوَّأُ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ بِلَا شَرْطٍ وَلَا عُرْفٍ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا خِدْمَةَ لَهُ فِيهِمَا كَمَا فِي غَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ تَعْجَزَ الْمُكَاتَبَةُ فَكَالْأَمَةِ. وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَإِنَّهَا لَا تُبَوَّأُ فِي يَوْمِ سَيِّدِهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.
(ص) وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ لَمْ تُبَوَّأْ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ وَلَمْ تُبَوَّأْ مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا السَّفَرَ الطَّوِيلَ وَيَقْضِي لِزَوْجِهَا بِعَدَمِ مُفَارَقَتِهَا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ السَّفَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمُ السَّفَرِ بِهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ بُوِّئَتْ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ السَّفَرُ بِهَا فَإِذَا بُوِّئَتْ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ السَّيِّدَ مِمَّا لَهُ فِيهَا مِنْ الْخِدْمَةِ وَمَا قَالُوهُ فِي النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَافِرَ بِزَوْجَتِهِ إنْ أَمِنَ وَالطَّرِيقُ مَأْمُونَةٌ إلَخْ يُحْمَلُ عَلَى الْحُرَّةِ اُنْظُرْ الْبَرْمُونِيَّ.
(ص) وَأَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دَيْنَهَا إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِ أَمَتِهِ عَنْ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا دَيْنٌ مُحِيطٌ تَدَايَنَتْهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَشَرْطُ الْوَضِيعَةِ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَا بَقِيَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ لَكِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إذْ مَنْ دَخَلَ بِهَا لَهُ وَضْعُ جَمِيعِ صَدَاقِهَا وَدَيْنُ السَّيِّدِ الَّذِي عَلَيْهِ كَدَيْنِهَا وَانْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي إتْيَانِ الْمُؤَلِّفِ بِمِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ صَدَاقِهَا الدَّالَّةِ عَلَى التَّبْعِيضِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِتْيَانِ بِهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ زَائِدَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ الْمُجَوِّزِ زِيَادَتَهَا فِي الْإِثْبَاتِ (ص) وَمَنَعَهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ إذَا زَوَّجَهَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا كَمَا أَنَّ ذَلِكَ لِلْحُرَّةِ.
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
الْأَمَةِ يَنْفَسِخُ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ سَابِقَةً انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ بِأَمْرٍ جَائِزٍ (قَوْلُهُ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ) مُتَعَدٍّ لِوَاحِدٍ وَيُحْتَمَلُ تَعْدِيَتُهُ لِاثْنَيْنِ وَالتَّقْدِيرُ فَأَلْفَتْهُ أَكْثَرَ ك.
(قَوْلُهُ وَتُبَوَّأُ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةُ بِلَا شَرْطٍ وَلَا عُرْفٍ) وَالظَّاهِرُ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفٌ أَوْ شَرْطٌ بِعَدَمِ التَّبَوُّءِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ مُحْتَمِلَةٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ) ، وَلَوْ طَالَ السَّفَرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا السَّفَرَ الطَّوِيلَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا كَانَ قَبْلَ السَّفَرِ وَمَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لِمَنْ يُسَافِرُ بِهَا لَيْسَ فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمَ السَّفَرِ) أَيْ أَوْ يَشْتَرِطَ عَدَمَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ السَّفَرَ) أَيْ أَوْ يَحْصُلْ شَرْطٌ (قَوْلُهُ فَإِذَا بُوِّئَتْ لَيْسَ لِلزَّوْجِ) وَأَحْرَى عِنْدَ عَدَمِ التَّبَوُّءِ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ كَمَا فِي شَرْحِ شب، وَلَوْ تَعَارَضَ الشَّرْطُ وَالْعُرْفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَيَتَقَدَّمُ الشَّرْطُ عَلَى الْعُرْفِ، وَلَوْ جَاهِلِينَ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ بِمَنْزِلَةِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ ثُمَّ هَذَا خِلَافُ مَا فِي شَرْحِ عب مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ الْحُرِّ السَّفَرَ بِمَنْ بُوِّئَتْ كَالْعَبْدِ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُخَافُ ضَرَرٌ عَلَيْهَا فِيهِ دُونَ الْكَثِيرِ لَكِنْ مَا ذَكَرُوا مِنْ كَوْنِهَا تَخْدُمُ سَيِّدَهَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ التَّبَوُّءُ فَلِسَيِّدِهَا فِيهَا مِنْ الِاسْتِخْدَامِ مَا لَا يَشْغَلُهَا عَنْ زَوْجِهَا وَنَفَقَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى السَّيِّدِ بُوِّئَتْ أَمْ لَا وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَلَا تُبَوَّأُ فِي يَوْمِ سَيِّدِهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ.
(قَوْلُهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ لَهَا وَقَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ كُلَّهُ صَارَ بُضْعُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَتْ رُبْعَ دِينَارٍ وَلَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ أَيْ وَقَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ نَقُولُ هُوَ أَيْ السَّيِّدُ قَائِمٌ مَقَامَهَا وَمَالُهَا مَالُهُ فَحَقُّ اللَّهِ حَاصِلٌ بِأَخْذِهِ جَمِيعَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ تَدَايَنَتْهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا) ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ لَهُ وَضْعُ جَمِيعِ الصَّدَاقِ) وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ يُشْبِهُ تَحْلِيلَ الْأَمَةِ أَوْ عَارِيَّةَ الْفُرُوجِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَنْتَزِعُ مَالَهَا كَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ وَالْمُدَبَّرَةِ إذَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ) الْأَوْلَى حَذْفُ مِنْ أَيْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ دَلِيلُ الْعُمُومِ أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ ذِي مِيزَانٍ هُوَ الْعُمُومُ وَكَأَنَّهُ قَالَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْعَامِّ (أَقُولُ) وَإِذَا أُسْقِطَتْ مِنْ فَلَا عُمُومَ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا مُنْقَطِعًا، وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ مُتَعَاطِفِهَا الْأَرْبَعِ إلَخْ تَجِدْهُ لَا صِحَّةَ لَهُ فَالْمَخْلَصُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَبْقَى شَيْئًا إلَّا رُبْعُ دِينَارٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَوْ يُقَالُ إنَّمَا أَتَى بِمِنْ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمَنْعَ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ لَا كُلًّا وَلَا بَعْضًا بِخِلَافِ لَوْ أَسْقَطَ مِنْ لَأَوْهَمَ أَنَّهُ مَعَ وُجُودِهِ لَيْسَ لَهُ وَضْعُ