للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَصًّا، ثُمَّ إِنَّ الضَّمِيرَ فِي "حَلَفَ" يَرْجِعُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشَّامِلِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ رُجُوعِهِ لِلسَّلِيمِ؛ إِذْ قَدْ يَكُونُ الْعَيْبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ عَلَى نَفْيِهِ مَعَ رُجُوعِهِ لِمُتَعَدِّدٍ؛ لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِـ"أَوْ"، وَتُرَدُّ الْيَمِينُ إِنْ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ، وَإِلَّا فَلَا تُرَدُّ، وَحَاصِلُ الْعُيُوبِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، أَرْبَعَةٌ يَشْتَرِكُ فِيهَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ؛ وَهِيَ: الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، والْعِذْيَوْطَةُ. وَأَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ بِالرَّجُلِ؛ وَهِيَ: الْخِصَاءُ، وَالْجَبُّ، وَالْعُنَّةُ، وَالِاعْتِرَاضُ. وَخَمْسَةٌ خَاصَّةٌ بِالْمَرْأَةِ؛ وَهِيَ: الْقَرْنُ، وَالرَّتَقُ، وَالْبَخْرُ، وَالْعَفَلُ وَالْإِفْضَاءُ، وَأَضَافَ مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالرَّجُلِ لِضَمِيرِهِ، وَمَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمَرْأَةِ لِضَمِيرِهَا، وَمَا هُوَ مُشْتَرِكٌ لَمْ يُضِفْهُ، وَبَدَأَ بِهِ لِعُمُومِهِ، فَقَالَ:

(ص) بِبَرَصٍ.

(ش) هَذَا مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَبْيَضِهِ وَأَسْوَدِهِ الْأَرْدَأِ مِنَ الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَاتُ الْجُذَامِ، وَيُشْبِهُهُ فِي لَوْنِهِ الْبَهَقُ، وَلَا خِيَارَ فِيهِ، وَالنَّابِتُ عَلَى الْأَبْيَضِ شَعْرٌ أَبْيَضُ، وَعَلَى الْبَهَقِ أَشْقَرُ، وَإِذَا نَخَسَ الْبَرَصَ بِإِبْرَةٍ خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ، وَمِنَ الْبَهَقِ دَمٌ، وَعَلَامَةُُ الْبَرَصِ الْأَسْوَدِ التَّفْلِيسُ وَالتَّقْشِيرُ، بِخِلَافِ الْآخَرِ، وَالطَّيَّارُ مِنْهُ يَتَزَايَدُ، وَرُبَّمَا انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ.

(ص) وعَذْيَطَةٌ.

(ش) أَيْ وَلِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ إِذَا وُجِدَ بِهِ ذَلِكَ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ: عِذْبَوطُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَإِسْكَانِ الْوَاوِ، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: عِذْبَوْطَةُ، وَهُوَ الَّذِي يَتَغَوَّطُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، هَذِهِ عِبَارَاتُهُمْ، وَلَا رَدَّ بِالرِّيحِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ قَوْلَانِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ تت: هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، رِوَايَةً بِالْمَعْنَى.

(ص) وَجُذَامٌ.

(ش) أَيْ: لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ إِنْ وُجِدَ بِهِ جُذَامٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيِّدَ بِالْبَيِّنِ كَمَا فِي الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ بَيِّنًا تَحَقُّقُ كَوْنِهِ جُذَامًا.

(ص) لَا بِجُذَامِ الْأَبِ.

(ش) يَعْنِي: أَنَّ جُذَامَ الْأَبِ أَوِ الْأُمِّ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، فَلَا يَرُدُّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ لَوِ اشْتَرَى رَقِيقًا فَوَجَدَ فِي أَحَدِ أُصُولِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ أُمٍّ جُذَامًا، فَيَرُدُّهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ.

(ص) وَبِخِصَائِهِ وَجَبِّهِ وَعُنَّتِهِ وَاعْتِرَاضِهِ.

(ش) هَذِهِ الْعُيُوبُ الْمُخْتَصَّةُ بِالرَّجُلِ، يَعْنِي: أَنَّ الزَّوْجَةَ إِذَا وَجَدَتْ بِزَوْجِهَا أَحَدَ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ، فَلَهَا أَنْ تَرُدَّهُ مِنْهَا: الْخِصَى، وَهُوَ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُ الذَّكَرُ أَوِ الْأُنْثَيَانِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْجَوَاهِرِ بِمَا إِذَا لَمْ يُنْزِلْ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَمَامِ اللَّذَّةِ لَا لِلْوَطْءِ؛ وَلِذَلِكَ لَا تُرَدُّ الْعَقِيمُ وَالْخِصَى الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ إِذَا أَنْزَلَ مَثَلَهُ، وَسُلُّ الْأُنْثَيَيْنِ كَقَطْعِهِمَا، وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ كَقَطْعِ الذَّكَرِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح، ثُمَّ إِنَّ حُكْمَ خِصَاءِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ جَائِزٌ لِمَا فِيهِ مِنْ صَلَاحِ لُحُومِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، «وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ خِصَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: بِبَرَصٍ) ، كَانَ الْبَرَصُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا فِي الْمَرْأَةِ اتِّفَاقًا، وَفِي الرَّجُلِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الْيَسِيرِ، وَهَذَا فِي بَرَصٍ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا مَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَلَا رَدَّ بِالْيَسِيرِ اتِّفَاقًا، وَفِي الْكَثِيرِ خِلَافٌ؛ وَلِذَا أَطْلَقَ هُنَا وَقَيَّدَ الْبَرَصَ الْحَادِثَ بَعْدَهُ بِالْمُضِرِّ، وَأَمَّا الْجُذَامُ الْمُحَقَّقُ فَيُوجِبُ الْقِيَامَ مُطْلَقًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: هَذَا مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ ... إِلَخْ) ، هَذَا عَلَى التَّحْقِيقِ، وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ النُّحَاةِ فَهُوَ الْخَبَرُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مَعْرُوفَةٌ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) ، أَيِ: الْأَسْوَدَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجُذَامِ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ أَكْثَرُ سَلَامَةً، وَأَقَلُّ عَدْوَى، وَأَبْعَدُ فِي الِانْتِشَارِ مِنَ الْأَبْيَضِ، كَذَا فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُهُ فِي لَوْنِهِ الْبَهَقُ) ، أَيْ: يُشْبِهُ الْبَرَصَ، الْبَهَقُ بَيَاضٌ يَعْتَرِي الْجِلْدَ بِخِلَافِ لَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ الْبَرَصِ، قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ. فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: "فِي لَوْنِهِ" أَيْ: لَوْنِ الْأَبْيَضِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ فَرْدَيِ الْبَرَصِ.

(قَوْلُهُ: التَّفْلِيسُ) ، أَيْ: يَكُونُ قِشْرُهُ مُدَوَّرًا يُشْبِهُ الْفُلُوسَ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدَّمَ التَّقْشِيرُ عَلَى التَّفْلِيسِ.

(قَوْلُهُ: وَالطَّيَّارُ مِنْهُ يَتَزَايَدُ ... إِلَخْ) : الضَّمِيرُ فِي "مِنْهُ"، الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْبَرَصِ مُطْلَقًا، بَلْ مَا تَقَرَّرَ عَنْ شَرْحِ شَبَّ يَقْتَرِبُ رُجُوعُهُ لِلْأَبْيَضِ.

(قَوْلُهُ: وعَذْيَطَةُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌٍ لِمَا ضَبَطَهُ. (قَوْلُهُ: وَفَتْحُ الْبَاءِ ... إِلَخْ) ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ: أَنَّهُ بِالْيَاءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتُ لَا بِالْبَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا رَدَّ بِالرِّيحِ) ، أَيِ: الرِّيحِ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي الْبَوْلِ فِي الْفَرْشِ قَوْلَانِ، مُفَادُ الْخِطَابِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَتَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَادُ هَذَا، وَأَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ فِيمَا إِذَا كَانَتْ تُكْثِرُ الْقِيَامَ لِلْبَوْلِ لَا أَنَّهَا تَبُولُ فِي الْفَرْشِ.

(قَوْلُهُ: رِوَايَةً بِالْمَعْنَى) ، أَيْ: فَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَرَادَ بِالْحَدَثِ الْغَائِطَ فَقَطْ، وَكَذَا اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغَائِطُ خَاصَّةً، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلْبَوْلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْتُهُ مَرْضَى بَعْضِ الْأَشْيَاخِ، وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ الْبَوْلَ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ، وَفِي الزَّعِرِ قَوْلَانِ، وَالزَّعِرُ قِلَّةُ شَعْرِ الْعَانَةِ.

(قَوْلُهُ: تَحَقُّقُ كَوْنِهِ جُذَامًا) ، أَيْ: وَلَوْ قَلَّ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ جُذَامًا لَمْ يُفَرََّقْ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْبَرَصُ وَالْجُذَامُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْخِيَارُ فِي صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ مَا بِكُلِّ وَاحِدٍ بِسَبَبِ الِاجْتِمَاعِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ بِكُلِّ وَاحِدٍ الْعَذْيَطَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ جُنُونَ كُلٍّ كَجُذَامِ كُلٍّ، كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَيْبٌ) ، أَيْ: فِي بَابِ الْبَيْعِ دُونَ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْهَا الْخِصَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَقْصُورٌ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُصَنَّفِ مَمْدُودٌ، وَقَوْلُهُ: "وَهُوَ - أَيِ: الْخِصَاءُ - الشَّخْصُ الَّذِي ... إِلَخْ". وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ، فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ وَهُوَ أَيِ: الْخِصَاءُ - صِفَةُ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُ الذَّكَرُ

إِلَخْ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَبِّ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) ، أَيْ: قَيَّدَ مَقْطُوعَ الْأُنْثَيَيْنِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ ... إِلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ لَا يَسْتَقِيمُ إِلَّا بِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: لِأَنَّ الْخِيَارَ إِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَمَامِ اللَّذَّةِ فَقَطْ لَا لِعَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ عَدَمِ الْوَلَدِيَّةِ؛ وَلِذَلِكَ لَا يُرَدُّ بِالْعُقْمِ وَيُرَدُّ بِالْخِصَاءِ قَائِمُ الذَّكَرِ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ الَّذِي لَمْ يُنْزِلْ، وَلَوْ قُلْنَا: لِعَدَمِ الْوَطْءِ، لَمَا كَانَ رُدَّ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ) ، وَانْظُرْ قَطْعَ بَعْضِهَا وَالظَّاهِرُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>