وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب، فرمى بها قريشا، وقال:«شاهت الوجوه» وقال لأصحابه:
«شدّوا» فكانت الهزيمة، وكانت تلك الحصباء عظيما شأنها، لم تترك أحدا من المشركين إلّا ملأت عينيه، وجعل المسلمون يقتلونهم، ويأسرونهم، وبادر النفير إلى كل رجل منهم منكبّا على وجهه، يعالج التراب، ينزعه من عينيه، وذلك قوله تعالى: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى أي: عمّ جميعهم، وما في قبضتك إلّا ما يبلغ بعضهم، فالله هو الذي رمى سائرهم.
وذكر المقريزي في «إمتاع الأسماع» : إنّ هزيمة القوم كانت عند الزوال، وكان الرجل يومئذ يرى الملك على صورة رجل يعرفه، وهو يثبّت ويقول له: ما هم بشيء، فكر عليهم، وذلك معنى قوله تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا.
قال سيدنا حسان رضي الله عنه:
ميكال معك وجبرئيل كلاهما ... مدد لنصرك من عزيز قادر