رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بل نترفق به، ونحسن صحبته ما بقي معنا» .
وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث.. كان قومه هم الذين يعاتبونه ويعنّفونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك من شأنهم:«كيف ترى يا عمر؟ أما والله؛ لو قتلته يوم قلت لي اقتله.. لأرعدت له آنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته» قال: قال عمر: قد والله علمت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أعظم بركة من أمري.
قال السهيلي:(وفي هذا العلم العظيم، والبرهان المنير من أعلام النبوة؛ فإنّ العرب كانت أشد خلق الله حميّة وتعصبا، فبلغ الإيمان منهم، ونور اليقين من قلوبهم إلى أن يرغب الرجل منهم في قتل أبيه وولده؛ تقربا إلى الله وتزلفا إلى رسوله، مع أنّ رسول الله عليه الصّلاة والسّلام أبعد الناس نسبا منهم، وما تأخّر إسلام قومه وبني عمه وسبق إلى الإيمان به الأباعد.. إلّا لحكمة عظيمة؛ إذ لو بادر أهله وأقربوه إلى الإيمان به.. لقيل: قوم أرادوا الفخر برجل منهم وتعصبوا له، فلمّا بادر إليه الأباعد، وقاتلوا على حبه من كان منهم أو من غيرهم.. علم أنّ ذلك عن بصيرة صادقة، ويقين قد تغلغل في قلوبهم، ورهبة من الله أزالت صفة قد كانت سدكت في نفوسهم من أخلاق الجاهلية، لا يستطيع إزالتها إلّا الذي فطر الفطرة الأولى، وهو القادر على ما يشاء) .