وأمّا عبد الله بن عبد الله: فكان من كتّاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان اسمه حباب، وبه كان يكنى أبوه، فسمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، رضي الله عنه.
وروى الدّارقطني مسندا: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم مرّ على جماعة فيهم عبد الله بن أبيّ، فسلّم عليهم، ثمّ ولى، فقال عبد الله: لقد عتا ابن أبي كبشة في هذه البلاد، فسمعها ابنه عبد الله، فاستأذن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في أن يأتيه برأس أبيه، فقال:«لا، ولكن برّ أباك» .
وسيدنا عبد الله هذا كان ممّن شهد بدرا وأحدا والمشاهد، ذكره الحافظ في «الإصابة» وأنّه استشهد باليمامة في قتال أهل الردّة سنة اثنتي عشرة.
وفي قصته هذه ما يدل على عظيم إيمانه، وقوة محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قيل: نزل فيه وفي أمثاله من الصحابة الأجلّاء قول الله عزّ وجلّ: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ الآية.
وفيها تمجيد وتعديل من الله تعالى لأولئك الصحب، وثناء من قبله تعالى عليهم، وأنّ محبتهم له ولرسوله بلغت بهم ذلك المدى وتلك التضحية، وأنّه كتب الله في قلوبهم الإيمان، وأنّه أثبته وأيّدهم، وقواهم بروح منه هو النور،