فلنقتضب من ذاك ما لا يسع ... في الحقّ أن يجهل ذاك الأورع
وما يكون شرف المجالس ... جلا العلا للحافظ المدارس
تعلو به الرّتبة عن يقين ... في شرف الدّنيا وحكم الدّين)
قلت: ومنظومتنا هذه هي فصل الخطاب، والآية في الإعجاب، لا تدع شاذّة ولا فاذّة من عيون المغازي إلّا أتت عليها بأبدع أسلوب وأسلس تعبير، فهي الفريدة في بابها، الممتعة لطلّابها، وها هي ذي بين أيدينا ترفل في أثواب حسنها، مدبّجة بكلام الحفاظ والمهرة، من نقدة أهل هذا الشأن، فليحكم لها أو عليها.
ثم اعلم: أنّ أهل السير لا يتقيّدون بالصحيح من الأخبار، بل يذكرون الصحيح والسقيم، والبلاغ والمرسل، والمنقطع دون الموضوع، ومن أجل ذلك قال العلّامة العراقي في «ألفيّته» في المغازي والسير:
وليعلم الطالب أنّ السّيرا ... تجمع ما صحّ وما قد أنكرا
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل كغيره من الأئمّة:(إذا روينا في الحلال والحرام.. شدّدنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها.. تساهلنا) والله أعلم.
وهذا أوان الشروع في المقصود بعون الملك المعبود فنقول: