فيها، بل هي أولى بذلك، كما قال السهيليّ، وبعمرة القضية، من المقاضاة التي كان قاضاهم عليها، على أن يرجع عنهم عامهم هذا، ثمّ يأتي في العام القابل، ولا يدخل مكة إلّا في جلبان السلاح، وألّا يقيم أكثر من ثلاثة أيام، لا من القضاء مقابل الأداء؛ لأنّها كانت عمرة صحيحة، وعدّت من جملة عمره صلى الله عليه وسلم.
وهذه العمرة هي المذكورة في قوله تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ الآية.
وخلاصة الكلام عليها أخذا من كلام ابن إسحاق وغيره:
أنّه عليه الصّلاة والسّلام لمّا رجع من خيبر إلى المدينة.. أقام بها فيما بين الربيعين وشوال يبعث سراياه، حتى إذا كان في ذي القعدة.. خرج وخرج معه المسلمون، ممّن كان صدّ معه في عمرته تلك، واستعمل على المدينة عويف بن الأضبط الدّؤليّ، وساق ستين بدنة وقلّدها، وجعل عليها ناجية بن جندب، وحمل عليه الصّلاة والسّلام السلاح والدروع والرماح، وقاد مئة فرس، وجعل عليها محمّد بن مسلمة رضي الله عنه، وعلى السلاح بشير بن سعد، ولم يكن قصده عليه الصّلاة والسّلام أن يدخلها بالسلاح، ولكن يكون بالقرب إن هاجهم هيج من القوم، وجعل السلاح في بطن يأجج بالقرب من الحرم، وجعل عليه نحو المئتين من أصحابه.